قبل أسبوع، وتحديدا في 23 يونيو/ حزيران، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب" عن صحيفة أردنية خبرا عن نشر رواية صدام حسين "اخرج منها يا ملعون"، كانت تباع نسخ منها في الأسواق الأردنية العامرة منذ مارس/ آذار 2003 من دون أن تحمل اسم الكاتب الملهم، الذي نسبت له روايتان أخريان هما "زبيبة والملك" و"القلعة المحصنة".
ويحمل غلاف الرواية صورة رجل شاهرا سيفه... وتحكي قصة رجل يدعى "حسقيل" ينتقل من مدينته إلى "المضطرة" إذ يحيك المؤامرات لطرد شيخ المدينة في حين تقوم "لذة" ابنة الشيخ بمساعدة أحد الفرسان من عائلتها بإخراج حسقيل.
رغد، ابنة الروائي العظيم صدام، كتبت على الغلاف الخارجي كلمة تشيد بوالدها، مصداقا للمثل العربي القائل: "كل فتاة بأبيها معجبة". اقرأوا كلمات رغد الرومانسية: "إلى نبض الفؤاد، إلى أب العراقيين، إلى مصنع الرجال والابطال... إلى من زرع فينا حب الوطن والتضحية... إلى الذي تجسدت فيه كل معاني البطولة والتصميم والشجاعة والعز".
وأضافت مدللة أبيها رغود: "يا من رفعت رؤوسنا ورؤوس العراقيين والعرب والمسلمين والشرفاء عاليا، نقدم لك ذوب أنفسنا". ولن نتوقف لسؤال هذه البنت عن صحة كل كلمة أطلقتها من "ذوب فؤادها"، اكتفاء بسؤال مختصر مفيد: كيف رفع رؤوس العرب والمسلمين عاليا؟ أم إنه نوع من "الجمبزة"، التي تحول الفار الهارب إلى الجحر بطلا غضنفر!
وإذا لم يكن على الفتيات في الإعجاب بآبائهن من ملام، فإن هناك معجبات أخريات متيمات... ذهب بهن الغرام إلى تبرير استباحة دماء العراقيين في مسلسل القتل اليومي، باستخدام السيارات المفخخة والتفجيرات واستهداف المدنيين حتى في المطاعم والمستشفيات، في لعبة قتل عبثي بلغ حد الجنون.
الجديد في اللف والدوران، أن هذه المعجبة "العنصرية"، في سياق تمجيدها لمنفذي عمليات القتل المجاني للعراقيين، لم تجرؤ هذه المرة على الإشادة بقتلة الضحايا من أبناء "الحلة" والبصرة ومناطق الجنوب خوفا من ردود الفعل والاستنكار، فهربت للإشادة بمن نفذ عملياته الانتحارية في الموصل وكركوك، فالقتلى هناك من الأكراد، والأكراد ليس لهم رب في السماء، وليس لهم متعاطف في الأرض... وماداموا ليسوا عربا فدمهم ودم الحيوانات سواء!
الطريف أنه في يوم 26 يونيو، عادت وكالة "أ ف ب" لتنشر خبرا جديدا عن منع الأردن طباعة ونشر رواية "اخرج منها يا ملعون"، لما قد تتسبب به من "تعكير للعلاقات الأردنية العراقية". وهي خطوة ذكية تحسب للسياسة الأردنية التي تراعي مصالحها التجارية العليا في بغداد وضواحيها
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1029 - الخميس 30 يونيو 2005م الموافق 23 جمادى الأولى 1426هـ