بالأمس أمضيت ساعات أقرأ فيها الدستور الأميركي لأقترب أكثر في قراءة الوضع الداخلي للولايات المتحدة الأميركية إضافة إلى بعض الكتب التي منها "الشفافية في الحكم. .. كيف يؤثر المواطن الأميركي في السياسة العامة" بقلم إلين إم كاتز... لا أحب أن أقرأ عن أي محظور أو أية دولة أو أي كتاب بحثا عن العفريت وعندي قاعدة معرفية انك كلما قرأت عن الآخر عرفت نصف قوته من إيجابيات وسلبيات.
هناك كلمة لسياسي كبير يقول فيها: "إن حكومة شعبية من دون معلومات شعبية أو وسائل الحصول عليها ليست إلا مقدمة لمهزلة أو فاجعة أو ربما الاثنتين معا". كثير من المفكرين وصلوا إلى نتيجة أن السياسة الداخلية لأميركا أفضل بكثير من السياسة الخارجية. لا علينا، دعونا نقرأ حقوق المواطن الأميركي ومن ثم نقوم بإسقاطها على واقعنا. ليس فقط عند الدولة الأميركية بل حتى دول أوروبا. تعلمت منذ كنت صغيرا وعبر عالمنا العربي الثوري الهائج أن أقذف الغرب بحجارة الكلمات وكان يصور لنا أن الديمقراطية في الغرب هي حرية المعصية وكفى ثم ينقطع الخطاب. دعونا نعقد المقارنات ونضع عالمنا العربي في الميزان ونضع معه أحوال المواطن الغربي.
1- في أميركا وفي الغرب يمكن للمواطنين ممارسة النفوذ على الحكومة على أساس يومي وليس في يوم الانتخابات فقط. سؤالنا: هل بإمكانك أن تجلس في العالم العربي مع الوزير قبل أن يمر على موعدك معه 5 شهور؟ هل بإمكاننا عربيا أن ننتقد الحكومة في أخطائها من دون أن يتحرك جيش الكتبة للتشهير بنا في الصحافة؟ أضرب مثالا: لماذا هذا الصمت اليوم في البحرين عن حقيقة أرباح "ألبا"... وهل وضعتها الحكومة ضمن الموازنة العامة أم لا؟
2- هل يستشار المواطن في السياسات المصيرية؟ مثلا صدام دخل الحرب... هجم على الكويت، قام بعدة عنتريات، فهل تم استفتاء الناس في ذلك؟
اليوم فرنسا العلمانية تستفتي شعبها في القبول بالدستور الأوروبي وكذلك هولندا وقس على ذلك. في أميركا في العام 1997 قبل أن تتخذ وكالة حماية البيئة قرارا بخصوص نظام حكم يتعلق بالتلوث عقدت سلسلة من جلسات الاستماع إلى الشهادات في مختلف أنحاء البلاد ووقف المواطنون يبدون آراءهم. سؤال مهم: في عملية دفان البحر هل أخذ رأي المواطنين في ذلك؟
3- تكلمت سابقا عن قانون حرية المعلومات، والبعض من القراء أرسل رسالة متعجبا من هذه المعلومة ويظن أني مخطئ في نقلها. وأحيل المرسل إلى قراءة بعض الوثائق عبر الإنترنت على موقع الويب الخاص بمكتب التحقيق الفيدرالي، وهو: .نقى.ه وهناك أيضا مواقع لوثائق بريطانية وغيرها سأطرحها في مقالات أخرى وكلها في متناول القراء والمواطنين.
هل تعلمون أني إلى الآن لم أتلق إجابة واحدة من بعض وزاراتنا عن الأسئلة التي طرحتها وتتعلق بأمور عادية، مثال على ذلك: ديوان الخدمة المدنية، إلى الآن هو ملتزم بالصمت بشأن نشر أسماء الوظائف والمرشحين للوظائف في الصحافة. فليسأل المواطن البحريني: لماذا تحجم الوزارات والديوان عن نشر الأسماء ثلاثيا في الصحافة؟ ألسنا ندعوا إلى الشفافية؟ طبعا يجب ألا نكون مثاليين، فهناك أمور في الغرب لا تنشر في الأمور التي تتعلق بالأمن البريطاني أو الفرنسي أو... ولكن الكلام عن الأمور التي تتعلق بالشفافية وغيرها.
هناك مؤسسة تسمى "موظفو الدولة من أجل المسئولية تجاه البيئة" وهي منظمة قوامها موظفون حكوميون يقومون باستمرار بطلب الاطلاع على الوثائق لفضح أية إساءة أو تلاعب محتمل في قضايا البيئة. يجب أن ندقق في عبارة "موظفون حكوميون". اليوم في الوزارات كثيرا ما يتصل بي موظفون يقولون: سنوصل إليك وثائق ولكن لا تذكر أسماءنا، نخاف على رزقنا... الله يخليك انتبه وهكذا... أنا أدعو الوزارات أن تتخذ من الغرب قدوة وتضع الوثائق والأرقام على موقع كل وزارة في متناول الجميع وخصوصا فيما يتعلق بعدد الموظفين وأسمائهم والموازنة، والخطط والإنجازات والإخفاقات وكم شخصا وظف وكم شخصا سرح وكم وكيلا عشعش وكم مسئولا خرف وهو في الوزارة وكأن "ما في هالبلد إلا هالولد". يا جماعة اعطوا فرصة للشباب البحريني يأخذ دوره في قيادة الوزارة والمؤسسات. البحرين ولادة، وترى التقاعد مو عيب.
أضرب مثالا كلنا شاهدنا مؤسسة الشباب والرياضة بقيادة الشيخ فواز آل خليفة... كيف كانت وأين أصبحت... إنجازات رياضية عالية خلال فترة قياسية بسيطة وجزء من توفيق الشيخ فواز دعمه للبحرينيين بقياس المواطنة فقط والكفاءة وها نحن نحصد النتائج وأتمنى أن يؤخذ بيد لاعبنا الكبير الفرساني "بطل آسيا" ويوفر له كل طموحه، فكل ما يطلبه منزل فهل هذا كثير؟ سأفرد مقالا عن هذا الأمر.
هناك قانون في الولايات المتحدة يسمى "قانون الخصوصية" الذي سن العام ،1974 ليتمتع المواطنون بحق الاطلاع على السجلات التي كونتها الحكومة الفيدرالية عنهم وكذلك بحق المطالبة بتصحيح تلك السجلات إن كانت هناك أخطاء فيها. اليوم نتمنى من وزارة الداخلية أن تنهي إشكالية التسعينات أو تهمة السجن في حصول المواطن على العمل، فإلى الآن يعاني بعض أبنائنا من طلب هذه الورقة "حسن سيرة وسلوك" عند طلبهم لعمل في بعض المؤسسات، وإلى الآن هناك قوائم أسماء في بعض المطارات العربية.
الغرب وأميركا توجد عندهم أخطاء ولكن أعتقد أنه يجب أن نقرأ تعاملهم مع مواطنيهم بطريقة صحيحة، فلنرفض سياستهم الخارجية إذا ظلمتنا ولنستفد من تجاربهم الداخلية مع مواطن
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1031 - السبت 02 يوليو 2005م الموافق 25 جمادى الأولى 1426هـ