مساء كل ثلثاء من كل أسبوع برنامجي ووقتي محجوز لمجالس الأهل والأصدقاء. .. الأول من أمس ومن بعد صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء وكالعادة بدأت بمجلس المرحوم عبدالرحمن خليل المؤيد الذي يديره وبكل حكمة واقتدار وسعة صدر ابناه خالد وعماد اللذين يتعمدون أن يلبسوا لباسين مختلفين "وهذا من كرمهم ومن الأتيكيت" حتى لا يحرجوا زوارهم مختلفي الجنسيات والثقافات... الأخ خالد وبصفته الأكبر يلبس الثياب العربية ويدير مجلس الكرم والتجارة... والأخ عماد هو الأصغر ويلبس دائما البدلات الإفرنجية ويساعد في إدارة المجلس الذي يكون رواده دائما السفراء المعتمدون في مملكة البحرين ورؤساء البعثات الدبلوماسية والكثير من كبار التجار ووجهاء البلد وضيوفهم الأجانب وأنا طبعا ودائما في المقدمة... نصف رواد المجلس يلبسون الثياب العربية والنصف الآخر يلبسون البدلات الإفرنجية والبعض يتحدث بالعربية والبعض الآخر باللغة الإنجليزية وإذا حضرت السفيرة الفرنسية فإن الأخ خالد المؤيد يتحدث إليها باللغة الفرنسية وهي ترد عليه باللغة العربية لأنها تتقنها نطقا وكتابة... لغات متعددة وألبسة مختلفة ممزوجة بثقافات محترمة، وهذا ما يعطي المكان "مجلس المؤيد" نكهة خاصة وفريدة من نوعها... بعد صلاة العشاء توجهت إلى درة المجالس وهو مجلس العم والأب العزيز قاضي القضاة وكبير المقام في مجلس العائلة الشيخ عبدالله بن خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يديره بكل اقتدار وتواضع بمساعدة أبنائه الشيوخ محمد وخليفة ومبارك... هذا المجلس هو الذي بحق وحقيق درة المجالس البحرينية من حيث سعة أفق وغزارة معلومات أهل المجلس الأدبية والتاريخية... المتواضعين البشوشين دائما... ومن حيث نوعية الزوار العلماء والمثقفين ومن حيث الكرم والجود الذي يبدأ بالخنفروش والرطب وينتهي بالعشاء الفاخر... عندما وصلت إلى مجلس الشيخ عبدالله "في الأول من أمس" كان الضيف الرئيسي هو شمعة السفراء المعتمدين سفير دولة الكويت المنتهية فترة عمله في مملكة البحرين الأخ العزيز جاسم مبارك المباركي... اللباس المعتمد في المجلس طبعا هو اللباس العربي البحريني وأصحاب البدلات الإفرنجية أعدادهم قليلة جدا إن لم يكن معدوما أحيانا... أنا شخصيا كانت لدي معلومات متواضعة عن الثقافة العالية التي يتمتع بها السفير المباركي ولكن الذي نكش الموضوع وتحرش ببنك الثقافات والمعلومات "السفير الكويتي" هو الأخ مبارك بن عبدالله... ابتدأها بسؤال بسيط عن منطقة في الكويت فأجابه السفير على سؤاله ثم سؤال آخر عن منطقة أخرى فأجابه السفير ثم سأله عن أشخاص معينين وعوائل معينة فأجابه السفير ثم عن عوائل أخرى فإذا ببنك التاريخ والمعلومات لدى السفير الكويتي يفتح أبوابه لجميع الحضور في مجلس الشيخ عبدالله بن خليفة آل خليفة... وإذا بجميع الموجودين صامتين مستمعين منصتين ومندمجين في سرد المباركي للتاريخ الخليجي القديم والمتوسط والحديث... يتحدث السفير بلغة عربية مخلوطة بين الفصحى وبين اللهجة الكويتية المعروفة ويسرد تاريخ العوائل منذ نشأتهم وتاريخ الدول وتكوينها وتاريخ الحروب العربية الأجنبية والعربية العربية... عندما وصل الأمر إلى إحدى الحروب العربية العربية في إحدى مناطقنا الخليجية تحدث السفير عن قصيدة ألقيت قبل بداية الحرب بليلة تحمس المقاتلين استعدادا للقتال... ثم ألقى المباركي القصيدة بكل اقتدار وبفصاحة لسان افتقدناه منذ زمن طويل ما جعل جميع الحضور يرددون معه القصيدة ويطلبون منه المزيد... ولكنه بكل دبلوماسية وأدب اعتذر للمغادرة مباشرة بعد ماء الورد والطيب... بعد أن سلم شمعة السفراء سفير دولة الكويت جاسم مبارك المباركي على الشيخ عبدالله بن خليفة آل خليفة مغادرا درة المجالس سلمت أنا بعده مودعا العم العزيز وفي نفسي أقول... ما بعد العود قعود