العدد 2414 - الأربعاء 15 أبريل 2009م الموافق 19 ربيع الثاني 1430هـ

حداد والأمين يتلبسان روح ملاك هائم

نزوة الملاك تحط به على أرض الوطن

من مثله قاسم حداد حينما يكتب الإحساس والمعنى بروعة وعذوبة عبر القصيدة، ليسبح بالمستمع والقارئ، بالعشاق الهائمين في سمائه الجميلة، ومن مثلها لبنى الأمين حينما اقترن فنها التشكيلي الرائع بهذا الشعر، ليكون من هذا الاقتران نتاج أوحى به اللون والحرف باتساق جذاب شكله ذلك الثنائي.

هذا الجمال، بعد أن كان قد انطلق من مهده في برلين، حيث عرضت التجربة الجديدة للشاعر والفنانة بعنوان «نزوة الملاك»، بدايته كانت نهاية برنامج الفعاليات الأدبية والثقافية في برلين للشاعر قاسم حداد، منهيا إقامته الأدبية التي استمرت طوال العام 2008، والتي أتت بمنحة تفرغ من الأكاديمية الألمانية للتبادل الثقافى «دى ايه ايه دي»، ليقدمها الثنائي اليوم على أرض البحرين ضمن المحطة الثانية لرحلة هذه التجربة الفريدة، والتي استضافتها جدران البارح غاليري ضمن برنامج مهرجان ربيع الثقافة لهذا العام.

وافتتح المعرض بقراءة شعرية للشاعر قاسم حداد، الذي أشار إلى أنه في كل تجربة مشتركة جديدة مع التشكيل ازداد معرفة وشغفا بهذا الحوار الغني بالمكتشفات، مضيفا «أرى كتابتي في مهب بالغ التنوع والجمال، وفي هذه التجربة اقتربت الكتابة من اللوحة بصريا بحيث أصبح علينا أن نصغي للوحة بوصفها نصا مشتركا يجري حواره أمامنا ولنترك لانفسنا حرية التأمل بصرا وبصيرة، فالرسم كإبداع ليس قراءة للنص من خارج ولكنه قرين له وحنون على دواخله، وهو بالتالى يأخذ النص إلى رحابة المطارح التي تضاعف توهجه والجوارح التي تتوق إلى المسّ الرحيم فيه وهذا ذهاب يسعى إليه الخلق والخالق».

وكان قاسم في حفل الافتتاح قد أعرب عن شكر خاص للفنانة لبنى الأمين على عنايتها الفنية لأشعاره وسهرها على ابتكاراتها المشوقة، مقدما مجموعة من أشعار كتابه «دع الملاك» والذي تم تدشينه خلال حفل افتتاح المعرض أتت منها قصائد: دع الملاك، رعاية الآلة، طيش القناني، موقف النثري والحب، إذ عملت لبنى الأمين طوال عام كامل على مجموعة نصوص حداد، التي استنسخها من تجارب مختلفة أتت عن البحرين، برلين وباريس.

لبنى الأمين لم تجد تجربتها الجديدة في المزاوجة بين الشعر والرسم أمرا مستجدا على سيرتها الفنية، إذ قدمت في السابق تجربة عن الشاعر إبراهيم العريض خلال الاحتفال بمئويته من خلال استخدام نصوص شعرية، لتخلق منها معرضا كاملا، إلا أنها وجدت أن «هذه التجربة مختلفة، لأن العريض شاعر نعرفه بالاسم، وهو علم بارز من أعلام البحرين، وشعره لا يمكن التفاعل معه كما هو الحال مع شعر قاسم، الذي تجمعني به صداقة قديمة، وأحرص على جمع كل نصوصه وكتبه، وأقرؤها أولا بأول»، لتعلل بالقول «لهذا كانت هذه التجربة مختلفة عن التجربة السابقة مع العريض، وكنا قد اتفقنا عليها قبل مغادرة قاسم إلى برلين، إذ كنت على تواصل مع كل ما يكتبه خلال تلك الفترة، وقررنا أن نقيم المعرض مع انتهاء إقامته في برلين، يسرد فيه قاسم النص، وأعرض فيه الأعمال المستوحاة من شعره، فيما كان في المعرض نصوص خاصة، إلى جانب نصوص أخرى أعدها في باريس والبحرين، وكان يبعثها لي بستمرار، وأنا أعمل عليها».

وتصف لبنى شعر قاسم بالقول «بالنسبة لي فإن قاسم وشعره واضحين جدا، وما يريد قوله مفهوم لي لكثرة ما قرأت لقاسم، فأنا من المعجبين بشعره، وأعرف كل ما يقوله، ومن السهل عليّ قراءة جمله وترجمتها».

الأمين قدمت أعمالا معتمدة على حوارات ومعايشات مشتركة بينهما عن النصوص والمدن، متفادية التجسيد التفسيري المباشر للشعر، كما أنها اقترحت، أثناء عملها، استدراج الشاعر لكي يشاركها في بناء وتنفيذ بعض الأعمال، بحيث يخط ما يريد من نصوصه في تجاعيد الخطوط والألوان فيما اللوحات قيد العمل، ثم تواصل الفنانة شغلها على اللوحة، في محاولة لاستقراء الحساسية التشكيلية لدي الشاعر وتوظيفها في الروح العام للعمل، بحيث يبدو المشروع منزاحا نحو الحوار الفني بين التعبير التشكيلي للشعر والتعبير اللوني في الرسم.

تقول لبنى «النص هو الذي اقترح الأشياء، وحينما استعملت الخطوط، أحببت أن يشارك قاسم في العمل بخلاف مساهمته الأساسية بالشعر، وذلك بأن يساهم فيي العمل الفني نفسه، فقترحت عليه كتابة بعض القصائد على نفس العمل الفني بخط يده، واسخدمت الخامات المختلفة عبر تقنية الكولاج مثل الكارتون والكانفيس والخشب، وفق أسلوب تجريدي أخفى المعالم الحقيقية، وبقي خيال بعض الأجساد المرسومة كدلالة على المعنى».

في نص كتيب المعرض جائت عبارة «الرسم كإبداع ليس قراءة للنص من خارجٍ، ولكنه قرينُ له وحنون على دواخله» التي وجدت فيها لبنى أن «الشاعر حينما يريد الكتابة يدخل إلى عالم يرى ويسمع فيه أمورا مختلفة، ويتهيئ لهذا الجو بسماع الموسيقى، أو يرى ألوانا حين كتابته، ويجعل منها كلمات، وأنا أقرأ الشعر وأسمع الموسيقى حتى أرسم وأحصل على الإلهام، فالرسم مع الشعر يمكن أن يكونا قرينين لبعضهما ويعطيان الإحساس نفسه».

ويستعد حداد والأمين بعد أن عرضا تجربتهما بداية في برلين، ومن ثم البحرين لنقل هذه التجربة وعرضها بباريس في غاليري «يوروبيا»، إذ ذكرت لبنى عن أصداء تجربتهما في برلين أنه «كان لها صدى كبير ولها حضور جميل، شارك فيه كثير من المفكرين العرب والفنانين، وقدمناه بنفس الطريقة من خلال قراءة شعرية واستعراض للأعمال، الذي تضمن نفس اللوحات التي قدمناها في البحرين والتي سنقوم أيضا بعرضها في باريس».

العدد 2414 - الأربعاء 15 أبريل 2009م الموافق 19 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً