الأستاذ حسين الصباغ "لمن لا يعرفه" دبلوماسي مخضرم عمل فترة طويلة في وزارة الخارجية سفيرا لمملكة البحرين في عدة دول، وكان آخرها في الصين. .. من عادة الأستاذ حسين أن يؤلف كتبا عن الدول التي يكون فيها سفيرا لنا لذلك كان قد ألف كتابا عن الصين وكانت لديه رغبة في أن يهديني نسخة من هذا الكتاب.. اتصل بي تليفونيا وعزمني "تذكروا جيدا عزمني" على فنجان قهوة في مجمع تجاري على شارع البديع... بالأمس كان موعد العزومة وذهبت إليه صباحا لأجد معه على الطاولة شخصين محترمين... أحدهما عبدالجبار عبدالغفار والآخر يدعى ناصر... جلسنا على طاولة المقهى الذي بجانب السوبرماركت وأخذنا نتبادل الأحاديث الطريفة ونحن نرتشف فناجين القهوة وأكواب الشاي... كانت غالبية موضوعات النقاش تدور حول الموظفين في وزارة الخارجية ومدى حبهم الشديد لجمع المال وكرههم المقيت لصرفه... الأقاويل والنكت كانت في مجملها عن طرائف وقصص السفراء البحرينيين البخلاء جدا وموظفي السفارات البحرينية الذين هم أبخل من السفراء... من الطرائف العجيبة التي يرويها الأخ حسين الصباغ عن أصدقائه البخلاء أنه عندما كان سفيرا في الصين زاره هناك أحد الأشخاص... وكان الأخ لابسا بنطلونا وقميصا ولا يوجد لديه ثياب غيرهما ما عدا شنطة صغيرة فيها أدوات الحلاقة وغيار داخلي وسكن معه ببلاش في سكن السفارة ولعدة أيام من دون أن يغسل أو يرسل أيا من ملابسه إلى الغسيل "طبعا ما عنده غيرهم"... تحدثنا لمدة أكثر من ثلاث ساعات وضحكنا على قفشات ونكات بخلاء وزارة الخارجية المأسوية المضحكة... يقول المثل ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ولكني أنا لدغت أكثر من مرتين ودائما من موظفين يعملون في وزارة الخارجية... في مطلع الثمانينات كنت في زيارة إلى إحدى العواصم الأوروبية وعندما كنت في السفارة البحرينية هناك سألني أحد الموظفين الدبلوماسيين أن ألبي دعوته لي للعشاء في مطعم إيراني فاخر فوافقته... وعند المساء حضر إلي في الفندق ومعه ثلاثة من أصحابه وتوجهنا معا إلى المطعم الذي كان فعلا فاخرا جدا... جلسنا على الطاولة وابتدأت الطلبات الكثيرة من قبله وأنا لا أتكلم... الطلبات الغذائية والأخرى غير الغذائية كانت كثيرة وأنا كنت طبعا مبسوطا جدا من هذا الكرم الحاتمي... قضينا تقريبا أربع ساعات جميلة من الحديث وأكل الصحون الكثيرة والشهية وبعدها استأذن الجميع "الواحد بعد الآخر" للذهاب إلى الحمام وجلست لوحدي فحضر الجرسون ماسكا بيده فاتورة الحساب ووضعها على الطاولة... تركتها ولم أنظر إليها لأني المعزوم "الضيف" والفاتورة لا تعنيني... انتظرت الدبلوماسي صاحب الدعوة وصديقيه الموجودين معه في الحمام لمدة أكثر من نصف ساعة ولم يحضر أحد منهم والجرسون رايح جاي علي... ماذا أعمل؟... مسكت الفاتورة لأصعق من المبلغ المطلوب فسألت الجرسون ما هذا؟ قال: البيل... قلت له هذا فيل وليس بيل... لكن ماذا أعمل اضطررت لدفعه... وبعد أن دفعت الحساب خرج الدبلوماسي وصاحباه من الحمام وحضروا إلى الطاولة وهم يتكلمون ويبتسمون... ولا كأن شيء حصل... والله عليهم ويه بليته
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1033 - الإثنين 04 يوليو 2005م الموافق 27 جمادى الأولى 1426هـ