العدد 2931 - الثلثاء 14 سبتمبر 2010م الموافق 05 شوال 1431هـ

ارتفاع الوعي العام بالديمقراطية في البحرين رغم التعثرات الأخيرة

في اليوم العالمي للديمقراطية... سياسيون وحقوقيون:

أكدت فعاليات سياسية وحقوقية أن البحرين بحاجة الى التعاضد لكي لاتفقد ماتحقق من تطور نحو الديمقراطية منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني في 2001، وخصوصاً على صعيد حقوق الإنسان والحريات العامة، بما فيها حرية التعبير وحرية الصحافة، ناهيك عن نزاهة الانتخابات.

ويصادف اليوم الموافق 15 سبتمبر/ أيلول من كل عام «اليوم العالمي للديمقراطية»، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة قي 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، واعتبرته فرصة لقياس مؤشر الديمقراطية في دول العالم.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري: «لدينا في البحرين طموحات كبيرة في بداية هذا العقد بتحولات ديمقراطية، وأتذكر أنه بين 14و 16 فبراير/ شباط 2002 كان هناك مؤتمر دولي بعنوان: «آفاق التحول الديمقراطي في البحرين»، شاركت فيه وفود من عدد من البلدان الذين ناصروا الديمقراطية في البحرين على امتداد عقود، وكانوا متفائلين في ذلك الوقت بالتحولات الديمقراطية، بل كان هناك تعاون من قبل الجهات الحكومة في تسهيل الإعداد للندوة».

وأضاف «الآن بعد حصيلة 10 أعوام لدينا متغيرات وعدد من التراجعات في التحول الديمقراطي، وأصيبت شريحة كبيرة من المصوتين على الميثاق بالإحباط نتيجة حالة حالة تقترب من وضع الطوارئ».

واعتبر العكري أن المعايير البسيطة للديمقراطية تشير إلى أن البحرين تقدمت بعد العام 2001، ولكن التراجع، حدث في ظل تقييد الحريات وصلاحيات البرلمان والمؤسسات الأخرى، متطرقاً في الوقت نفسه إلى تصريح المفوض السامي لحقوق الإنسان نافانيثيم بيلاي في كلمتها أثناء افتتاح أعمال الدورة الـ15 لمجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة، والذي أشارت فيه إلى أن البحرين إحدى الدول التي تقوم بتقييد عمل مؤسسات المجتمع المدني فيها، معتبراً أن ذلك دليل على أن الحصيلة ليست ما نتمناه فيما يتعلق بالديمقراطية في البحرين.

وقال: «ربما يكون الأمر الإيجابي الذي تحقق حتى الآن هو ارتقاء الوعي العام بالديمقراطية، صحيح أن هناك جوانب سلبية في وعي المجتمع من خلال المواقف الطائفية والأفكار المسبقة، ولكن عشرة الأعوام الأخيرة خلقت وعياً لدى الناس بالديمقراطية».

وتابع «في هذا اليوم لم تعد هناك ديمقراطية مفصلة، وتبنت الأمم المتحدة معايير أساسية، وأصبح الاحتفال بالديمقراطية نظاماً عالميّاً هو السائد، ونأمل أن تتكاتف القوى التي من مصلحتها الديمقراطية والتحول الديمقراطي مع بعضها بعضاً، وخصوصاً أن المشكلة الحالية تكمن في أن القوى المناهضة للديمقراطية هي الأقوى. وفي هذا الصدد تجب الإشارة إلى سجل صحيفة «الوسط» التي كان سجلها إلى جانب الديمقراطية والتعددية وفتحت المجال لمختلف الآراء وتعاطت مع جميع القضايا من منظور وطني».

من جانبه، تطرق الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان (ما قبل التضييق على الجمعية) عبدالله الدرازي، إلى انتقاد بيلاي تقييد مؤسسات المجتمع المدني في البحرين، معتبراً ذلك أبسط دليل على تراجع مؤشرات الديمقراطية في البحرين».

وقال: «على رغم الحراك الحقوقي الجيد في البحرين الذي تحقق بمشاركة المجتمع الأهلي والرسمي فيه، فإن هناك الإجراءات التقييدية التي اتخذت أخيراً، ووضعت البحرين في مصاف الدول التي تحد من عمل منظمات المجتمع المدني».

وأشار الدرازي إلى أن بيلاي حين زارت البحرين في شهر أبريل/ نيسان الماضي والتقت حينها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبعض المنظمات الأهلية، كان حديثها جيداً وانطباعها أفضل بشكل عام عن الوضع الحقوقي في البحرين مما أشارت إليه في كلمتها يوم أمس الأول، معتبراً أن ذلك التغير في الموقف يأتي نتيجة ما مورس أخيراً من تقييد لمنظمات المجتمع المدني كان آخره تجميد مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان.

وقال: «بعد أن كان هناك تقدم في حقوق الإنسان خلال الأعوام الأخيرة، يتم بين ليلة وضحاها تدمير ما أنجز، وخصوصاً بعد مناقشة تقرير البحرين الوطني أمام مجلس حقوق الناس التابع إلى الأمم المتحدة في إطار المراجعة الدورية الشاملة، والذي تعهدت خلاله الحكومة أمام المجتمع الدولي بتطبيق عدد من الالتزامات في مجال حقوق الإنسان».

وأضاف «كنشطاء حقوقيين نشعر بالحزن حين تُوصف بلادنا بذلك لأننا نأمل أن تكون أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في تطور مستمر، وأن تكون لدى البحرين سمعة جيدة على المستوى الحقوقي، وبالتالي هذه الممارسات سواء بقصد أو من دون قصد تؤدي إلى التراجع وعدم تطبيق مبادئ حقوق الإنسان وتقيد المجتمع البحريني».

أما نائب الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي عبدالنبي سلمان فاعتبر أن الديمقراطية في البحرين وليدة، ولاتزال تخطو خطواتها الصغيرة التي من المؤمل أن تكون أكبر، مؤكداً أن الديمقراطية في البحرين تحتاج إلى كثير من الجهد والاهتمام من قبل الأطراف المعنية بالعملية الديمقراطية وعلى رأسها السلطة التنفيذية والمعارضة. وقال: «لا بد من رعاية هذه التجربة الوليدة لتكون تجربة قابلة للازدهار مستقبلاً، وهذه التجربة وعلى رغم النواقص تضمر في دواخلها القدرة على أن تنمو شريطة أن تقوم الأطراف المعنية بدورها في هذا المجال».

وحمّل سلمان الدولة مسئوليتها في عملية استنهاض الواقع الديمقراطي في البحرين، باعتبار أن القوى السياسية يجب أن تكون على قدر من الوعي التام بالحفاظ على المكتسبات وتحقيقها، وأنه إذا استمرت في تلكئها وترددها لن تتطور كثيراً، بحسب سلمان، الذي أضاف: «أسوأ ما يمكن أن تتعرض له بلدنا أن تتبع الديمقراطية المزاج السياسي العام، في حين أنه يجب أن تتأصل الديمقراطية انطلاقاً من دولة المؤسسات والقانون والمواطنة، لا نوازع طارئة».

واختتم حديثه بالقول: إن «البحرين الديمقراطية باستطاعتها أن تنمو بشكل أفضل إذا كانت مقومات الديمقراطية تسير إلى الأمام ولا تتراجع إلى الخلف، ونأمل أن تخرج هذه التجربة من كونها تجربة إلى واقع له أبعاد ومستقبل زاهر».

من جهته اعتبر الأمين العام لجمعية التجمع الوطني الديمقراطي فاضل عباس أن الحملة الأمنية وتغييب المحامين عن الحضور مع الموقوفين أمام النيابة العامة، وإدانة الموقوفين قبل المحاكمة في وسائل الإعلام الرسمية، وحل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان كلها عوامل لا تشجع على تطوير الديمقراطية في البحرين.

أما رئيسة مكتب قضايا المرأة في جمعية «وعد» فريدة غلام، فقد قالت: «حالة الديمقراطية في أي بلد يجب أن تقارن بالمعايير التي يتم على أساسها المفاضلة، وهناك مقياس لتحديد الديمقراطية في البلد الواحد، يتمثل في الحقوق المتساوية والسلطة القضائية المستقلة والانتخابات النزيهة وحريات التعبير والصحافة، ومن يراقب الوضع في البحرين يرى أن هناك تباعداً بين الواقع والمعايير التي يتم التصريح بها رسمياً».

وتابعت «الكل يدين العنف ويريد الاستقرار والأمن للبلاد، ويرفض أعمال الحرق والتخريب التي تؤثر على تنمية وتقدم البلد، ولكن المفترض في أي دولة ديمقراطية أن تكون هناك محاكمة عادلة للمتهمين بأعمال العنف، وأن يحصلوا على حقوقهم بالاتصال بأهاليهم ومحاميهم. فالوضع الحالي قد يعود بنا إلى زمن الطوارئ».

وأشارت غلام إلى أن الوضع الأمني في البلد طغى على كل شي، كما تم انتهاك المعايير الديمقراطية، ناهيك عن تراجع الحريات من خلال عدم السماح للمعارضة بالحديث، معتبرة أن حل إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان تراجع خطير وهو مؤشر على تصفية حسابات مع مؤسسات المجتمع المدني.

واختتمت غلام حديثها بالقول: «نأمل أن تكون هناك نظرة عقلانية للأمور والاستجابة لدعوات الحوار، ومثلما يقال الديمقراطية تعالج نفسها بنفسها، والوعي الموجود في البحرين دليل على أن البحرين تستحق الأفضل».


نماذج متعددة للتحول الديمقراطي في العالم

أشارت الباحثة هـــــالة مصطـفى في «الأهرام» المصرية الى نماذج التحول الديمقراطي في العالم بين جنوب وشرق أوروبا‏، وقالت في مقالها:

باتت قضية التحول الديمقراطي، ‏ في كل مرحلة من مراحل التطور السياسي في التاريخ المعاصر‏،‏ تبرز منطقة بعينها لتحتل أولوية معينة وتصبح هي‏«الانموذج‏».‏ فبنهاية الحرب العالمية الثانية‏(1945)،‏ امتد النظام الديمقراطي ليشمل دول أوروبا الغربية كلها‏،‏ كما أفسح المجال لتحول دول المحور المهزومة إلى الديمقراطية‏.‏ وكانت حالتا ألمانيا واليابان هما الأبرز،‏ وإن شكلتا الاستثناء بحكم خضوعهما للتدخل الخارجي المباشر‏.‏

وفي أثناء فترة الحرب الباردة أي في سبعينيات القرن الماضي‏،‏ امتد الأمر إلي دول جنوب أوروبا‏‏ إسبانيا واليونان والبرتغال‏)‏ وأجزاء كبيرة من أميركا اللاتينية‏.‏ وبعد الحرب الباردة وإنهيار الاتحاد السوفاتي‏(1991)،‏ امتد التحول الديمقراطي إليىأوروبا الشرقية‏.‏

وظلت أوروبا الشرقية بالتحديد تحتل مكانة مهمة أو مميزة بالنسبة لمن يتطلعون إلي تحول مماثل علي المستوى العربي،‏ سواء كانوا من الأكاديميين أو الناشطين السياسيين‏.‏ وربما كان السبب الرئيسي في ذلك هو الدور الذي لعبته أوروبا الشرقية كأنموذج سابق لنشر نظام الحزب الواحد والملكية العامة للاقتصاد والترويج للأيديولوجية الشمولية عموماً فيما يتعلق بالحريات العامة والفردية‏.‏ ولهذا‏، كان هذا التحول على مستوي أوروبا الشرقية علامة فارقة بالنسبة للعالم النامي‏(‏ الذي كان يسمى بالعالم الثالث‏)‏ وفي المقدمة منه العالم العربي‏.‏

كانت أسباب التحول نحو الديمقراطية في أوروبا الشرقية كثيرة ومتنوعة،‏ ولكن يظل أهمها بلاشك هو خصوصية حالتها‏،‏ بمعنى ارتباطها بالتحول الهائل الذي شهده الاتحاد السوفاتي الذي كان بمثابة السلطة الشمولية المركزية التي تحكمت في مسار تجربتها السياسية لعقود طويلة‏.‏

لم يكن تحول أوروبا الشرقية نحو الديمقراطية سياسيا والسوق الحر اقتصاديا سهلا بالطبع،‏ ولكن توافرت له ظروف خاصة‏.‏ فلاشك في أن تجاوز أوروبا الشرقية مع مثيلاتها الغربية قد سهل انتشار الثقافة الديمقراطية القائمة على الحرية وحقوق الإنسان،‏ والتي كان لها دور أساسي في تقويض دعائم الأيديولوجية الشمولية‏،‏ فضلا عن تقديم الاتحاد الأوروبي النموذج والدعم في آن واحد لمثل هذا التحول‏.‏ ولذلك‏،‏ كان التغيير في أوروبا الشرقية متدرجا‏ (‏ بل ربما بدأ خجولا منذ توقيع اتفاقية هلسنكي في منتصف السبعينيات من القرن الماضي‏)، ولم يكن ثوريا أو عنيفا‏.‏ إذ إن التحول الديمقراطي هناك اعتمد على مجتمع مدني قوي‏(‏ من تكتلات سياسية وثقافية ومهنية وجمعيات واتحادات‏)‏ تحرر بعد قمع أمني طويل‏،‏ مثلما تم من خلال الانتخابات كأداة للتغيير‏.‏ ولم يكن ذلك دفعة واحدة بالطبع،‏ فقد اتسمت الأنظمة السياسية بخليط من السلطوية والتنافسية أو ما يطلق عليه‏ « أنظمة مهجنة» Hybrid systems‏ ‏؛ أي تجمع في طياتها ما بين الطابع التسلطي و إتاحة مساحة من الشرعية لأحزاب المعارضة للدخول في العملية السياسية من خلال التنافس السياسي‏.‏

واتسمت الانتخابات بقدر من الشفافية‏ حتى وإن لم تكن نزيهة تماما‏،‏ ولكنها مكنت المعارضة من النمو داخل البرلمان ما أعطاها شرعية إلى جانب وجود قضاء وإعلام مستقل‏.‏ كما شهدت بعض الحالات أيضا إصلاحات داخل الأحزاب الحاكمة،‏ كما حدث في سلوفاكيا‏1998،‏ وأوكرانيا‏2000،وفي صربيا‏2000‏ وجورجيا ‏2003، وأوكرانيا مرة أخرى‏2004,‏ حتيى أطلق عليها‏ «ثورات انتخابية‏»، لأن فوز المعارضة في الانتخابات شكل البداية لعملية تغيير كبرى أفضت إلى الانتقال إلى الديمقراطية‏.‏ كذلك كانت المعارضة تقريبا‏ً ‏موحدة متزامنة مع بروز جيل جديد من الناخبين‏، ‏ ولعبت القومية المدنية‏Civil Nationalism‏ دورا مهما في تعبئة الجماهير وراء هدف واحد هو التغيير الديمقراطي عبر الآليات السلمية‏.‏

العدد 2931 - الثلثاء 14 سبتمبر 2010م الموافق 05 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:33 ص

      زمن العجائب

      من قديم الزمان شعب البحرين عنده وعي ديمقراطي لاكن وين اليمقراطية( من قبل زمن القرامطة

اقرأ ايضاً