العدد 1031 - السبت 02 يوليو 2005م الموافق 25 جمادى الأولى 1426هـ

أمران حتميان... الضرائب والموت

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ينقل عن أحد القادة الأميركان، بنجامين فرانكلين، قوله في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي: "في هذا العالم لا يوجد أمر حتمي سوى الضرائب والموت". .. فالضرائب أمر حتمي لكل حكومة، ماعدا بعض الاستثناءات، والدول الخليجية بقيت الآن حالة خاصة مستثناة من قاعدة الضرائب وذلك بسبب المدخول النفطي.

فالحكومة - أية حكومة - بحاجة إلى المال لكي تمارس دورها، وهذا المال يأتي في العادة من خلال الضرائب. وفي وضعنا الخليجي فإن المال المستخدم في تسيير الأمور هو المستحصل من بيع نفط البلاد، الذي تسيطر عليه الحكومة، وتبيعه في السوق العالمية ثم تستخدمه في دفع معاشات العاملين في الحكومة والصرف على مشروعات البنية التحتية والمشروعات التي تتبناها الدولة. كما تستخدم الحكومة مدخول النفط لشراء رضا طبقات وفئات مهمة في المجتمع مقابل قبولها بوضع غير ديمقراطي، بمعنى عدم المطالبة بانتخاب الحكومة ومساءلتها وإزاحتها إذا لم تؤد دورها واستبدالها بمن يقدم الرؤية الواضحة والبرنامج العملي.

على أننا نعيش حالة استثنائية "مؤقتة" مهما بدت السنوات طويلة. فعندما هبط سعر البرميل إلى نحو عشرة دولارات قبل ستة أعوام تألم الجميع، وحتى السعودية ذات المخزون النفطي الأكبر ظهرت لديها مشكلات مالية في موازنتها، فكيف بدولة نفطية صغيرة مثل البحرين؟

البحرين تشترك حاليا في مبادرة الحكم الرشيد "= الصالح" والتنمية التي أطلقتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالاشتراك مع عدد من الدول العربية وبمباركة الجامعة العربية. والبحرين ترأس "مع تركيا" فريق العمل الخاص بالضرائب والمحفزات التي يمكن تفعيلها لجذب الاستثمارات الدولية. وفي الأسبوع الماضي اجتمع فريق العمل الذي اشتمل على عدد من كبار الخبراء الدوليين في الضرائب وتداولوا عدة مقترحات بشأن النظام الضريبي الذي يتناسب مع مفاهيم الحكم الصالح.

حاليا، تتحاشى البحرين رسميا ذكر الضرائب، وتفضل استخدام مصطلح "الرسوم"، لأن الضرائب تعني فرض ضريبة على الدخل وضريبة على المشتريات وضريبة على أرباح الشركات "كل الشركات"...إلخ، وهذا كله غير مطروح رسميا في البحرين، على رغم أن الحكومة تستحصل ضرائب "رسوم" سنويا تبلغ نسبتها نحو 9 في المئة من الناتج القومي. وهذه النسبة أقل من نسب الضرائب التي تفرضها الدول الأخرى والتي تصل إلى ما بين 25 و40 في المئة من الناتج القومي. وحاليا تستحصل الكويت ضرائب تقدر نسبتها من الناتج القومي بنحو 1 في المئة، وكذلك الحال مع قطر، بينما تبلغ نسبة الضرائب في الامارات نحو 2 في المئة، وفي السعودية نحو 4 في المئة.

ولكننا نعيش حالة خاصة و "مضرة"، فالنرويج التي تعد ثالث أكبر مصدر للنفط بعد السعودية وروسيا تفرض ضرائب على الدخل وعلى المشتريات تتراوح بين 12 و24 في المئة، كما تقتطع النرويج من دخل النفط نسبة تخزنها لأجيال المستقبل في صندوق خاص تطلق عليه اسم "صندوق المستقبل".

ومع كل ذلك فإن دخل الفرد السنوي في النرويج يفوق 50 ألف دولار في السنة، وهو أكبر من دخل الفرد القطري الذي يبلغ نحو 34 ألف دولار في السنة، وأكثر من دخل الفرد البحريني الذي يبلغ نحو 12 ألفا وأكثر بكثير من دخل الفرد السعودي سنويا. إذا هناك مشكلة هيكلية في اقتصادنا الخليجي، وهذه المشكلة ظهرت قبل عدة سنوات ثم اختفت خلال العامين الماضيين بسبب زيادة سعر برميل النفط، ولكنها ستعود لأنها موجودة في العمق.

والمشكلة تكمن أساسا في أننا نود أن نكون استثناء مستمرا وحالة خاصة دائمة تختلف عن بقية دول العالم... ونود أن نبتعد عن الضرائب، لأن الضرائب ترتبط بالديمقراطية، إذ "لا ضرائب من دون تمثيل سياسي"، ولأن الضرائب ترتبط برفع المستوى المعيشي عبر التوزيع العادل للثروة على جميع المواطنين... وعندما توزع الثروة بصورة عادلة يمكننا جميعا دفع الضرائب، تماما كما هو الحال في النرويج

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1031 - السبت 02 يوليو 2005م الموافق 25 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً