كارلا كوبل - تدير مركز الأمن الشمولي ومكتب واشنطن العاصمة لصندوق هانت للبدائل.
في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة إطلاق المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، تحتاج وبشكل ملحّ إلى إعادة تقييم العملية التفاوضية. فقد عانت المحادثات السابقة من انعدام كل من الشفافية والشمولية. خلال معظم السنوات العشرين الماضية، اجتمعت مجموعة صغيرة جداً من القادة رفيعي المستوى خلف أبواب موصدة، ونادراً ما تشاركت في المعلومات مع أصحاب المصالح والاهتمامات من مواطنيها أو سعت للحصول على مدخلات منهم. إذا كان المتفاوضون جادين فيما يتعلق بسلام دائم فإنهم بحاجة لإشراك هؤلاء الذين يشكلون الأهمية الكبرى في الموضوع: أفراد الشعب، الذين لا يكادون يشعرون بملكيتهم للمحادثات، بالذات، لأنهم نادراً ما تتم استشارتهم.
عدنا مؤخراً من رحلة إلى رام الله وتل أبيب والقدس حيث عملنا مع قائدات نسائيات متميزات لوضع توصيات لتحسين المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية. في تلك الفترة كان الرئيس باراك أوباما على وشك الحصول على الالتزامات ببدء جولة جديدة من المفاوضات. إلا أن الغرفة كانت مليئة بقادة أذكياء يريدون السلام لم يكونوا يعرفون شيئاً عن مواقف أو مخططات من يمثلونهم. وبسبب هذه السرية، أحاط ستار من التشاؤم على الاجتماعات. واليوم يستمر هذا التشاؤم.
أفضل طريقة لإعطاء أفراد الشعب المتأثرين بالقضية المزيد من الملكية في العملية هي فتح المحادثات أمام المرأة. تظهر الأبحاث أنه عندما يتم اشتمال المرأة في المفاوضات فإنها تقوم وبشكل مستمر بإثارة قضايا أساسية يجري تجاهلها عادة من جانب المتفاوضين من الرجال. تيسّر المرأة أحياناً المفاوضات عبر النزاع على هوامش المفاوضات الرسمية التي تستثمر اهتمام الجمهور في المفاوضات. وعند إشراكها بصورة رسمية تساعد المرأة على ترسيخ قواعد المحادثات.
رأى جورج ميتشل، مبعوث السلام الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط قيمة الكتلة الحرجة التي تضيفها النساء عندما توسّطن في وضع نهاية للنزاع في ايرلندا الشمالية. ضمن تحالف المرأة في ايرلندا الشمالية هناك، وهو حزب نسائي بروتستانتي كاثوليكي، أن تشجع المحادثات النسوية، وأدرك احتياجات الضحايا والشباب وعمل على تأمين حقوق الإنسان للسجناء. إضافة إلى ذلك أوجد هذا الحزب هيكلاً للتشاور المستمر مع المجتمع المدني وعمل على بناء الجسور بين الأحزاب المتفاوضة.
كان لاشتمال المرأة في محادثات سلام أخرى مردود كبير كذلك، ففي مفاوضات غواتيمالا، ضمنت النساء توازناً بين سلطة الشرطة والسلطة المدنية وحافظت على الحقوق العمالية وحقوق السكان المحليين بينما قامت بتشجيع الحوار والتسامح. وفي مفاوضات دارفور ركزت النساء اهتمامها على حماية المدنيين وحقوق المرأة.
أشارت قيادات المرأة في المجتمع المدني في كل من إسرائيل وفلسطين إلى أنه لو تمت استشارتهن عندما جرى توزيع المناطق (أ) و(ب) و(ج) كما حددتها مفاوضات أوسلو لكنّ فرضن تغييرات بسيطة كانت ستحسّن كثيراً من سبل الوصول إلى الأرض والماء، وحافظت بشكل أفضل على سلامة المجتمعات المحلية. أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً أنه تمشياً مع القوانين الإسرائيلية التي تفرض اشتمال المرأة، سوف يضم الوفد الإسرائيلي امرأة. وهذه خطوة إلى الأمام نحو عملية أكثر شمولية، ولكنها خطوة أولى فقط.
يناقش أنصار المفاوضات السرية أن التشارك بالمعلومات يمكن أن يعطي المخربين فرصاً أو يحدّ الثقة بين الأطراف المتفاوضة. من سخريات القدر أن العكس ثبتت حقيقته مرات أكثر. يمكن للشفافية أن تدعم قوى الحل السلمي للنزاع وأن تساعد على دفع الأطراف المتحاربة نحو الحل. وتظهر بحوث أجراها دارين كيو وأنتوني وانس سانت جون علاقة مباشرة بين شمولية العمليات السلمية واحتمالات أن تدوم الاتفاقيات.
تفهم مضيفة جولة المفاوضات الحالية، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوضوح الحاجة لمزيد من عملية صنع سلام شمولية. في أغسطس/ آب 2009 ناقشت كلينتون أن «ما يسمى بقضايا المرأة هي قضايا تتعلق بالاستقرار والأمن والمساواة».
يتوجب على كلينتون وميتشل، من خلال البناء على تجربتهما الشخصية، أن يقودا الدفع باتجاه إشراك النساء والمجتمع المدني في عملية الشرق الأوسط من خلال الحصول على مواضيع للأجندة التفاوضية من المجتمع المدني والمرأة وتنظيم مشاورات عامة مع المرأة ومنظمات المجتمع المدني لسماع وجهات نظرهم حول القضايا الجوهرية وإيجاد آلية استشارية رسمية لمجموعات المجتمع المدني لتلقيم المدخلات بشكل مباشر في المفاوضات، وتعيين مستشارين في مجال النوع الاجتماعي أو مسئولي ارتباط مع المجتمع المدني لمساعدة الوفود الرسمية وتقديم مقاعد إضافية للفرق التفاوضية في المحادثات إذا تمت إضافة النساء.
تظهر الاستطلاعات أن غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين قد تعبوا وسئموا من الحرب ويريدون السلام. لقد حان الوقت لاستخدام المفاوضات لتقوية هذه العزيمة. لقد حان الوقت لإعادة تصور العملية بحيث تكون المحادثات قابلة للتحول. بهذه الطريقة، عندما نسافر إلى الشرق الأوسط مرة أخرى، سوف نرى تفاؤلاً معدياً بدلاً من التشاؤم، ونساءً في كلا البلدين يرعين دعماً شعبياً واسعاً لمفاوضات ناجحة شمولية.
ربيكا ميللر - اختصاصية رئيسة في البرامج في معهد الأمن الشمولي، حيث تركّز على تعزيز مشاركة المرأة في بناء السلام في إسرائيل وفلسطين، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2940 - الخميس 23 سبتمبر 2010م الموافق 14 شوال 1431هـ