تجارب كثيرة مرت بها البحرين وفي مراحلها الكثيرة المتعددة والمتغيرة والمتناقضة في أحيان كثيرة خلصت إلى أن الوصول إلى أهداف الأفراد ليست صعبة ألبتة، وهؤلاء الأفراد هم ليسوا بسحرة أو أصحاب فال أو أناس تسخر جان، بقدر ما هم أفراد عرفوا وفطنوا أصول اللعبة التي دخلوها فوصلوا إلى أهدافهم، والأفراد في سطورنا هنا لا نعني بهم أحدا معينا غير من أرادوا أن يصلوا إلى المناصب والكراسي، ووصلوا سواء كانت كراسي نيابية أو شوروية أو حتى صناديق خيرية، فلكل منها لعبة. .. ولكل منهم هدف يبتغي هذا المنصب أو الكرسي أملا في الوصول إلى الهدف الاسمى الذي يريده.
فنوعية من الكراسي يبتغي الوصول لها أن تكون مواظبا مداوما على الصلاة في الجامع الملاصق لبيتكم أو بيت أحدهم، ولا تنس إبداء التحايا المبالغ فيها بالاضافة إلى مجالسة علماء الدين وعزمهم بين فترة وأخرى حتى تثبت إيمانك وتدينك، وكراسي أخرى لربما أرقى من سابقتها تبتغي الدوام والمواظبة في مجلس فلان الفلاني أيا كان وأيا هي رتبته، تبتغي من خلالها إبداء كامل الولاء والاخلاص، بل إنك معرض لامتحانات قاسية بين فترة وأخرى وبين موقف وآخر، وعليك أن تثبت من خلالها إخلاصك وودك وولاءك التام والكامل والمطلق إلى هذا الفلان، علما أن مدة الوصول إلى هذا الكرسي أطول بكثير من سابقتها، إذ تمتد أحيانا إلى سنوات لإثبات شروط هذا الكرسي وهي مليئة أيضا بالذل والاهانات والاحراجات!
ولا ننس طبعا تلك الكراسي التي لا يتم الوصول لها إلا عن طريق الناس، فهي أصعب قليلا... ولكنها مجدية! وإن أطلقنا عليها عن طريق الناس فإننا بالتأكيد نقصد الانتخابات الحرة النزيهة!
فسياسة إرضاء أكبر شريحة هي ليست بهدف كامل بقدر ما يتوجب عليك إرضاء الكل، فمن هنا تأتي شطارة اللعبة، فالعامل الذي يتشارك غالبية الناس فيه هو شعارات معينة لا تخرج عن تعديل الحال الاقتصادية للمواطنين والقضاء على البطالة وحل مشكلات الاسكان!
فلو رجعنا قليلا إلى الوراء وتذكرنا اللوحات والإعلانات الانتخابية التي ملأت الشوارع طولا وعرضا فسنرى أن غالبيتها تتحدث عن هذه الشعارات... ولكن هل طبق من كتبوا الشعارات المبتكرة آنذاك أو على الأقل هل هم تذكروا هذه الشعارات؟ أم أنهم لعبوا اللعبة صح ووصلوا.
لذلك ترى من أراد ترشيح نفسه سواء كان ساقطا في الانتخابات السابقة أو جديدا، فبدأ يلعب اللعبة نفسها ولربما بتقنيات مختلفة "قليلا" شعاره حقوق المواطنين ولا أحد غير المواطنين! وآخر بدأ يلعب لعبتين في آن! لعبة الفقراء لكرسي "منتخب" من خلال ممارسة دور الأب الحنون على فقراء المنطقة من خلال صندوق خيري هنا، ولعبة أخرى لمنصب "معين" من خلال لعب لعبة النفاق المبالغ فيه والمبتذل في أية مناسبة رايحة وأخرى جاية!
هذا على صعيد من لم يحصل على الكرسي... ولكن من لعبوا صح ووصلوا مثل النواب، وأرادوا أن يعيدوا الكرة في البرلمان... فسيجدون أن اللعبة الاقتصادية هي أسهل وأسرع طريق إلى قلب الناخب، وطبعا هذا القرار أتى عن خبرة ووصل إلى القناعة المطلقة... فتراهم يصولون ويجولون في مشروع العمر الذي سيعدل الحال الاقتصادية للمواطن البحريني، وهو "البونس" الذي يدفع لمرة واحدة في العمر... المشروع الذي شغلهم لأشهر طوال من المطالبة أو الطرارة من الحكومة إن صح التعبير... المشروع الذي فضح سطحية ومحدودية تفكير بعض النواب... المشروع الذي لو تخلوا عنه لحفظوا ما تبقى من ماء وجوههم إلى نهاية الدورة الحالية على الأقل... المشروع الذي يحسبه مناصروا أصحابه بأنه إنجاز يضاهي تحرير الجنوب اللبناني من المحتل الاسرائيلي!
هو مشروع لو يطالبوا بتوقيفه لهو أشرف وأكرم للمواطن البحريني من هذا الذل الذي عرضوا الناس له... فحتى لو دفع فإنه قد فقد رونقه وفقد حلاوته وفقد فرحته وأصبح "ماسخ الطعم"، فهذا المشروع ولد من البداية "ناقص أعوج معوق كسيح"... ولد من البداية حاملا معه جميع شعارات التمييز بين موظفي القطاع الخاص والعام، هو مشروع يجسد أصلا محاولة النواب في المواصلة المستميتة في توسيع الهوة بين موظفي القطاع الخاص والعام، هو مشروع فاشل لا عليه أية علامة من علامات التباهي ولا يضيف شيئا لرصيد أصحابه! وكفوا عنا مشروعات كسيحة مثل البونس واعرضوا بما تبقى من وقت لكم مشروعات بها فائدة "للجميع" على الأقل!
إضاءة
بماذا يختلف برنامج صيف البحرين هذا العام؟ وما الجديد الذي أتى به؟ هل هو نسخة مكررة من سابقيه أم استفاد القائمون عليه من سابقيهم؟ويا خبر بفلوس... بعد شهر بيكون ببلاش
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1032 - الأحد 03 يوليو 2005م الموافق 26 جمادى الأولى 1426هـ