العدد 2936 - الأحد 19 سبتمبر 2010م الموافق 10 شوال 1431هـ

مؤتمرٌ صحافي عاصف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

شهد مطار بيروت الدولي عصر السبت الماضي واحداً من أسخن المؤتمرات الصحافية خلال الأعوام الأخيرة، رغم كثرة الأحداث الساخنة التي عصفت بلبنان.

نجم المؤتمر هو المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، الذي سجن لأربع سنوات في بلاده بمباركة الدول «الاستعمارية» الكبرى، ثم تبيّن عدم وجود أدلةٍ تدينه، وأطلق سراحه مع رفاقه الثلاثة الآخرين.

سبق المؤتمر خلافٌ شديدٌ على قرار استدعائه للتحقيق بتهمة تهديد رئيس الحكومة، الذي اعتبرته المعارضة «قراراً سياسياً بامتياز، وعنواناً للقمع والترهيب لكلّ مظلوم يطالب بالحقيقة في هذه المرحلة». ودعت للتراجع عنه والالتزام بالعدالة التي توجب محاكمة من يتفاخرون بعمالتهم لـ «إسرائيل»، وملاحقة شهود الزور ومصنّعيهم ممن قادوا لبنان إلى نفق مظلم، وربطوه بالسياسة الأميركية اليمينية المتطرفة طوال خمس سنوات.

في الأشهر الأخيرة لإدارة بوش، كان أول من تنبّه لاتجاه الرياح الجديدة وليد جنبلاط، الذي أعاد تموضعه السياسي، وكانت تلك انتكاسة مؤثرة للطرف الذي راهن على الخيار الأميركي. وخلال العامين الماضيين تم الكشف عن الكثير من شبكات التجسس، وسقط عددٌ من الرؤوس الكبيرة، وتعزّز وضع المعارضة بعدما تعرّضت له من حصار شديد. وفي آخر حلقات اللعبة الدولية القذرة، تم التلميح إلى اتهام عناصر من حزب الله بدم الحريري، ما دعا الحزب لاستنفار كل قواه لدحض هذه التهمة الباطلة. انتقل بعدها إلى المطالبة بمحاكمة الجواسيس والعملاء، وأخيراً كشف ملف شهود الزور ومن «صنّعهم» ودفع لهم «المصاري».

الطرف الآخر لم يتعامل بجدية مع احتمال أن تكون «إسرائيل» هي من قتلت الحريري، ولم يكترث كثيراً بوجود كل هذه الأعداد من الجواسيس، ولم يحرّك ساكناً في ملاحقة شهود الزور. ورغم أخطائه السياسية الفادحة، ظلّ يردّد «عفا الله عما سلف»، وهو منطقٌ قد يقبله من لم يخسر شيئاً، لكنه غير مقبول على الإطلاق بالنسبة إلى المظلوم أو المكلوم.

يوم السبت الماضي، استقبلت المعارضة اللواء السيد في المطار، ورافقت موكبه عناصر من حزب الله حتى وصل منزله، وهو أمرٌ يدرك الحزب أنه سيفتح عليه الكثير من أبواب النقد والتشنيع، لكنها بلاشك قضيةٌ تستحق القتال حسب تقديره. وكانت البداية باتهامه بالاعتداء على الدولة، ومطالبة الحكومة بعدم التراجع عن قرارها بملاحقة السيد. بل إن أحد نواب الحكومة اتهم الحزب بعدم التورّع عن دعم «من هدّد زعيم السنّة»، وهي لغةٌ رخيصةٌ ومنحطةٌ، تدل على مدى ما ينحدر إليه بعض الساسة من تحريض مذهبي ونعرات طائفية وتشطير للمجتمع في إدارة خلافاتهم السياسية.

المسألة لم تعد قضية شخص مظلوم فحسب، بل قضية تعديل المسار في البلد، وتصويب البوصلة من اتهام المقاومة التي حمت البلاد واستقلاله وكسرت شوكة المحتل، وتوجيهها إلى رأس الشر في المنطقة... «إسرائيل».

كان السيد في المؤتمر غاضباً، وأخذت كلماته تتساقط كالقذائف، وسأل لماذا تورّط البعض في قضية شهود الزور؟ وخاطب المسئولين مجدداً بأنه إذا لم يُعطَ حقه بالقانون فسيأخذه بيده، وهو الكلام الذي أثار عليه الزوابع والأعاصير، واتهم على إثره بتدبير «انقلاب»!

إنها من مفارقات السياسة وفداحة الشعور بالظلم. رجلٌ خدم الدولة بإخلاص ثلاثين عاماً، وعمل في أجهزتها الأمنية في أصعب الظروف، يقف ليطالب بإنصافه ممن سجنه ظلماً... بعدما أوصله اليأس إلى حافة الكفر بنزاهة المؤسسات التي خدمها.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2936 - الأحد 19 سبتمبر 2010م الموافق 10 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 11:12 ص

      بهلول

      أخي زائر 11 : ترى أنا ما أعادي أحد و لا احب يكون عندي أعداء ، الكل أحبابي و أصدقائي بمن فيهم الشامخ اللي أتمنى له كل خير و صحة و سلامة. حتى صدام المستبد صدقني خنقتني العبرة و سالت دموعي عليه يوم شنقوه ، كنت أتمنى له يستغفر و يعتذر لشعبه و يتوب ، بس الله يغربل إبليسه ما إتعظ و لا أخذ العبرة لا من هتلر و لا من الشاه !

    • زائر 20 | 9:40 ص

      بهلول العجيب

      الله يغربل ابليسك يا بهلول، جبتها من الراس.... شلون الجماعة رايحين يستوردون من هناك إذا كان كل شهود الزور من هناك؟ في الصميم يا بهلول الله يبهلل اعداءؤك!!!!!!!

    • زائر 19 | 9:32 ص

      هلا بخلود.... وينك يالحبيب

      انا ساعات تعجبني تعليقاتك يا خلود (الشامخ)، وينك طولت الغيبة. وينك فيه؟ مسافر؟ بس يالحبيب السيد سعد الحريري ابن الشهيد بنفسه اعترف بخطاه في الاتهامات السابقة وتراجع عنها، وبرأ بلسانه في تصريحاته الاخيرة من تسميهم (أتباع أيران وسوريا). وهو المتهم حالياً بفبركة وتصنيع شهود الزور. وتياره هو الذي وفر لهم الحماية ويرفض ملاحقتهم ومحاكمتهم. لماذا؟ يبدو ان متابعتك للموضوع اللبناني ضعوف.
      ابومحمود

    • زائر 18 | 9:10 ص

      بهلول

      السيد خالد الشامخ :
      إذا شهود الزور كلهم سوريون عيل ليش تييبونهم لنا من دير الزور ؟

    • زائر 17 | 8:24 ص

      اعلام مدفوع الثمن

      صدقت والله في تشخيصك..... فالمسألة لم تعد قضية شخص مظلوم فحسب، بل قضية تعديل المسار في البلد، وتصويب البوصلة من اتهام المقاومة التي حمت البلاد واستقلاله وكسرت شوكة المحتل، وتوجيهها إلى رأس الشر في المنطقة إسرائيل. بس المسالة تحتاج إلى وعي وتجرد، والخوف كل الخوف جرجرة بعض اللبنانيين إلى الفخ الطائفي بواسطة بعض الابواق الاعلامية مدفوعة الثمن.

    • زائر 16 | 8:21 ص

      العبرة في الانصاف وطلب العدالة

      اعتقد ان الكاتب قاسم حسين يا اخي (زائر رقم 4) لم يخلط ين المؤتمرين فهو قدم عرضاً واضحا ودقيقاً لتسلسل الحدث، وما قاله السيد في المؤتمر الاول كرره وبشكل أشد واقوى في المؤتمر الثاني. العبرة في النتيجة يا أخي، فهو يطالب الانصاف ممن سجنه ظلما في بلدان تدعي الديمقراطية وتطبيق القانون.

    • زائر 15 | 7:38 ص

      خالد الشامخ: الدوله أولاً

      السيد ليس مظلوماً و تم الافراج عنه لان الادله لم تكن حاسمه و القضية لم تغلق بل هي في بدايتها و أيدي أتباع أيران و سوريا ملوثه بدماء الحريري و رفاقه ..و شهود الزور كلهم سوريون و القرار الضني سيشير الي قياديين في حزب السيد حسن

    • زائر 14 | 7:29 ص

      لبنان المتوترة

      الله يحفظ لبنان من كيد الكائدين

    • زائر 12 | 5:32 ص

      على الطاير

      هناك مؤتمران للسيد، الأول قبل سفره قال فيه بأنه سيأخذ حقه بيده وهنا ثارت البلبلة واتهم بتدبير الانقلاب، و المؤتمر الثاني بعد عودته من السفر ولم يقل بأنه سيأخذ حقه بيده .. اعتقد بأنك خلطت بين المؤتمرين

    • زائر 11 | 3:43 ص

      الله يستر

      الله يستر من القادم على المنطقة،
      مو بس لبنان بل على عموم المنطقة. الله يكون في عون كل السادة والاشراف والاحرار، ولا نامت اعين الجبناء.

    • زائر 10 | 3:08 ص

      سيدنا

      تعجبني انت تتكلم عن شئ وتقصد شئ ثاني

    • زائر 7 | 2:31 ص

      albeem

      The God helpe you for this articles.

اقرأ ايضاً