العدد 2940 - الخميس 23 سبتمبر 2010م الموافق 14 شوال 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

«اللعب النظيف»... خذوا الحكمة من أفواه الرياضيين

للمصطلحات قدرة على الترحال والتجوال بين الفنون والعلوم والمجالات المختلفة، ولكن بعض الميادين كانت تترافق فيها المصطلحات والمفاهيم بشكل أكبر من غيرها، وبشكل ملفت، ومن ذلك التعالق الوثيق الذي ارتبطت به السياسة كممارسة عملية، وبين الرياضة، وذلك منذ أن تم التعبير عن السياسة بأنها (لعبة) حيث تماشت مع الرياضة (اللعبة) أيضا، وتقاطعتا في عدد من الممارسات، والمسارات.

ومع مصطلح (السياسة لعبة) دلفت العديد من المصطلحات الجزئية، والفرعية لهذا المصطلح، من قبيل (الملعب السياسي)، (الخصم)، (أوراق اللعب)، (اللاعبين)، (الروح الرياضية)، وغيرها من المصطلحات الرياضية والسياسية في الوقت ذاته، وقد نشأت هذه العلاقة بين المجالين لا على أساس التطابق التام بل على أساس التشابه الظاهر بين طبيعة الممارسة الرياضية داخل لعبة من الألعاب، وطبيعة الممارسة السياسية في ملعب محلي أو إقليمي أو دولي. وإلا فإن خطورة العمل السياسي، ونتائجه، قد لا تقاس بحجم اللعب الرياضي، ونتائجه.

ومن بين المصطلحات الوافدة من الرياضة للميدان السياسي (مصطلح اللعب النظيف) ويقابله (اللعب غير النظيف) أو اللعب (القذر).

وحتى نضع هذه المصطلحات في نصابها السياسي، علينا أن ندرك بيئتها الرياضية ومنبتها الأصلي، فتشير مبادئ اللعب النظيف إلى ما يلي:

1 - اللعب بدافع تحقيق الفوز بشرف.

2 - احترام قواعد اللعبة، والحكام، والخصوم، والجمهور.

3 - اللعب بنظافة دون أي أسلوب خاطئ أو خطر.

4 - تقبل الخسارة بصدر رحب.

5 - العمل على الرقي بمستوى اللعبة.

6 - رفض المنشطات والرشى.

7 - تعزيز الثقة بين اللاعبين.

8 - احترام الجميع قبل وأثناء وبعد اللعبة.

وقد شاع استخدام مصطلح (اللعب النظيف) لوصف المنافسات السياسية التي تلجأ للالتزام بالقواعد والقوانين، وترقى بمستوى العمل، وتحترم الخصوم أثناء سعيها لتحقيق نتيجة الفوز، دون اللجوء لأي أسلوب يوصف بالدناءة، أو ينعت بالقذارة، لتحقيق هذه النتيجة.

أما (اللعب غير النظيف) فذلك الذي يستقوي فيه الخصم بكل أسلوب يمكن له أن يصفي خصمه، او يزيحه من طريقه ومن الوجود بخلاف قوانين اللعبة، وبخلاف القيم والأخلاق، وبشكل ملفق، كاللجوء إلى تشويه سمعة الخصوم، أو اللاعبين، أو خلق صورة غير واقعية عنهم، أو اعتماد العنف اللفظي والكلامي أو حتى الجسدي، وأساليب الترهيب النفسي والبدني.

ورغم أن مبادئ اللعب النظيف قد جاءت كتعبيرات وافدة، لكنها مبادئ تجد تربتها الحقيقية والأصيلة في قلب وجدان المسلمين والمؤمنين، حيث وضعت الشريعة السمحاء محاذير كثيرة تجنب الخائضين في هذا المجال الوقوع في هذا المطب الخطير، حيث هي حرمت البهتان، والغيبة، والنميمة، والكذب، وحثت على الصدق، وشجعت على قول الحق، كما أن الشارع المقدس قد جنب المسلمين ذلك بتحذيره من سوء الظن، والرجم بالغيب، والنبز بالألقاب، وكلها إن تجنت ستقي الكثير من اللاعبين في هذا المجال الذي يكون فيه جهاد النفس جهاداً وأي جهاد، كما أنها تكفل تحقق مقولة اللعب النظيف.

وفي الدول التي تخوض تجاربها الانتخابية لاسيما الأولى تكثر ممارسات اللعب غير النظيف، ليس بين الغرماء الرئيسين بل داخل الجبهة الواحدة، عندما يتم تشويه سمعة مرشح لصالح آخر، وترويج الإشاعات التي تقوم إما على الظن أو الاحتمال أو حتى الباطل، من أجل صعود وبروز شخص آخر، فهذا مرشح رئاسي يستهدف إسقاطه بترويج صورة ابنته العارية (والعجيب ممن؟! ممن لا يقل عريه عن غيره) إمعانا في التسقيط، وذلك من أجل أن يفوز أحد أعضائه بالمقعد النيابي أو البلدي، صار الآخرون عرضة للتوهين بالنعوت الملفقة أو بجمع قصاصات صحافية نشرت هنا أو هناك عبر فيها المنافس ذات يوم عن رأي أو فكرة أو حتى ناقش رأيا، فاتخذت عليه مثلبة ومنقصة في معركة لا مكان فيها للعب النظيف، والغاية فيها الفوز بالمقعد تحت أي ذريعة.

لذلك تنطلق الحملات الرسمية والأهلية عادة قبل الانتخابات لترويض النفوس، كما تطلق القوى السياسية، والثقافية، تصريحاتها المتكررة للدعوة للالتزام والاحترام والحرص على النظام أثناء خوض هذه المنافسات التي هي مباراة فيها المنتصر والمهزوم، والرابح والخاسر، والروح الرياضية هي التي يجب أن تبقى.

أما المسلمون فلهم في الدين خير معين في مواجهة ما تسول له النفس والشيطان والهوى من رغبة جامحة في الانتصار مهما كان الثمن، ولو كان الثمن جثث الأبرياء، أو سمعة الآخرين، أو خسارة كل شيء، ولسان الحال يقول (يا الله بالإمارة، ولو على حمارة).

وبالعودة لمنطلق هذه المقالة، فلا شيء أجمل من متعة مشاهدة مباراة رياضية يلتزم فيها اللاعبون بالقيم والخلق والاحترام أثناء منافسة شرسة للوصول إلى حمل الكأس، ولا شيء أجمل من متابعة منافسة سياسية يلجأ فيها اللاعبون لكل ما يملكون من وسائل قانونية، وشرعية، ونظيفة من أجل بلوغ الأهداف، والعكس صحيح أيضا، فكم تتألم عندما ترى العنف والتكسير داخل الملعب من أجل نيل اللقب، وكم تتأسف عندما ترى الساسة على استعداد لبذل أي شيء من أجل الفوز بكرسي مسئول قال عنه سيد البلغاء في نهجه الرباني: «إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب»، وقال: «إن خلافتكم عندي كورقة في فم جرادة تقضمها أو كعفطة عنز إلا أن أقيم حدا من حدود الله».

وأجمل من عبر عن اللعب النظيف، هم أصحاب هذا المفهوم الرياضيين، وهذه طائفة من أقوالهم الرائعة:

- القائدة الثانية للمنتخب النسوي الأميركي ريتشل بويلر: «عندما تعود إلى الأساس، فإنك ستجد أن اللعب النظيف هو عماد الرياضة. إن الرياضة عبارة عن نشاط يكون فيه المرء جزءاً من فريق ما، أي أنك تُكُوِّن علاقات مع أشخاص آخرين، سواء تعلق الأمر بزملائك في الفريق أو بمدربيك أو بخصومك. إن اللعبة تتميز بالندية والتنافسية على أعلى مستوى، مما يعني أن الفوز شيء مهم بطبيعة الحال. لكنك عندما تعود بذاكرتك إلى أيام الصبا وتفكر في السبب الذي جعلك تبدأ ممارسة هذه اللعبة، فإنك تدرك أنك كنت تسعى إلى تدريب جسدك وتعلم بعض دروس الحياة وتعلم كيفية التعامل مع الناس بشكل لائق والتعامل مع الصعاب والمشاق. فرغم أن الرهانات تكون صعبة في مسيرة المحترفين، إلا أننا نأمل ألا تتغير أبداً هذه الأسس التي تستند إليها اللعبة»

- مدرب إنجلترا فابيو كابيلو: «إن كرة القدم تلهم الكثير من الناس عبر العالم، ويكمن سر هذا العشق والولع في كون اللعبة تمارَس بشكل سليم وفي جو جيد. الكل يلعب من أجل الفوز، لكن رد فعل كل واحد منا في كل حالة يُعد أمراً في غاية الأهمية. إننا نتقاسم جميعاً هذا العشق تجاه كرة القدم، ويجب علينا أن نحترم بعضنا البعض في كل الأوقات. إنه من الأهمية بمكان أن نتذكر أن الأطفال والشباب يشاهدون مباريات كرة القدم، ويجب ألا ننسى أننا نمثل قدوة بالنسبة للأجيال القادمة. منذ أن توليت مهمة الإشراف على منتخب إنجلترا، ما فتئ برنامج «الاحترام» يؤثر بشكل إيجابي في اللعبة، وعلينا أن نواصل جهودنا لتشجيع الاحترام واللعب النظيف في هذه الرياضة».

- القائد الثاني لمنتخب إنجلترا وكابتن نادي ليفربول، ستيفن جيرارد: «الكل يحب كرة القدم لما تتميز به من إثارة وتشويق وحماس وتنافسية، لكن من الأهمية بمكان أن يكون كل واحد قادراً على اللعب بالشكل الصحيح، علماً أن روح اللعب النظيف تُعد أساسية في هذا الباب. لا يمكن للعبة أن تقوم دون الاحترام بين اللاعبين والمدربين والحكام والجماهير وباقي مكونات كرة القدم. بصفتي قائداً لفريق ليفربول ومن خلال مسيرتي مع المنتخب الإنجليزي، لقد عاينت عن كثب كيف نجح برنامج «الاحترام» في التأثير بشكل إيجابي على الأجواء بين اللاعبين والحكام في هذا البلد، وهذا مثال مهم بالنسبة لكل من أراد مشاهدة المباريات الكبرى. إننا نمثل نموذجاً للأطفال الصغار الذين يرغبون في مزاولة كرة القدم في كل وقت، وإنه لمن الأهمية بمكان أن يستمتعوا باللعبة ويمارسوها بعيداً عن الضغط خلال مرحلة التعلم. إنني أساند بشكل مطلق حملة FIFA للعب النظيف».

- مدرب سويسرا، أوتمار هيتسفيلد: «إن اللعب النظيف هو أهم عنصر يجب مراعاته فوق أرضية التباري. إنه مرادف للاحترام، أي احترام الزملاء والخصوم والحكام والجماهير والرعاة. كل طرف يتحمل جزءاً من مسئولية الرفع من شعبية كرة القدم. والأهم من ذلك أن يكون كل الأشخاص المتواجدين فوق أرضية الملعب واعين بأنهم سفراء لكرة القدم وأن يعملوا وفقاً لذلك».

- قائد جنوب إفريقيا آرون موكوينا: «إننا ندعم اللعب النظيف بشكل كامل في مجال كرة القدم كما نحث الجميع على الوقوف في صف هذه المبادرة. رغم أني أدرك أن أموراً كثيرة قد تقع خلال 90 دقيقة وأن المشاعر قد تبلغ ذروتها، إلا أن علينا أن نكون دائماً مثالاً ونموذجاً لأولئك الذين يدفعون ثمن التذكرة لمشاهدتنا نلعب. إن الأمر يتعلق بالاحترام كذلك. احترام اللعبة وجماهيرها».

- مدرب جنوب إفريقيا بيتسو موسيماني: «كرة القدم أداة من الأدوات التي يمكن استعمالها للتأثير في مجتمعاتنا وبدء التغيير فيها. ولهذا السبب فإنه من المهم أن يتصرف اللاعبون كقدوة يُحتذى بها حتى يؤثروا بشكل إيجابي على الجيل القادم. إن تصرف اللاعبين فوق أرضية التباري يحظى بنفس الأهمية التي يحظى بها سلوكهم خارج إطار التنافس».

- مدرب شنغهاي إيست إيجيا فان زيهي: «لبلوغ اللعب النظيف عليك أن تفهم أولاً أن الرياضة لا تقتصر على التنافس. على اللاعب أن يحترم القواعد والنظم التي تسير اللعبة كما يتوجب عليه أن يبذل قصارى جهوده لإبراز أدبيات اللعبة وأخلاقياتها خلال المنافسات. إذا حصل توافق في هذا الشأن فإننا سنتخلص من جميع أشكال العنف الذي ما فتئ يضر باللعبة منذ زمن طويل».

عقيل يوسف


هويّة الوجود

 

نقرأ في الآية الأولى من سورة الإنسان قوله تعالى: «هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ منَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مذْكُورا». أي أن الإنسان كان عدَماً وغير موجود، ولكنّ الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه أوجد هذه المخلوقات ومن بينها الإنسان الذي أعطاه هويّة وخاصية الوجود وهي من أكبر النعم العظيمة على البشر، والهدف الثاني هو هذا الحديث القدسي يقول الله عزّ وجَل: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقتُ الخلق لكي أعرَف)». ورغم هذا الحديث الوجداني والعاطفي إلا أنّنا نرى أناساً تستبدل عبادة الله بـ عبادة الأبقار وبولها والحيوانات والجمادات! تُرى باللهِ عليكم أيُ إهانةٍ هذه لـ جبار السماوات والأرضين! حقيقة قضيّة مؤلمة وسيئة جداً لهذا التعامل مع رب العالمين. والجانب الآخر مِن التعامل السيئ مع رب العالمين، هو التعامل مع نعمهِ بالكفران وعدم الشكر كنعمة الوجود التي نرى عشرات الناس يقدمون على الانتحار بشتّى الطرق والوسائل لإزهاق هذه الروح حتى المسلمين منهم!

أمِثل هؤلاء يؤمنون بالمعاد والحساب والجزاء والعقاب؟!

وعلى أقّل تقدير فإن هنالكَ أناساً يرجحون الموت على الحياة، تُرى ما السبب؟ وما الداعي لذلك؟ أهيَ مصيبة أم بلاء...؟

أوَلم يقُل أحد المعصومين (ع): (الصبرُ ثلاث، صبرٌ على الطاعة، وصبرٌ على المعصية، وصبرٌ على المصيبة) أينَ الصبر؟ أين التوكّل على الله؟ أينَ الإيمان بقضاء الله وقدَرِه؟!

سَألَ النبي عيسى (ع) أمّه العذراء (ع) بما مضمون الرواية: يا أمّاه أتودين الرجوع إلى الدنيا؟!

فقالت: نعم.

فقال: ولما؟

فقالت: حتى أصلّيَ في ليلةٍ شديدة البرد، وأصومَ في يوم شديد الحر!

سلامُ اللهِ عليها، هذه أماني العارفين بحق الله عزّ وجَل ونعمهِ الكريمة.

إذاً علينا الاحتساب والتسليم لأمر الله عزّ وجَل، وإن ضاقَت السبُل بك ووصلَ حُزنكَ حدّ الهلاك! لتعلم هذه الحقيقة حتى تخفف على نفسك هذه الآلام والأوجاع ألا وهي بأن الله عزّ وجل إن لم ير لعبده المؤمن ما يكفّر ذنوبه وسيئاته، ابتلاهُ الله بغمٍّ وحزن حتى يمحّص ذنوبه ومعاصيه، وهنالك حقيقة أخرى لدواعي الحزن والبلاء وهي أن الله يبتلي النبلاء ليرفعهم درجات عالية، ولا ننسى أنّه اختبار لصبرِ المؤمن! واختبار لإيمان المؤمن بقضاء الله وقدره! أليسَ الصبر بجميل؟ أليس ما بعد العُسر يُسرا؟ أليسَ الصبر مفتاح الفرَج؟

أيها المؤمن انتبه ألا تسقط في اختبار الله، إيّاك والاستسلام لمثل هذه المصائب والبلايا، كُن قوياً أبيّاً وصموداً أمام هذه المنعطفات الشديدة، إعلم أنّ رغبتكَ في العدَم واللاوجود إنما هو كفرانٌ بالنعمة قولاً وفعلاً، قرأتُ في كتاب «ثواب الأعمال وعقابها» هذا الحديث القدسي الشريف: (أعظم عبادي ذنباً من لم يرضَ بقضائي، ولم يشكر نعمائي، ولم يصبر على بلائي).

محمد عبدالله رضي


فرحة العيد

 

كِلْ عِيْدْ لَهْ فَرْحَهْ

وُهَالعِيْدْ لَـهْ أَفْراحْ

لِقْلُوْبْ مِنْشَرْحَهْ

وُالْهَمْ عَنّـا راحْ

عَساهْ مِنْ عُوّادِهْ

عَلِيْنا فـِي كِلْ عامْ

غايَةْ اِلسَعادِهْ

بِقْدُوْمَـهْ اِلبَسّـامْ

هَلا بِالْلِي مِنْ يِهْ

هَنّانِي وُبـارَكْ

مَحْلاهَا اِلتَحِيِّهْ

في يُوْمْ لِمْبارَكْ

يا زيْنْ لَمَّتْنا

فِـي هَالمُكانْ اِلزيْنْ

تِفْرَحْ مِيالِسْنا

وُالقَلْبْ وُيّـا اِلعِيْنْ

@@@

يا أمير العاشقين

أَسْعَدْ أَيّامْ اِلسِنِيْنْ

لِى تِلاقَى اِلعاشِقِيْنْ

أَحْلَى أَعْيـادْ اِلعُمُـرْ

شُوْفِتِي لَكْ يا حَسِيْنْ

يا أَمِيْرْ اِلعاشِقِيْنْ

يِحْلَى عِيْدِي فِي لِقاكْ

يِفْـرَحْ إِقْلِيْبِي مَعاكْ

يِغْلا فِـي عِيْنِي غَلاكْ

وِالمُوَدَّهْ وُالحَنِيْنْ

يا أَمِيْرْ اِلعاشِقِيْنْ

نَظْرَهْ مِنِّكْ يـا الحَبِيْبْ

خَلَّـتْ إِقْلِيْبِي يِطِيْبْ

ساعَةْ اِلحَظْ وِالنِصِيْبْ

لَمّا أَشُوْفُكْ كِلْ حِيْنْ

يا أَمِيْرْ اِلعاشِقِيْنْ

تِلْمِسْ إِيْدِيْنِـي يَدِكْ

وَاْطْلُـبْ اَلله يِسْعِدِكْ

يَحْفُظُكْ لِي وِيِبْعِدِكْ

عَنْ إِعْيُوْنْ اِلْحاسِدِيْنْ

يا أَمِيْرْ اِلعاشِقِيْنْ

خليفة العيسى


دجال (أقوى شي)

 

دجل الشيء أي قام بطلاء الشيء وتغطيته بالقطران «القار يعني»، والدجال هو الشخص الذي يموّه ويكذب على الناس، وكثيرة هي قصصهم، كما هي قصتي مع أحد الأشخاص والذي صنفته بفئة الدجالين.

كنت مع صديقتي في مهمة تغطية إذاعية لاحتفالية موسيقية بمناسبة يوم الشباب العالمي، وكانت أمسية فنية رائعة بحق؛على مدى أربع ساعات متواصلة تشربت فيها الفن وطربت على ألحان العراقة البحرينية والعراقية والمصرية والشامية والأجنبية، ألحان وموسيقى عزفها عدد من الشباب البحريني الموهوب، وانتهى الحفل على ما يرام، وكل شيء حتى الآن يبدو أنه سينتهي على ما يرام.

هيأت نفسي لتسجيل آراء الجمهور الحاضر حول الفعالية، اتجهت نحو رجل كبير في السن يبدو في السبعين من عمره، متوسط البنية، بدين وداكن البشرة، يميزه شاربه الغليظ الشامخ باسوداده المزيف وسط غابات لحيته المحلوقة، مددت بعجالة جهاز تسجيل الصوت نحوه فبادرني قائلاً بثقة: «أنا أقول لا تسجليني يكون احسنلج». بلاشك أن علامات الاستفهام قفزت محتلة ملامحي، كنت أعلم مدى مبالغة ملامحي الاستفهامية والتي تشي باستفهام أضعاف ما أحسه؛ فلم أعجب حين علل قوله بعد نظرة قصيرة: «جمن واحد قبلج خذو لقاء وياي اللي راح عن الدنيا واللي ماحصلوه» .

أنا: ماحصلوه!

هو: اللي ضايع للحين واللي مات عقب ما سجلني واللي احترق.

بنهاية جملته بدأت أشعر بتفاهة الموقف الذي أقفه؛ «هل هو مريض؟ عبيط؟ (يتغشمر)؟ (يستهبل) ؟ (ولا شسالفته بالضبط)؟»

همست لي صديقتي: «كنت أبي آخذ رايه حق تقريري بعد تم يخربط علي».

وفي محاولة لإنقاذ نفسي من موقفي قلت بنبرة مستسلمة: «بس بغيت رايك عن الفعالية»، وفي قرارة نفسي أقول: «قول لا ماله داعي؛ أنا لاني محتاجة رايك ولاني ناقصة استهبال».

عدل الرجل من وضعية نظارته الطبية المؤطرة باللون الذهبي، وفجأة تقلصت ملامح وجهه وقال: «لا تلعبين ويا الأسياد».

أحسست ببلادة من نوع جديد تنتابني: «ها؟ أي أسياد!»

قال: «إنتي تعرفين زين مازين شقصدي/ عشان أكون أوضح ركبة يدتج اليمنى مثلاً» .

في أقل من لحظة وبتسارع مخيف مرت الصور والأصوات والمشاعر وكأني في بيت جدتي الجديد وهي أمامي تبكي وتقول: «حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل».

كنت في السابعة من عمري وما فهمته من أحاديث خالاتي أن جدتي كانت بصحة جيدة حتى وطئت برجلها اليمنى عتبة البيت الجديد فسقطت تأنُّ ألماً ولم تزل كذلك حتى الآن، هل يعرفها؟

قلت وأنا لا أنفك أردد ما يقول ببلاهة: «يدتي؟»

وبدا لي أنه مستمتع وهو يراقب ملامحي المتضاربة الإيحاء، أردت أن أبتعد في حين بدأ هو التلفظ بخزعبلاته الكلامية وتسميم مسمع صديقتي بهرائه، تشبثت صديقتي بي لأظل بجانبها، قال بنبرة مفخمة - زيادة التأثير -: «وأنا أكلمج الحين سويت داونلود لملفات حياتج كلها، أعرف كلشي عنچ واقرا أفكارچ، واعرف شنو تتمنين».

ردت صديقتي بسخرية: «اللي أفكر فيه الحين بحصله؟»

قال: «بيكون جريب، بس للأسف مابتحصلينه».

قالت: «واللي في بالي الحين بحصله؟»

قال: «إي بإذن الله بتحصلينه».

والتفت نحوي بثقته قائلاً بسرعة: «واحد واثنين وثلاثة وأربعة، وخمسة وستة وسبعة وثمانية، وتسعة وعشرة اختاري؟»

قلت: «سبعة».

قال: «متأكدة».

رفع يده اليمنى وفتحها بمقربة من عيني، وأنا أحملق في المنديل الأبيض الذي يتوسط يده، هل سيقوم بتحويله إلى حمامة كما في ألعاب الخفة.

قال: «شيلي الكلينس»

أزحت المنديل عن يده لأرى الرقم سبعة مرسوماً على راحة يده.

رغم أني قرأت كثيراً عن أناس يزعمون امتلاكهم قوى خارقة كالتخاطر والتنبؤ وعن المستغلين للناس بقولهم عن أنفسهم أصحاب كرامات إلا أنني بدأت أشعر بالخوف، بدا مستمتعاً ونظرته المبهمة تبحث عن تسربات الجزع بين ملامحي.

لا أذكر ما تذرعت به للابتعاد عنه، و ظلت صديقتي تحاور ذلك الدجال - كما أسميته لاحقاً - ، واصلتُ ما كنت متواجدة لأجله، سجلت ما تسنى لي أن أسجل من آراء الجمهور، تكدس التعب والإعياء يضغطان علي، يحثانني على المغادرة، كنت سأفكر بأنني سأسقط من الإجهاد، غير إن ضربة على ظهري من زميلتي وهي تضحك بسخرية ساعدتني على تنبيه حواسي.

ونحن متجهون لموقف السيارات وعلى أنغام وموسيقى كعب أحذيتنا الضارة بالعمود الفقري ورئتنا تتنفس الهواء الناضح بالرطوبة أفلتت ضحكة من صديقتي وقالت: «يقول لي أدري أن بيبان كبتج يتصافقون، چوفة عينچ واحد مكسور والثاني بين الحياة والموت من بيصفق من؟ هههههههههههه والمصيبة يقولچ يقدر يدش في الطوف، قلت له دش راوني، يقول لا لا جدام الناس مايصير، هههههههههههاي المصيبة يوم سألته مساعة عن اللي في بالي بحصله لو لا؟ قال مابتحصلينه، رديت سألته عن نفس الشي بحصله لو لا؟ قال بتحصلينه ههههههههههههه»

أنا: «انزين شنو كان اللي في بالچ؟»

صديقتي: «أقول امشي بسرعة، تخيلي نبطل السيارة إلا اهو يالس على السيت ورى؟»

زينب النعار


حينما يجفُّ ماء الوجه

 

«لن نقدم تنازلات لإسرائيل دون مقابل» حكمة الشهر! أم ماذا؟ كلمته المتكررة البالية كوجهه الشاحب جفافاً، جففته «إسرائيل»كما جففت مياه بلده! من زمن بعيد كما جففت مياه النيل يوم سرقت فيه زهرة الخشخاس في عز النهار، فصارت كلمته قديمة في لوحة فنية أبدعت ريشة العلي في رسمها وتجسيدها وهو مرتشفاً قهوة الصباح الأميركية وملتهماً كعكعات الكورسون البريطانية ومرتخياً على الكنبات الفرنسية في البيت الأبيض مصافحاً يد الرصاص المسكوب ومكسر العظام والوقحة قارئة الفنجان وهي تملي عليهم إملاءاتها الأميركية، يالله يالها من لوحة جميلة أبدعت فيها يا حنظلة وليتك حاضراً، لكنها لم ولن تسرق لوحتك أبداً بل ستظل في ذاكرة التاريخ، بل ستبقى شاهدة على العصر على الذين ساهموا في البيعة من أجل التوريث أم من أجل التثبيت أم من أجل التطبيع والتهويد، مقابل جهودهم في كل مرة حجوا للبيت الأبيض أو في أي بيعة وفقوا إليها كي يعودوا مرة ثانية سالمين غانمين مع بيعة جديدة لوطن عربي آخر كالسودان أو لبنان أو العراق، كما نقلها التاريخ لنا من التلفاز العربي من (مطعم العيد) وإن كان مشوشاً هل بسبب أدخنة أراجيل الشباب أو بسبب التلفاز، الذي هو الآخر ملَّ من كثرة ما بثه من هذه اللقاءات والقمم التي انعقدت من أجل استعادة مياه وطن شربت منه بنو صهيون دماء الأطفال وهشمت اليهود على ترابه عظام الشهداء، لحظات وينقطع البث من جديد بسبب صاعقة رعدية مرسلة من السماء في أول غيثها للأرض منذرة ومخلفة وراءها قطرات من المطر لتروي أغصان الزيتون، التي نحرتها الصهاينة من زمن بعيد إن بسبب نيران وأدخنة طائراتها (إف 16) أو بسبب قطعها الماء، جاءت هذه القطرات معلنة عن يوم بارد لخفض حرارة القلوب الملتهبة حسرة على تراب بلدها المُباع، هذا المطعم الذي يفضله شباب المقاومة على باقي مطاعم الحي لماذا؟ هل من اسمه الشعبي المشتق من صاحبه عمو (عيد) المشهور بهيبته في كرشته وخفته في ضحكته التي يخفي وراءها أسرار حياته أم من يافطته المعلقة فوق بابه (ادفعوا الحساب قبل الانصراف)؟ ومن يجرؤ على الهرب دون دفع الحساب والمدهون باللون الأزرق لون الحرية والحب حيث لا عيد ولا حب ولا حرية في هذا البلد ولكن هناك حساب في يوم الحساب؟ أم بمدونات الشباب وأشهرها (الموت للجواسيس) الذين يرتادون المقهى، أم لشهرته بتقديم الوجبة الشعبية (الملوخية ).

فجأة يعود التلفاز للحياة من جديد ومن البيت الأبيض لينقل لقاء البيعة، فالأصوات تتعالى من داخل المطعم إلى خارجه أوقفوا الصفقة ولكم الصفعة، في المزاد الخفي وفي البيت الأبيض، ما عدا صوت واحد ظل يصرخ يطلب طبق الملوخية ولكن لا حياة لمن تنادي، فالكل توقف عن الكلام وأمسك عن الأكل وتسمّر وراء التلفاز ليتحول المطعم إلى شبه مقبرة، خالياً من أي صوت لزبون، ما خلا الصحون التي تترنح على يدي رمضان في مغسلته معلنة هي الأخرى رفضها لهذه البيعة، على أيدي العصابة التي توالت على سرقة الوطن وباعت أراضيه وتقاسم سواحله، على الجواسيس الهاربين من عدالة الوطن، متبوعة بابتساماتهم المزيفة على الأرائك مع اليهود يضحكون ومع سماسرة المال هم يتقاسمون، فهل تستحق فلسطين منكم كل هذا؟ هل يعقل أن يبيع الإنسان وطنه وترابه الذي عاش فيه، بل حياته وتراثه، ويحرم شبابه من شواطئه ومواطنيه من خيراته، لحظة وقطرات المطر تزداد كثافة والجميع يهم بمغادرة المطعم، ما خلا ذلك الشبح الذي ظل جالساً في مقعده الخلفي المتهالك، لكن هذا الشبح لم يأتِ ليأكل، بل جاء من أجل أن يستلم الحساب، حساب وطنه، من شخص لم يتوقعه أحد فهو يعلم أنه أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، ثوانٍ وإذا بالشبح يدنو منه هامساً في أذنيه الكبيرتين اللتين كان يلتقط بهما همسات المقاومة، لماذا فعلت بنا ذلك يا عيد، أخيراً نطق الشبح وعن اسم الجاسوس أفصح، لماذا حوّلك الصهاينة إلى جاسوس، لماذا؟ مقابل حفنة من الدولارات الأميركية؟ أو شقة في كاليفورنيا، وعيد واقف في مكانه كأنه صنم قريش لا يحرك ساكناً، ما خلا فمه المفتوح وقلبه الموقوف عن النبضات ولسانه الممنوع حتى من أن يتوسل أو يبكي بعد أن كان يأمر وينهي في مطعمه، حتى وقع على الأرض كسقوط الصنم ومات في حينه ميتة الجواسيس.

مهدي خليل

العدد 2940 - الخميس 23 سبتمبر 2010م الموافق 14 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:00 م

      نريد حلا

      انا والكثير من المواطنين الذي تضرروا جدا من الشركات الوهميه نريد حلا يا حكومه يا مسؤوليين نريد اموالنا ان ترجع نريد من الصحف ان تتطرق لهذا الموضوع المؤلم . نريد من يساندنا من يساعدنا من ياخذ بحقنا . اين الصحافه والصحافيين ؟ لماذا لا تكتبون في هذا الموضوع؟؟ اصبنا بالاكتئاب ضروفنا الماديه صعبه نريد حلا

    • زائر 4 | 6:39 ص

      من لا يجيد اللعب النظيف لا يطالب به

      انسيت يا استاذنا العزيز انك من قدت اجتماع خلف الكواليس لاسقاط مرشح الوفاق البللدي من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة والشكر كل الشكر لمن انقدوا الوفاق من الاختراق فمن لاينقاد للقيادة لامحل له في الوفاق اطلب منكم تسكير ..........

    • زائر 3 | 2:13 ص

      تابع المرشح النظيف

      عريه عن غيره) إمعانا في التسقيط، وذلك من أجل أن يفوز أحد أعضائه بالمقعد النيابي أو البلدي، صار الآخرون عرضة للتوهين بالنعوت الملفقة أو بجمع قصاصات صحافية نشرت هنا أو هناك عبر فيها المنافس ذات يوم عن رأي أو فكرة أو حتى ناقش رأيا، فاتخذت عليه مثلبة ومنقصة في معركة لا مكان فيها للعب النظيف، والغاية فيها الفوز بالمقعد تحت أي ذريعة.

    • زائر 1 | 12:07 ص

      تعليق على موضوع اللعب النظيف

      قلم شاب رائع آخر من بيت طيب الذكر يوسف رضي

اقرأ ايضاً