في فلسطين المحتلة، تنكشف لعبة المفاوضات المباشرة، لتفصح عن مخطط خطير يرمي إلى تهجير الفلسطينيين من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، وهو الأمر الذي دعا إليه وزير خارجية العدو (ليبرمان)، فيما تحدث رئيس وزراء العدو السابق عن أن الإدارة الأميركية كانت وعدتْ باستيعاب مئة ألف لاجئ فلسطيني، ما يوحي بأن مسألة حق العودة هي من المسائل التي لا وجود لها على طاولة المفاوضات، وأن التوطين والتهجير هما الأساس في حركة اللعبة الدولية، والتي تدور رحاها على أجساد الفلسطينيين وحقوقهم ومستقبل أجيالهم...
ولعل من المخجل أنه في الوقت الذي يكرر مسئولو العدو إعلانهم عن استئناف الاستيطان، ورفض حتى طرح التجميد الشكلي له، يعلن رئيس السلطة الفلسطينية أن لا بديل من التفاوض، ويتحدث العرب على مستوى الأنظمة، أو في ساحة الجامعة العربية، عن ضرورة إتاحة الفرصة أكثر لعمليات التفاوض الجارية... والكل يستذكر الدعوات الرسمية العربية في عهد شارون، والتي دعت إلى إعطائه المزيد من الفرص والوقت، وكأن المطلوب أن يحظى العدو بكل الفرص وكل الوقت ليمعن في سياسة البطش والاعتقال، وفي اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه، وتجريف حقول الفلسطينيين وتهديم بيوتهم ـ كما يحصل في الضفة الغربية والقدس في هذه الأيام ـ بينما يراد للفلسطينيين أن يلوذوا بالسكينة تحت ضغط النصائح العربية الرسمية التي تحولتْ إلى سيف مسلط عليهم، وأعطت العدو حجة سياسية جديدة أمام العالم، عنوانها أن العرب موافقون على كل ما يجري، فلماذا يكون الغرب ملكياً أكثر من الملك؟!
إننا نشعر بخطورة ما يجري على الساحة الفلسطينية، وخصوصاً أن الإدارة الأميركية تستعجل حلاً، أي حل لحساب مصالحها وطموحاتها ومصالح العدو، فيما العرب على مستوى الكثير من الأنظمة، يستعجلون غسل اليد من دم هذا الصديق. ولذلك فعلى الأمة على مستوى الشعوب والطلائع الواعية وأصحاب الضمائر الحية، أن يتحركوا على جميع المستويات لمنع المؤامرة الكبرى من أن تحقق أهدافها وغاياتها في ساحة المنطقة، وفي الميدان الفلسطيني على وجه الخصوص، وأن لا تغيب تحت كل هذا الدخان الذي يراد له أن يحجب الرؤية عن الخلافات الداخلية والفتن المتنقلة.
وفي جانب آخر، علينا مراقبة ما يجري على مستوى وكالة الطاقة الدولية التي تحولتْ إلى منبر سياسي ضد الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي فتحتْ كل مواقعها ومفاعلاتها النووية أمام الوكالة، بينما رفض كيان العدو وضع مواقعه النووية العسكرية تحت مراقبة الوكالة...
ونحن نلاحظ أنه كلما أبدت إيران تجاوباً أكثر، وانفتحتْ على الحوار، وتجاوزتْ بعض الشروط، عمل الأميركيون على تعقيد الأمور أكثر، وفرض شروط جديدة، بما قد يفضي إلى تشديد الحصار أكثر على إيران، بحجة عدم الوثوق بنواياها، بينما رأيْنا إدارة أوباما تحذر الدول العربية ـ قبل أيام ـ من أنها تخاطر بإفشال عملية التسوية إذا واصلتْ ضغوطها على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبحث البرنامج النووي الصهيوني... كما أن ما تتعرض له إيران من تفجيرات آثمة واعتداءات ظالمة، وآخرها ما حدث في مهاباد، لا يمكن فصله عما تتعرض له إيران من ضغوط وتهديدات...
إن علينا رصد ذلك كله في إطار الحملة الدولية المنظمة على المنطقة العربية والإسلامية وعلى مواقع الممانعة فيها، لأننا نخشى من أن تعمل محاور الاستكبار العالمي على تحريك الفتن ولا سيما الفتن المذهبية لإشغال تلك القوى بمشاكلها، لتكون بديلاً من الاحتلال المباشر الذي تهاوت تجربته في العراق وأفغانستان...
ونعود إلى لبنان الذي نأمل أن تكون النفوس قد هدأت فيه، بعد جولة الانفعال الأخيرة التي جعلت البلد يعيش على صفيح ساخن من التصريحات والتصريحات المضادة، التي لم تخلُ من التهديد والوعيد، والتي حاول البعض من خلالها أن يقحم الجانب المذهبي في الحركة السياسية، ليشحن النفوس مجدداً، أو يثير الحساسيات في كل الاتجاهات.
إننا نقول للمسؤولين في لبنان: لقد تعب الناس من كل هذا الضجيج، وأصبحوا على قناعة تامة بأن الأفخاخ الأمنية والسياسية والمذهبية والطائفية التي توضع هنا وهناك، لن يستفيد منها أحد، وستعود بالشر على الجميع...
ولذلك، فإن عليكم أيها المسئولون، ألا تهربوا إلى الأمام من خلال التلويح بسلاح الفتنة، بل أن تتحملوا مسئولياتكم في إزالة الإحباط الذي يعيشه الناس، والخوف على حاضرهم ومستقبلهم، لتكون الكلمة الطيبة والأسلوب الأحسن هو أسلوب التخاطب السياسي، والسعي لمعالجة كل القضايا التي يخشى أن تهدد أمنه واستقراره من خلال النظر بمسئولية إلى كل ما يحاك في الخارج مما لا ينبغي النظر إليه ببراءة، بل بعين الحذر، لأننا لا نثق بما يدعيه الخارج من حرصه على هذا البلد.
أيها المسئولون، عودوا إلى رشدكم، فلن تحل مشاحناتكم المشاكل، بل ستزيدها تعقيداً، اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم...
أيها اللبنانيون: كونوا الواعين حتى لا تتحولوا إلى أداة تستخدم من قبل المواقع السياسية لخدمة مصالحهم الذاتية، أو تحقيقاً لأهداف لا علاقة لكم بها، ولا تجربوا ما جربتموه طويلاً فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد حسين فضل الله"العدد 2941 - الجمعة 24 سبتمبر 2010م الموافق 15 شوال 1431هـ
خالد الشامخ: الحمد لله
الحمد لله الدعوه موجه للطرفين و ليس لطرف واحد..
ذكرتني ببوك
الله يرحمه ذاك جبل العملاق لن ننساه ابدا وسيظل في قلوبنا ماحيينا @
سواد الليل
هذا الشبل من ذالك الاسد واللى خلف ما مات
وانت يا سيد علي خير خلف لخير سلف