العدد 2923 - الإثنين 06 سبتمبر 2010م الموافق 27 رمضان 1431هـ

استقالة سلمان كمال الدين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أربعة أشهرٍ من تعيينه رئيساً للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، استقال سلمان كمال الدين.

عند صدور أمر التعيين، واجه كمال الدين - وزميله عبدالله الدرازي - الكثير من الانتقادات التي وصلت إلى التشكيك في النوايا. وتعرّض الرجلان إلى محاكمةٍ علنيةٍ شديدة الوطأة في قاعة جمعية «وعد». ووقفت ضد التيار العاصف حينها وكتبت منتقداً هذه الحملة التي جانبت الإنصاف، فليس من العدل أن تدين رجلاً قبل أن يبدأ عمله... فالمتهم - على أقل تقدير - بريء حتى تثبت إدانته.

لم تكن الاستقالة مفاجئةً، فالرجل من البداية، واستجابةً للضغط الشديد، صرّح أنه يمتلك من الشجاعة أن يستقيل إذا خالفت المؤسسة مبادئ باريس أو الاستقلالية أو الحيادية التي يجب أن تكون عليها، وشكّل هذا التصريح «كلمة شرف» أمام الجمهور المتوجس. وكان مؤكداً أن هذه الضمانة ستتعرّض للامتحان يوماً ما، لكن لم يكن متوقّعاً أن تأتي بهذه السرعة.

استقالة كمال الدين، خطوةٌ مخيّبةٌ لآمال الكثيرين من تيارات المعارضة التي تؤمن بالعمل السلمي وإمكانية تحقيق بعض المكتسبات على الأرض. وكانت إحدى حجج الدفاع عن قبول المنصب، هو ضرورة الانسجام مع الذات، فالمعارضة طالما طالبت بتمثيلها في المؤسسات الرسمية، لكيلا يقتصر على لون واحد من المحسوبين على التيار الحكومي، وما يعنيه من صوتٍ واحد، ورأي واحد، وموقف محسومٍ سلفاً لصالح الحكومة.

الاستقالة تعيد طرح السؤال من جديدٍ على الحكومة هذه المرة، فما فائدة تشكيل مؤسسات حقوقية، ستكون نسخةً أخرى من جمعيات «الغونغو» الحقوقية التي أُوعِز بتشكيلها للدفاع عنها في المحافل الدولية ومشاكسة المؤسسات الحقوقية الأهلية؟ وهو سؤالٌ يصبح أكثر إلحاحاً ووجاهةً بعد إعلان استقالة كمال الدين.

البحرين مجتمعٌ تعدّديٌ متنوّع، ولا يمكن ادعاء تمثيله بصورة حصرية، ويجب أن يستوعب الجميع هذه الحقيقة ويتعامل معها كإحدى مسلَّمات حياتنا المعاصرة. فزمن الصوت الواحد انتهى، ولم يعد ممكناً فرض رأي واحد أو ادعاء تمثيل جميع أبناء الشعب. التطوّر التقدمي نفسه يجعل ذلك عبثاً، في زمن الفضائيات وشبكة الإنترنت التي تُستخدم في أكثر من سبعين في المئة من البيوت البحرينية، وتتعامل معها الأغلبية الساحقة من أبناء الجيل الشاب (أكثر من 450 ألف مستخدم للإنترنت في البحرين). فعقلية المنع والتعتيم أو فرض موقفٍ واحدٍ على جميع الناس لم تعد عمليةً ولا ممكنةً في زمن الإنترنت.

قرار الاستقالة نفسه جاء على إثر خلاف بين كمال الدين وأعضاء المؤسسة المعيّنين بشأن الموقف من الأوضاع المستجدة. ولا يعني ذلك عدم وجود خلافات أخرى سابقة، لتبنيهم مواقف سياسية منحازة مسبقاً، وتفتقر إلى الحياد والتوازن من الناحية الحقوقية البحتة. فكمال الدين رفض إصدار بيان باسمه يخالف قناعاته، وأكد عدم جواز احتجاز أي مواطن دون توفير المعلومات لأهله عن مكان احتجازه، وطالب بالسماح للمحامين بالتواصل مع المحتجزين وحضور جلسات التحقيق. كما أكّد على عدم جواز نشر اتهامات قبل استكمال التحقيق كحقٍ أصيل من حقوق المواطنين، وهو تحدٍّ أخلاقي آخر يواجه قطاع الإعلام المسموع والمرئي والمقروء.

المؤسسة وعدت بمتابعة التحقيق، وإصدار تقريرها بشكل حيادي، وهو كلامٌ من الصعب أن يتقبله الرأي العام بعد خروج كمال الدين، فتحولت إلى مؤسسة ذات صوت واحد، تحتاج إلى جهد خارقٍ لإثبات توفر العناصر الثلاثة... الاستقلالية والمهنية والحياد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2923 - الإثنين 06 سبتمبر 2010م الموافق 27 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 34 | 10:50 ص

      قرار حكيم ومشرف

      الرجل الصادق مع ربه وشعبه والمحب لوطنه يجب أن يخاف عليها من الفتن والمكائد والشرور، وأنت ياسلمان رجل وطني شجاع قلت الصحيح وفعلت الصحيح فلا يمكن أن تكون مدعي وقاضي وجلاد وحقوقي في آن واحد، يجب إحترام عقول الناس ونشكرك على موقفك المشرف" بالمتهم برئ حتى تثبت براءته" وليس" المتهم مدان حتى تثبت برائته ويعفى عنه تكرماً" ونتمى كل الخير لوطننا رغم النعيق والتحريض والتشهير الإعلامي الممنهج.

    • زائر 32 | 8:33 ص

      الاستقاله اقل شئ يسويه

      اسمح ليي ياسيد قاسم
      هاكو سلمان دخل قدر يسوي شيئ ما قدر يغير على الرغم منه الرئيس واستقال المشكلة مو المشاركه المشكله في الحكومه وسيطرتها على كل شئ مثل الوفاق لما دخلت البرلمان وعددهم كبير وماقدروا يسون المنتظر منهم بالمختصر المفيد الحكومه اللي تبيه بسويه لا عليها من برلمان ولا جمعيه

    • زائر 31 | 6:52 ص

      الخوف كل الخوف

      الخوف كل الخوف يتهمونك يا اخ سلمان انك من المحرضين خب تدري هالايام زايدة الاقلام الطفيلية

    • زائر 29 | 6:39 ص

      موقف نادر

      موقف نادر في البحرين حيث من يمسك المنصب هنا لا يترك حتى الموت , فهنيئا لك يا بطل على موقفك المشرف, وننتظر اسقالات الباقي .

    • زائر 28 | 6:24 ص

      سلمت يمناك

      يعطيك العافيه سيد عالمقال الرائع ومع احترامي الشديد لناس اللي حطيناهم ثقه لنا اتذكر قال رئيس جمعيه رشحونا نضع ايدنا عالمجلس النيابي عشان اذا طالبنا بشكل جماعي تكون لنا كلمه واذا ما سوينا شي راح نحرج الحكومه ونستقيل استقاله جماعيه من المجلس امام الشعب والعالم كله وعيني عينك نسو كلامهم هذا وهذا هم يرشحون حالهم من جديد واتمنى يدخلون من جديد عشان بس ينفذون كلمتهم الي دعدةنا فيها ( لا احد يدري الكلام لك يا وفاق واتوقع هذي كلمتك يا شيخنا الفاضل علي سلمان)

    • زائر 26 | 4:59 ص

      ابوعمر الستراوي

      سلمان كمال الدين رجل نزيهة وشريف وعنده مبادئ قلما تجدها فى شخص يعمل في المجال الحقوقى .أنسان يحمل بصيرة .لك كل الأحترام والتقدير ,ونثمن هذا القرار الشجاع الذى أتخذته ..

    • زائر 25 | 4:39 ص

      ما فيه مشكلة

      بحصلون و احد يسوي ما يريدون
      و تضيع حقوق الانسان في البلد و هذا هو الاساس
      العمل مع الحكومة صعب

    • زائر 23 | 4:10 ص

      الحمد لله ،،ن قلتها بعظمة لسانك

      يا استاذي الفاضل تقول نحن في مجتمع متعدد ولك رايك ،،، صح لسانك،، بس انا يا استاذي اتساءل لماذا دائماً حضراتكم تسألون عن حق الموقفين في قضايا الشغب والتخريب ولا تسألون عن حق البشر الذين يقبض عليهم في قضايا الدعارة والمخدرات اوليسوا هم بشر؟،،، و سالي الثاني لماذا لا تسأل عن حقي انا كمواطن اواجه ارهاباً في الشوارع؟

    • جعفر الخابوري | 4:00 ص

      ونعم الرجال

      الرجال تعرف بمواقفها الصادقة المحبة للوطن

    • زائر 22 | 3:59 ص

      للمعلومه

      ليس بالشيء الغريب فهذا الشبل من ذاك الأسد
      فالسيد سلمان كمال الدين هو السيد سلمان بن العلامة السيد علي الغريفي وبن عم اية الله السيد عبدالله الغريفي
      من عائلة لا تلد إلا أسود

    • Ebrahim Ganusan | 3:57 ص

      أول أمر خطر على فكري بعدما سمعت خبر الاستقالة

      استقالة كمال الدين، خطوةٌ مخيّبةٌ لآمال الكثيرين من تيارات المعارضة التي تؤمن بالعمل السلمي وإمكانية تحقيق بعض المكتسبات على الأرض.

    • Ebrahim Ganusan | 3:55 ص

      حقيقة تقبل القسمة على جميع الاطياف ما عدى ولاية الفقيه

      البحرين مجتمعٌ تعدّديٌ متنوّع، ولا يمكن ادعاء تمثيله بصورة حصرية، ويجب أن يستوعب الجميع هذه الحقيقة ويتعامل معها كإحدى مسلَّمات حياتنا المعاصرة. فزمن الصوت الواحد انتهى، ولم يعد ممكناً فرض رأي واحد أو ادعاء تمثيل جميع أبناء الشعب.

    • زائر 21 | 3:46 ص

      برايي المتواضع

      لم تعد فكرة الاصلاح من الداخل مجدية مادامت الحكومة تغللت في المؤسساات التشريعية و القضائية وما دام الخصم الحكم في كثير من المحافل والقضايا نتمنى ايجاد مخرج عاجل للوضع الراهن قبل فوات الاوان.

    • زائر 20 | 3:28 ص

      انت رجل والرجال قليل

      للرجال مواقف تتميز بها واختبارات تتفوق فيها
      وهذا إحداها. ومسألة فرض القناعات على الآخرين ليس أسلوبا ناجحا بالمرة. هكذا خلق الله الناس وجعلهم مختلفين ومن يحاول إيقاف فطرة الخالق لا يستطيع. كلنا نتفق على مصلحة وطننا ولكن الإختلاف في طرق المعالجة والطرح ولو كانت الطرق الأحادية الرأي و المتبعة حاليا سليمة لأثبتت نجاحها. لذلك ليس هناك من ضير أن يؤخذ بالرأي الحصيف فالوطن لم يخلوا الرجال الحكماء المخلصين من كل الإتجاهات وليس من اتجاه معين حتى يتبلور الرأي الحكيم والفكرة الصائبة

    • زائر 19 | 2:51 ص

      من يريد البلد بلون واحد فهو يحلم بالمستحيل

      شاءت الحكمة الإلهية أن تجعل الإختلاف قائم بين الناس ليخرج دفين عقولهم وإبداعهم بسبب الإختلاف والتمايز.ومسألة فرض رأي على الناس أو مصادرة آرائهم لا يقول به عاقل فكل قضية لها وعليها. كلنا متفقون في مصلحة البلد وأمنه واستقراره ولكن كل منا ينظر وينظر إلى ذلك بطريقته وحتى من أوقفوا بهذه التهم كلهم يتبنى مصلحة الوطن ولكنه ينظر إليها من منظور آخر قد نختلف معهم في أسلوب تحقيق ذلك ولكنهم في النهاية يرمون إلى ذلك.لذلك الحوار مهم للوصول إلى قواسم مشتركة بدل التراشق بالتهم ونشر الغسيل

    • فيلسوف | 2:41 ص

      الاستقالة والاساس والقرار الشجاع

      الاستقالة قرار شجاع من السيد سلمان كمال

      الدين والاساس هو كان من بادى الامر يجب عليه

      عدم الموافقة على المنصب . وفعلا سلمان رجل

      مخلص وصاحب مبادى كبيرة في حياته العلمية و

      العملية ولاسيما في عمله الحقوقي واعتقد ان

      انشاء مؤسسة حقوق الانسان راجع الى اسباب

      خاصة وليست عامة لانها دورها جدا ضعيف من

      خلال الاوضاع الامنية وغيرها ونشكر الاستاذ قاسم

      على هذا الموضوع وتحياتي للجميع

    • زائر 17 | 2:33 ص

      هكذا هم الرجال

      الحر حر في جميع المواقف هكذا هم الرجال ,,, ياسيد قاسم وله ياسيد قاسم كل الاحترام والتقدير

    • زائر 16 | 2:26 ص

      سلمان رجل مباديء

      يحتاج المجتمع البحريني إلى رجالات في مستوى شجاعة سلمان كمال الدين حيث وفي هذا الظرف الصعب يعلن موقفا شجاعاً يكشف فيه زيف بعض المؤسسات التي انشأت لرعاية حقوق الإنسان في حين أنها تعمل متحيزة لجهة ومن غير إنصاف .

    • حسين الوادي | 2:18 ص

      هكذا تكون الرجال

      رجل ولا كل رجال

    • زائر 15 | 2:15 ص

      سلمت لنا ياقاسم حسين

      سعدت كثيرا وانا اتصفح ثنايا صفحات جريدة الوسط الغراء وشاهدت عنوان مقالكم الذي يبهج النفس..اتمنى ان يكون هذا المقال هو عودة لمقالاتكم القوية في الشأن المحلي والوطني..استغربت كثيراً عندما شاهدنا الكاتب قاسم حسين منشغلا بمقالات بعيدة عن غمرة الاحداث وكأن كاتنبا العزيز يكتب من المريخ..
      لاتنسانا اخي الكريم من مقالاتك ذات الشأن المحلي فأنت قلم فذ وترتعد له الاقلام

    • زائر 14 | 1:44 ص

      الرجال تعرف بمواقفها الصادقة والمخلصة للوطن ...

      الرجال تعرف بمواقفها الصادقة المحبة للوطن اين انتم يارجال يامن تدعون حب الوطن ؟ اين انتم في ساعة حاجة الوطن لكم تبخلون عليه بالكلمة فما بالكم لو احتاجكم لما هو أكبر واغلى ؟لاشك انكم ستولون الدبر وتنزوون بعيدا بعيدا ، ورب من يرفع صوته ظلما وبهتانا وزورا يقلب الحقائق ويزورها وتبقى الرجال مواقف وكل سيعرفه التاريخ ويعرفه المواطنون بمواقفه وهكذا حال الدنيا وجوه بيضاء ووجوه سوداء مصفرة بائسة ..

    • زائر 9 | 11:50 م

      الزمن الرأي الواحد والديكتاتورية عائد من جديد

      ((فزمن الصوت الواحد انتهى، ولم يعد ممكناً فرض رأي واحد أو ادعاء))

      الزمن الرأي الواحد والديكتاتورية عائد من جديد وبقوة

    • زائر 8 | 11:20 م

      أم مريم

      شكرا أخي سلمان كمال الدين. ورزقك الله من رزقه الحلال.
      نعم للأمانة والحرية
      ولا للتضليل والنفاق
      حفظك الله في نفسك وأهلك.

    • زائر 7 | 11:14 م

      زهراء

      متى ما كان الإنسان صاحب مبادئ وقيم وشرف حقيقية .. فلن يستطيع أصحاب الضمائر الميتة .. و القلوب المريضة شراؤه بثمن بخس !!! سلمان كمال الدين مثال يحتذى ... هل يوجد في هذا البلد من رجالات تستحق الإحترام بعد ... تستطيع قول كلمة الحق .. وتستطيع فعل الحق أمام هذا المد الجائر .. شكرا سلمان كمال الدين .. أعدت الإنعاش لأملنا المذبوح بأشباه رجال محسوبة على وطن يغتصب كل يوم أمام الأعين ولا من مغيث .. أو ناصر .. أو حتى معترض بهكذا صورة ..يعطيك العافية سيد .. ويحفظك الله بمحمد وآل محمد ..

    • زائر 6 | 11:13 م

      كل الي قاعد ايصيير لا يخدم الوطن

      يا إ خوانا ترى الوطن ما اينهض و لا يرتقي الا با الوحده هذا الوضع لا يخدم اي طائفه ولا اتقول طائفه انها سوف تترتقي على حساب طائفه اخرى.خلنا انشوف البلدان الاخرى مثل باكستان و العراق و افغانستان و اليمن كذالك كل الطوائف قاعده تخسر.

    • زائر 5 | 10:48 م

      الخيار الذاتي

      أعتقد أن الرجل إتخذ خياره الصائب في عدم مخالفته قناعته , إذ منذ متى وقفت مثل هذه المؤسسات مع أهلها وناسها , هي دائما في خط مستقيم لا تنحرف عنه قيد أنملة كما يريد سيدها ,وهناك من ينظِّر لها في الصحف الصفراء لتقوم بعملية تلميع لقوانين حقبة سوداء مظلمة في تاريخ البحرين .أعتقد أن الرجل قرأ ما يراد له في الأيام القادمة من منهج ففضل الإستقالة , وإن دل على شيئ فهو لأنه شريف .

    • أمل جديد | 10:05 م

      الايسان الشريف لا مكان له هنا

      دائما متعودين على الحيادية يا سيد

    • زائر 2 | 9:34 م

      بعد الاستقالة

      بعد الاستقالة اصبحت جمعية حقوقية حكومية

    • زائر 1 | 9:33 م

      الدرازي

      وماذا ينتظر الدرازي ؟

اقرأ ايضاً