العدد 1033 - الإثنين 04 يوليو 2005م الموافق 27 جمادى الأولى 1426هـ

"الموناليزا" أسطورة كونية

باريس - كلودين كانتي 

تحديث: 12 مايو 2017

لا تبدو أشهر امرأة في العالم، ليزا غيرارديني زوجة التاجر الفلورنسي فرنسيسكو دل جيوكوندو، المسماة "لاجوكوندا" في الـ 500 عام من العمر، انما العكس، فهي في صحة جيدة، ومازالت نظرتها تلاحق الزائر وربما تهوسه وابتسامتها محيرة ويداها مافتئتا مكتفتين وبالنعومة ذاتها، ثمة تغيير وحيد وجوهري هو انتقالها للمرة الثامنة في قصر اللوفر حيث تسكن منذ العام . 1798 لكن هذه المرة هي الأخيرة والنهائية.

خلدها في بداية القرن السادس عشر الرسام ليوناردو دافنشي "1452 - 1519" وعرفت باسم موناليزا "مونا هو تصغير مادونا أي السيدة في اللغة الايطالية، وليزا: اسمها" لاستقبالها في جناحها الجديد أي قاعة الدول "الاسم السابق لهذه القاعة" تمت أشغال تجديد وتوسيع وإعادة تنظيم دامت أربع سنوات بإشراف معماري من البيرو هو لورنزو بيكيراس.

في الواقع جرى ذلك ليتمكن نحو 6 ملايين شخص يزورون كل عام الموناليزا، من مشاهدتها من دون تضييق على جزء من المتحف أو اقفال المرور حتى روائع الرسم الايطالي الأخرى.

حملت القاعة الشاسعة التي تبلغ مساحتها 840م،2 تحت سقف زجاجي جديد بإنارة نهارية، وأرضية خشبية جديدة، مع تكييف وعوازل صوتية، اسم "قاعة الموناليزا" وتربعت السيدة في خزنة مكيفة، محكمة الإقفال على منصة تحتل ثلثي مساحة القاعة، مقابل تحفة أخرى في الطرف الآخر هي "عرس قانا" لفيرونيز "1528 - 1588" اكبر لوحات اللوفر: "6,77م علو، 9,94م طول". وزينت جدران القاعة الجانبية وراء المنصة الجديدة نحو خمسين لوحة من القرن الذهبي لرسوم البندقية في القرن السادس عشر لـ : تيتيان، تانتوري، باسانو، فيرونيز لورنزولوتو.

بسبب الفارق في الحجم بين "النجمتين" "لوحة الموناليزا من خشب الحور بقياس 77*54سم*13مم" كان من المستحيل وضعهما جنبا الى جنب مع "عرس قانا". يفسر المهندس المعماري ذلك قائلا: "اردت ألا تكون الموناليزا وعرس قانا في الحقل البصري نفسه، فوجدت الحل بوضعهما متقابلتين، بحيث نضطر لإدارة الظهر للأولى من أجل تأمل الأخرى". علاوة على مسافة 28م تفصل بينهما، هذا ما يلبي امنية فيرونيز طالب اللوحة، والتي صممت من أجل رواق دير سان جورج في البندقية الذي يتجاوز طوله 28 مترا بقليل.

يتم الدخول الى قاعة الموناليزا اليوم عبر الغاليري الكبيرة، "مقر الرسم الايطالي" ومن خلال ممرين جديدين، مشرعين من جهتي محل عرس قانا وممر آخر خلف الموناليزا عن بعد، تبدو الموناليزا فعلا صغيرة جدا، لكن يدعى الزائرون نحو وسط الغرفة، "في الحقيقة يتهافتون بحسب التجربة يوم الافتتاح" محررين بذلك الممرات الجانبية المؤدية الى رسوم البندقية.

حظيت القاعة بأسرها بالانارة نفسها "طبيعية واصطناعية" بحسب التقنيات الجديدة، فالإنارة الاصطناعية متوافرة من دون اي مصدر مرئي، انما عبر مصادر "فليو" كائنة في التجويف، يقي الموناليزا زجاج فائق السماكة والشفافية مضاد للانعكاس "أفضل ما هو موجود في الاسواق بحسب تصريح سيسيل سكالييريز، أمينة متحف تهتم منذ عشرين عاما بالموناليزا وكرست لها كتابا"، وحظيت أيضا بمصدر ضوئي كتوم في الأعلى داخل إطار قوسي يحيط بها ويحوي شبه مصنع من الالكترونيات، حدد المهندس المعماري موقعها بهذا الشكل بحيث تكون أعين الزوار في مستوى يديها.

كيف اصبحت هذه التحفة التي لا تحمل توقيعا ولا حتى تاريخا ما، ولم يصلنا عنها أي رسم تحضيري، أشهر لوحة في العالم؟ كشف رسام من فلورنسا هو جيورجيو فاساوي تاريخها المحتمل ما بين 1502 و1506 واسم الموديل، لكنه لم يسبق له ان رآها ولم يكن يعرف ليوناردو دافنشي انما وضع تاريخ حياته العام 1550 أي بعد 31 عاما على وفاة الأخير.

حملها الرسام الى فرنسا تلبية لدعوة من الملك فرنسوا الاول ولم تكن لوحة الموناليزا منتهية، اشتراها الملك بسعر مرتفع العام 1518 لم يعرف ابدا بالضبط سرعان ما اصبحت "الرائعة" من دون جدال وقمة فن البورتريه في القرن السادس عشر، تستلهمها أجيال من الرسامين ومن دون ان يتمكن أحد من ابتكار "سفوماتو" "أي ناشرة الضباب باللغة الإيطالية" التي "تهدف إلى ابراز النقوش وإظهار الأشكال مع التخفيف من التعاكس والدوائر "بحسب تفسير سيسيل سكالييريز"





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً