العدد 2412 - الإثنين 13 أبريل 2009م الموافق 17 ربيع الثاني 1430هـ

البحرين ناطقا رسميا: المدلولات والتحديات

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من بين القرارات المهمة التي خرجت بها اجتماعات لجنة التحكيم الدولية المنبثقة عن جائزة القمة العالمية قمة (WSA) التي عقدت في دلهي في النصف الثاني من شهر أبريل/ نيسان 2009، كان تعيين نائب رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للإنترنت وعضو لجنة التحكيم ذاتها نواف عبدالرحمن، ناطقا رسميا عن الجائزة في منطقة الشرق الأوسط.

مما لا شك فيه أن أداء نواف في جلسات التحكيم، كان من أحد أهم الأسباب التي أقنعت القمة بهذا الاختيار. لكن الأمر لا يقف عند حدود المهارات الشخصية، رغم أهميتها وضرورة توافرها، بل يتجاوز الجوانب الشخصية، كي يراعي المؤهلات التي تتمتع بها البلد التي ينتمي إليها الشخص المعين، والذي هو في حالتنا هذه البحرين.

إن لهذا الاختيار مدلولات كثيرة من بين أهمها:

1. ثقة القمة في البحرين كدولة، فقد سبق أن أعطيت هذه المسئولية للعضو السابق في مجلس إدارة جمعية البحرين وحيد البلوشي، الذي مارس دورا إيجابيا خلال فترة توليه ذلك المنصب، في نشر الوعي بأهمية المحتوى الإلكتروني، وكان من نتيجة النشاطات التي قام بها، وبالتعاون والتنسيق مع جمعية البحرين للإنترنت، تلك التطورات التي شهدتها البحرين على هذا الصعيد، والتي توجت برعاية البحرين للجائزة العربية للمحتوى الإلكتروني، واحتضان توزيع جوائزها.

2. تطور مستوى صناعة المحتوى الإلكتروني في البحرين، والمقياس هنا نسبي إلى حدٍ بعيد، فنحن لا نقارن البحرين بدول عظمى بحجم الصين مثلا، أو حتى دولة صغيرة لكن لديها تاريخ عريق في صناعة المحتوى الإلكتروني من مستوى ماليزيا. لكننا عندما نضع البحرين في محيطها العربي، وهو النطاق الذي تغطيه الصلاحيات المعطاة للسيد نواف، وعلى نحو أضيق الخليجي، بوسعنا أن نقول بثقة إن البحرين قد حققت خطوات ملموسة على هذا الطريق، تجسدت في التأسيس في مرحلة مبكرة لجائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني على صعيد الدولة، وزرعت الشعور بأهمية المحتوى الإلكتروني في صناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات في صفوف مؤسسات المجتمع المدني، فشاهدنا جائزة ليلى فخرو للمحتوى الإلكتروني، كما دفعت دولا خليجية أخرى على أن تحذو حذوها، وهو ما قامت به دولة الكويت التي أطلقت جائزة ولي العهد للمحتوى الإلكتروني.

3. اهتمام مؤسسات صناعة المحتوى الإلكتروني الدولية، بالسوق العربية في هذا القطاع، وإدراكها لآفاق تطورها المستقبلية الواعدة، ومن ثم سعيها أن تكون هناك قناة إعلامية، من خلال الناطق الرسمي، تأخذ على عاتقها تنفيذ مهمة تسير في اتجاهين: الأول، هو رصد اتجاهات حركة هذه السوق، وتحديد حجم الأعمال فيها. وتزداد أهمية هذه السوق في هذه المرحلة، عندما نأخذ بالحسبان كونها الأقل تضررا من الأزمة المالية العالمية نظرا لتوافر الحد الأدنى من السيولة النقدية لتنفيذ بعض المشاريع؛ والثاني نقل التطورات التي تشهدها هذه الصناعة، من خلال علاقات الناطق الرسمي بالقمة، إلى السوق العربية من أجل إطلاع هذه الأخيرة على تلك التطورات والاستفادة منها في تنفيذ مشروعات وطنية في نطاق هذه الصناعة.

هذه المدلولات تضع البحرين، كدولة أمام تحديات حقيقية لابد وأن تؤخذ في الحسبان إن هي أرادت الاحتفاظ بهذا المنصب الحيوي والمهم لأطول فترة زمنية ممكنة، من بين أهمها:

1. المنافسة الإقليمية، فمن الطبيعي أن تسعى أكثر من واحدة من دول الجوار أو من بين الدول العربية، للاستئثار بالمنصب، من خلال تقديم بعض الخدمات والامتيازات التي من شأنها إغراء القمة على تدوير هذا المنصب بحيث لا تحتفظ به البحرين. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن لا نستبعد أن نشاهد مبادرات مثل فتح مكتب للناطق الرسمي أو تشكيل هيئة من شأنها أن تجد أذنا صاغية لعروضها في صفوف جائزة القمة العالمية.

2. الخدمات المميّزة، التي ينبغي أن ينجح الناطق الرسمي البحريني باسم القمة أن يوفرها، والتي بحاجة إلى فريق متكامل متعدد المواهب والمهارات، كي يلبي احتياجات القمة الإعلامية، التي تتجاوز، في كل الأحوال، إمكانات فرد بنفسه. الحديث هنا عن خطة متكاملة تحقق أهدافا محددة، وليس تصريحات عشوائية، يدلي بها الناطق الرسمي هنا، أو نقل إستاتيكي لفعالية ذات علاقة بالمحتوى الإلكتروني هناك. يجب على الناطق الرسمي أن يهيئ نفسه لمواجهة تحديات صريحة وسافرة، تتجاوز القدرات الفردية، وتستدعي تضافر جهود مؤسسات ضليعة في الصناعة الإعلامية، تكون قادرة على توفير خدمات يحتاجها أداء الناطق الرسمي لمهامه على الوجه الأفضل.

3. الاستمرارية والنمو، والمقصود هنا، وكما يقال، الاحتفاظ بالمجد بدلا من الاكتفاء بالوصول له. إذ لابد أن تشعر القمة أن هناك استمرارية في أداء الناطق الرسمي لمهامه، وأن هذه الاستمرارية مصحوبة بنمو متواصل تعكسه أنشطة هذا الناطق الرسمي والفعاليات التي يقوم بها. الأمر لا يقتصر على مد قناة تقليدية بين القمة وسوق صناعة المعلومات العربية، فالنطاق المطلوب الحركة فيه أكثر رحابة من تلك الدائرة الضيقة.

المطلوب هنا أن يتحوّل الناطق الرسمي، من خلال تعاضد إدارات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وفي مقدمتها جمعية البحرين للإنترنت، معه إلى نظام توعوي، يمارس دوره الإبداعي في نشر الوعي بأهمية المحتوى في صناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات، وتشجيع المبادرات الوطنية أو الإقليمية المنخرطة فيها، وتحسيس القمة بها من جهة، واطلاع المنطقة على نحو دائم بأنشطة القمة ذات العلاقة بتلك الصناعة ودورها في تنمية هذه الصناعة في المنطقة من جهة ثانية.

وما لم ندرك علاقة التأثير المتبادل العلاقة بين المدلولات والتحديات، ونسج علاقة التكامل بينهما على نحو مبدع، سيتحول دور الناطق الرسمي إلى مجرد تصريحات باهتة، تحتل حيّز هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك، الأمر الذي من شأنه تفريغ المهمة من دورها الذي، بقدر ما تحتاجه القمة كي تحقق أهدافها، لا تستغني عنه البحرين، كي تعزّز من مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي في سوق تقنية الاتصالات والمعلومات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2412 - الإثنين 13 أبريل 2009م الموافق 17 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً