عند التدقيق في محتوى المخلفات الصلبة الناتجة عن الاستهلاك المنزلي في المنطقة الخليجية - بصورة عامة - يلاحظ تزايد المواد العضوية، والمواد البلاستيكية، والورق المقوى، وأوراق الألمنيوم، والزجاج. صناعة التعبئة والتغليف ساهمت في تقديم المنتجات الصحية إلى المستهلكين على الرغم من مرور هذه المنتجات في دورة طويلة من التداول والنقل. لاشك أن هذا الواقع يؤدي إلى تضاعف أكوام المخلفات الصلبة التي يتم طمرها وبالتالي الحاجة إلى مزيد من المساحات الخالية على اليابسة لاستخدامها لهذا الغرض.

صناعة التعبئة والتغليف تعتبر مسئولة عن الزيادة في أحجام المخلفات الصلبة في العصر الراهن. لكن إصبع الاتهام يجب توجيهه إلى الشركات التي يصمم مهندسوها طريقة التغليف بالإضافة إلى المواد المصنعة. على الرغم من الاهتمام العالمي بالمحافظة على البيئة وخفض إلقاء النفايات فإن هذه الصناعة مازالت متهمة بعدم الاهتمام وبزيارة قصيرة إلى السوبرماركت سيتضح جليّاً هذا الواقع المؤلم. على سبيل المثال، هناك العديد من الأصناف الاستهلاكية من المواد الغذائية إلى ألعاب الأطفال والتي يتم حفظها في صناديق من الورق المقوى أو مواد بلاستيكية أكبر من حجم المنتج بعدة مرات لهدف استغفال المستهلك.

في قضية رأي عام قامت إحدى البلديات البريطانية برفع قضية ضد ثالث أكبر سلسلة سوبرماركت في المملكة المتحدة (سينزبري) واتهامها بالاستخدام المفرط لمواد التعبئة والتغليف حول اللحوم ما يؤثر سلبياً على البيئة وتعتبر هذه القضية الأولى التي يتم فيها مقاضاة أحد مراكز التسوق الكبرى بسبب عدم البقاء ضمن مستويات مقبولة من التعبئة والتغليف. هذه القضية ألقت الضوء على الكميات المهولة من مواد التغليف التي يتم استخدامها في بريطانيا سنوياً والتي تقدر بـ 5 ملايين طن أو 5 في المئة من سلة التسوق.

قانون التغليف والتعبئة البريطاني والذي تم إصداره في العام 1999 يدعو إلى «وجوب صناعة المواد المغلفة بحيث يتناسب حجمها ووزنها مع الحد الأدنى للحفاظ على المستوى اللازم للسلامة والنظافة والقبول للمنتج من قبل المستهلك». العقوبات المادية لمخالفي هذا القانون منخفضة وتتراوح بعدة آلاف من الجنيهات البريطانية والتي لن ترهق أرباح سلاسل السوبرماركت الضخمة. بطبيعة الحال، هذه الشركات لن تألو جهداً في البعد عن الأخبار السلبية في وسائل الإعلام خاصة إذا تم تضخيمها بصورة تؤثر على بيع منتجاتها وخفض نصيبها في السوق لذلك فقد تحركت الماكينة الإعلامية للشركة المتهمة وقامت بالإعلان عن مشروعاتها البيئية في مجال التعبئة والتغليف موضحة خططها المستقبلية وأكدت أن الجانب الصحي للحفاظ على جودة المنتج هو السبب في زيادة التغليف في هذه الحالة مع إمكانية تدوير بعض المكونات.

بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي فالكثير من البضائع الاستهلاكية يتم استيرادها من مختلف دول العالم وبالتالي يعتمد مواصفات التعبئة والتغليف على سياسات وقوانين ومواصفات دول المصدر، وإمكانية توضيح المواصفات المحلية من قبل الموردين، وحكمة الجهة المصدرة من زيادة كمية مواد التغليف على الرغم من زيادة الكلفة المالية المترتبة.