يفضل الكثير من الناخبين التصويت لمرشحين منتمين إلى جمعيات سياسية لأسباب مختلفة تصل إلى حد التشدد والعصبية في بعض الأحيان، لأسباب متباينة قد يكون منها أن لصوت الجماعة أثراً أكبر في ترجمة طموحات وتطلعات الناخبين إلى واقع ملموس، وخصوصاً على مستوى القضايا المصيرية المرتبطة بحياتهم وظروفهم المعيشية.
وهذه الفكرة تحديداً هي ما تسعى تلك الجمعيات إلى إبرازها في برامجها الانتخابية والخطب الجماهيرية التي يلقيها مرشحوها على الملأ، ذلك أن صوت المستقل لا يمثل شيئاً في قبالة جماعة تربطهم توجهات محددة وأهداف واضحة يسعون إلى تحقيقها بشتى الوسائل.
ولا يمكن الانتقاص من الجهد الذي بذلته القوائم الانتخابية للجمعيات السياسية طوال السنوات الماضية من العمل التشريعي البرلماني، حتى وإن كان لا يرقى إلى سقف الآمال والتطلعات أو مخالفاً لتوجهات الشارع العام، ولكن هل تمثل هذه الجمعيات الخيار الوحيد القادر على إحداث نقلة كبيرة في حياة المواطن البحريني؟
في الأسبوع الماضي طرحت فكرة التصويت إلى أي مرشح ذي التزام أخلاقي وديني ومؤهل من الناحية الأكاديمية والاجتماعية لتبوُّء موقع التمثيل الشعبي لجميع أطياف المجتمع، ويمتلك شيئاً من مهارات التحاور والنقاش مع الآخرين، لا أن يكون عاطلاً عن العمل أو متسرباً من الدراسة ويسعى إلى الاسترزاق والاستثراء على حساب الناخبين، حتى وإن كان مستقلاً أو يخالف من يمثلهم في المذهب والدين والملة، ولكن فهم الحديث على أنه دعوة إلى الانكفاء والصد عن مرشحي الجمعيات السياسية.
الجمعيات السياسية ليست منزهة عن الخطأ، وقد تختار مرشحاً لا يتمتع بأبسط المعايير المطلوبة لتحمل وزر دائرة انتخابية تضم 10 أو 18 ألف ناخب وما وراءها من تبعات، وقد توفق في تزكية الشخص المناسب ولكن عليها أن تجعله خياراً مقبولاً بين الناخبين، لا أن تفرضه عليهم حتى وإن كانوا غير موافقين على تمثيله لهم، بحجة أنها استغرقت وقتاً طويلاً من التشاور وإجراء الدراسات الاستطلاعية وليس لديها الوقت للاستماع إلى أي خطاب ناصح متزن، ولنا في تجربة العام 2006 قرائن وأدلة، فهناك جمعيات إسلامية رشحت أشخاصاً في محافظة المحرق ولكن لم يكتب لهم النجاح، لأنهم لم يحظوا بقبول الناخبين ورضاهم.
الأمر يتعلق بإرادة الناس، وبالتالي فإن ممارسة الترهيب تحت عناوين مختلفة هي بمثابة فرض وصاية على العقول، وسلب لحق الناخبين في تحديد مصيرهم وأفق مستقبلهم الذي ينشدون بلوغه، فلا المساعدات الغذائية ولا الدعم الدراسي ولا التجهيزات الكهربائية ولا الوعيد بعذاب جهنم، هي التي ستصنع مدينة أفلاطون الفاضلة للمواطنين وستنقلهم إلى جنات النعيم في الأرض، بل القناعة وحسن الاختيار وتحكيم الضمير والعقل عند التصويت.
الأجواء الانتخابية في البحرين مشوشة وغير واضحة، وعلى الناس ألا يضيعوا في زحمة الشعارات والوعود بالتغيير ما لم تكن صادقة وقابلة للتحقق، فلا المستقلون يملكون عصا سحرية ولا المدعومون من جمعيات سياسية يستطيعون جمع الشمس والقمر، وحده العقل وليس سواه من يملك القدرة على استشراف واقع أفضل.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2937 - الإثنين 20 سبتمبر 2010م الموافق 11 شوال 1431هـ
هناك تقدم
البعض يعتقد أن مجلس النواب لم يفعل شيئاً بل زادت الخروقات والتجاوزات على القانون من الكبار ولكن لاتنسى أن وعي الناس قد زاد والنظرة الى من يسرق المال العام تغيرت حيث يصبح حرامي يلاحقه الشعب