لم يعد الخبر العراقي يحمل أولوية بالنسبة لوسائل الإعلام العربية والدولية، فالخبر عن هذا البلد الذي كان يتصدر نشرات الأخبار والمانشيتات تحول إلى خبر ثانوي نادراً ما يكون قابلاً للنشر.
إن تراجع تأثير الخبر العراقي على الساحة العربية والدولية ينبع من تغيرات حصلت على الأرض في مقدمتها تراجع العنف الذي كان يعصف بهذا البلد منذ الحرب الطائفية التي استعرت به في العام 2006 والأعوام الثلاثة التي أعقبته.
طبعاً، تراجع العنف لم يكن السبب الوحيد الذي حوّل الملف العراقي إلى خبر ثانوي لا ينافس حتى الأخبار الثانوية في البلدان غير المؤثرة في العالم برغم أهمية دولة كبيرة ومحورية مثل العراق، بل رافقه الجمود السياسي المستمر منذ ستة أشهر دون وجود أي تحول حقيقي على مواقف الطبقة المسيطرة على المشهد السياسي في العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية وحتى الآن، حيث الجميع يدعو إلى حكومة شراكة وطنية، والجميع يرفض المشاركة في حكومة لا تضم كل الائتلافات الفائزة بالانتخابات، والجميع يطالب بمفاوضات جادة وسريعة وحقيقية لتشكيل الحكومة، والجميع يدعو إلى احترام الدستور ويعلن تمسكه به، والجميع يستنكر الاحتماء بالخارج لتشكيل الحكومة، لكن لا أحد من هذا الجميع مستعد للتنازل بأبسط مطالبه. فالحقيقة التي تحكم السياسيين العراقيين دون غيرها هو أن الكل متمسك بالحصول على أفضل المناصب وأقواها تأثيراً، فالائتلافات الثلاثة الأولى (العراقية، دولة القانون، الوطني العراقي) تدعو كل واحدة منها لأن يكون منصب رئاسة الوزراء من نصيبها، أما الكتلة الرابعة (الكردستاني) فقد اكتفت بما حققته من مكسب من الائتلافات الأخرى وهو منصب رئاسة الجمهورية (صاحب الفيتو على القرارات التنفيذية والتشريعية) وتحاول الآن الحصول على مكاسب إضافية. أما المنصب «السيادي» الثالث وهو رئاسة البرلمان، فقد ظل يتيماً ترفضه جميع الكتل الفائزة دون استثناء، لكونه منصباً صورياً مكملاً للمشهد السياسي العراقي لا أكثر. ويعود تمسك الكتل السياسية بمنصب رئيس الوزراء في مجمله للصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها هذا المنصب والقادر على تحويل كل من يناله إلى دكتاتور جديد، وهذا ما حصل مع كل رؤساء الوزارات السابقين ولاسيما الحالي منهم (نوري المالكي) الذي يرفض التنازل عن المنصب بكل الوسائل «القانونية والدستورية» المتاحة، برغم رفض شركائه في «العملية السياسية» التجديد له وهذا ما أعلنه ائتلافا العراقية والوطني صراحة وما عبر عنه الأكراد ضمناً.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2934 - الجمعة 17 سبتمبر 2010م الموافق 08 شوال 1431هـ