يبدأ أعضاء مجلسي الشورى والنواب جلساتهم عادة بتصديق مضبطة الجلسة السابقة بعد إبداء ملاحظات الأعضاء عليها، وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الشورى كان الأمر أيضا كذلك، إذ طلب الرئيس من الأعضاء إبداء ملاحظاتهم على مضبطة الجلسة السابقة فقام أحد الشوريين وكان جالسا في أقصى المجلس ملوحا بيده من بعيد طالبا "الكلام" لإبداء ملاحظاته على تلك المضبطة، فأذن له الرئيس. وقف ذلك العضو ليقول: "سيدي الرئيس، إن في التقرير الفلاني من المضبطة، في الفقرة الفلانية، وفي السطر الفلاني ذكرت كلمة الحكومة غير ملحوقة بكلمة الموقرة، فأرجو تعديلها".

كنت أراقب الجلسة، وعندما رأيت صاحبنا يلوح بيده من بعيد أقصى ظننت الأمر مهولا، وظننت أن لديه من الملاحظات على مضبطة الجلسة ما يعيد طباعتها من جديد، وما يستدعي توبيخ الأمانة العامة على عدم اكتراثها وتأنيها في إعداد مضابط الجلسات، إلا أن صاحبنا لم يكن كذلك ويبدو أن عينه لم تقع على شيء من كلمات المضبطة إلا على كلمة واحدة هي "الحكومة" والمحشورة بين آلاف الكلمات التي اكتظت بها المضبطة، ليتأكد أنها كانت موقرة أم لا!

طبعا، لست ضد توقير الحكومة، ولست ضد الرتابة في التسميات، ولكنني ضد أن تكون تلك التسميات أولوية في لغة المشرعين والمراقبين، فهل أن الحكومة "ستزعل" لو سقطت كلمة الموقرة سهوا منها في مفردة واحدة بين عشرات المفردات التي وقرت فيها توقيرا عظيما لا إحصاء لعدده، ولا حصر لمدده؟ لا اعتقد أنها ستلتفت أصلا لذلك كما التفت "سعادة" العضو بعينيه اليماميتين اللتين تلتقطان من بعيد كل ما "يوقر الحكومة"، وذلك للإثبات بالدليل القطعي وأمام عدسة الإعلام أن في السلطة التشريعية من هو حكومي أكثر من الحكومة