لست أعرف نوابا أقسى على "الديمقراطية" من نوابنا "الأشاوس" الذين سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه، لكي يرتاح المؤرخ من زحمة التأريخ وطي صفحاته، ويضحك كثيرا عندما تصل الصفحة التي سيتربع عليها هؤلاء النواب.
هل في برلمان من برلمانات العالم كله، المتقدم أو المتأخر نواب يقاتلون قتال الأبطال، ويكرون كر الأسود، من أجل تقليص صلاحياتهم، ومن أجل سن تشريعات تحد من مقدرتهم على ممارسة دورهم التشريعي والرقابي؟! نعم يوجد نواب كذلك، ولكنهم فقط هنا في البحرين! لا تجد الواحد منهم يزأر إلا عندما يقترح واحد آخر مقترحا يزيد من الصلاحيات، ولا تجد الواحد منهم يغضب إلا حين يطالب واحد آخر بتعديل تشريع يوسع من الحريات!
لا يستطيع المراقب إحصاء تصريحات جلالة الملك التي "حرض" فيها النواب في أكثر من محفل وأكثر من مناسبة على استخدام صلاحياتهم الدستورية، وعلى تفعيل أدواتهم الرقابية مؤكدا أن ذلك "حق أصيل" كفله لهم الدستور، ولكن لا حياة لمن تنادي.
المد والجزر الذي رافق "اقتراح التعديلات الدستورية" دليل صارخ على أن أولئك النواب الذين تخلو منهم كل برلمانات الدنيا، ويمتلئ منهم برلمان البحرين نواب لو قدر لهم الفوز في فصل تشريعي آخر فسيكون شغلهم الشاغل زج مقترحات تقيد النص الدستوري وتجعله لا يقوى على النهوض بمهماته، ولا أستغرب لو كان من بين تلك المقترحات "مقترح برغبة لإلغاء البرلمان".
عندما تحدث المقاطعون عن "التعديلات الدستورية" تدلت "براطم النواب" أمتارا، استياء واعتراضا على الخطوة التي خطاها المقاطعون، واعتبروا ذلك تعديا سافرا على اختصاصاتهم، وصاروا يرددون "بأن التعديلات الدستورية يجب أن تنطلق من داخل البرلمان" وها هو الفصل التشريعي تصرم ولم يبق من الأدوار الأربعة إلا دور واحد ومقترح التعديلات لايزال في غرفة الإنعاش غير الرسمية التي لازمها النائب يوسف زينل، والذي اتهم بأنه يوزع "منشورات ممنوعة" عندما قام بتوزيع مسودة المقترح على "النواب الأشاوس" بهدف معرفة رأيهم
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1031 - السبت 02 يوليو 2005م الموافق 25 جمادى الأولى 1426هـ