العدد 2919 - الخميس 02 سبتمبر 2010م الموافق 23 رمضان 1431هـ

مذكرات مجرم حرب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما استكمال الانسحاب من العراق، أصدر رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير مذكّراته، التي تناولت جزءاً من هذه المغامرة الدموية.

وإذا كان جورج بوش سيدخل التاريخ الأميركي باعتباره الرئيس الذي ورّط بلاده في أطول حرب استنزفت اقتصادها، فإن بلير سيدخل التاريخ باعتباره رئيساً للجنة الرباعية الدولية التي مازالت تجعجع بالقضية الفلسطينية دون طحين. وهو منصبٌ كافأه به بوش قبل مغادرته البيت الأبيض لضمان مستقبله!

وكالات الأنباء نشرت مقتطفات من مذكرات بلير التي استغرقت كتابتها ثلاث سنوات وجاءت في 718 صفحة وأسماها «رحلة». وبيع الكتاب بنصف سعره في اليوم الأول لنشره عن الأميرة ديانا والملكة والولايات المتحدة وخصومه السياسيين، بالإضافة إلى رفيقه في الحرب ومثله الأعلى بوش! والطريف ما وصف به صديقه وذراعه الأيمن وخليفته على شعبه غوردون براون... بأنه «شخصٌ غير محتمل»!

بلير الذي كان أول وأكبر وأشد داعمٍ لبوش في حربه الكونية، انتابه الخوف عندما اتخذ قرار إرسال الجنود البريطانيين للعراق. ويبدو أنه كان يتأذّى كثيراً من وصفه في الصحافة البريطانية بـ «مجرم حرب»، فحرص على تسجيل وجهة نظره في مذكراته بقوله: «هل يعتقدون أنني غير مكترث أو متعاطف بكل شعرة في جسدي مع الجنود الذين يقتلون في العراق؟»... ولكن فخامته لم يشِر إلى تعاطفه مع عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين الذين تسبّب قراره في إزهاق أرواحهم، وكم شعرة من جسمه اهتزت كلما سقط منهم العشرات في العمليات العسكرية أو التفجيرات الإرهابية ضد الآمنين.

بلير كان سياسياً بارزاً في بلاده، فاز في ثلاث انتخابات، وظلّ يدير بريطانيا لعشر سنوات، ويرجع المراقبون تدني شعبيته وسقوطه إلى عامل واحد، وهو تبعيته الفاضحة لسياسة بوش. وحين أراد أن يتشبّث بالكرسي لفترة أطول، لم يسمح له البريطانيون بالتمديد لأكثر من سنةٍ واحدةٍ، بعدما أصبح حكمه لا يحتمل!

بلير خصّص فصلاً لوصف مشاعره لدى مغادرته مقر إقامته برئاسة الوزراء، وأشار إلى بكاء الكثير من الخدم هناك، وتذكّرت هذا الموقف حين عرضت الفضائيات تلك اللقطات على الجمهور. وقد اعترف بصعوبة التخلي عن منصبه، ولكن يُحسب له أنه لم يغيّر الدستور من أجل البقاء، أو يعيد ترشيح نفسه نزولاً عند رغبة الجماهير!

الصحف البريطانية تقول إن بلير الذي تتهمه منظمات حقوق الإنسان بارتكاب جرائم حرب، أصبح مليونيراً جرّاء ما يلقيه من محاضرات عبر العالم. كما يمتلك شركة حصلت في الفترة الأخيرة على الموافقة بمزاولة أنشطة استثمارية مربحة جداً في مجال البنوك.

بلير وربما كنوعٍ من التكفير عن الذنب، هذا إذا كان الساسة يشعرون بالذنب كما يشعر بقية الناس، أعلن التبرع بملايين اليوروات من عوائد مذكراته للجنود البريطانيين الذين أصيبوا بالعراق. وهؤلاء بعضهم بُترت أطرافه، وبعضهم فقد بعض حواسه كالسمع أو البصر، وكل ملايينه الاسترلينية لن تعوّضهم أو تمسح على قلوبهم مرارة الشعور بالنقص أو الإصابة بالعاهات المستدامة.

من المتوقع أن يكتب بلير جزءاً ثانياً من مذكراته، وسيطرح هذا الكتاب باللغة الألمانية تحت عنوان «طريقي»... فهل كان ذلك استلهاماً من كتاب «كفاحي» لهتلر؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2919 - الخميس 02 سبتمبر 2010م الموافق 23 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 4:38 م

      زائر 6 إتق الله في المسلمين

      كمسلم يؤلمني هذا الحقد الأسود على الجارة المسلمة إيران من بعض الجهلاء بتعاليم و أحكام ديننا الإسلامي العظيم. لقد زرتُ إيران كثيراً، فوالله لم ألمس لا من حكومتها ولا شعبها الطائفيه التي يدعيها البعض لتبرير حقده الدفين. أدعو هؤلاء لزيارة إيران في مناسبات إسلامية ووطنية كيوم القدس ليروا بأعينهم موقف الحكومة والشعب الإيراني المسلم من قضايانا . فوالله ما رأيتُ عظمةً ليوم القدس في اية دولةٍ عربية او إسلامية، بل رايتُها في إيران (الصفوية) التي تبغضونها ظلماً لأنكم أنتم الطائفيون !! إتقوا الله

    • زائر 12 | 12:54 م

      الظلاميون الاغبياء

      الظلاميون هم الذين لا يفهمون في السياسة. والدليل ان ايران هي التي سهلت غزو افغانستان والعراق وفتحت قواعدها للامريكان. وكما قامت بتقيم العون اللوجستي للقوات البريطانية التي دخلت البصرة... وللقوات الامريكية التي دخلت من عبادان إلى بغداد. وهي التي كانت تقدم وجبات السبزي والآش لتموين الجنود الغربيين. بس صج اللي استحوا ماتوا، وما بقي غير الاغبياء!!!!!!!!

    • زائر 11 | 9:57 ص

      ايران يجب أن تحاكم أولا

      يجب محاكمة ايران اولا على تدخلها ونشرها الطائفية ، وليس اكبر من عرقلتها تشكيل الحكومة العراقية الجديدة .

    • زائر 7 | 7:55 ص

      الجمهوريه ...

      نعم لا بد من محاكمة المتورطين بما فيهم الجمهوريه الظلاميه الأيرانيه.فباعتراف الجميع هم اول من شارك في تسهيل مهام الجيوش الغربيه في احتلال العراق و افغانستان

    • زائر 6 | 7:05 ص

      ساسة بلا ضمير

      لا والله يا سيد، هؤلاء الساسة ليس لهم ضمير ولا يشعرون بتأنيب الضمير او الشعور بالعار والخجل مما صنعت ايديهم ولا يخافون الله.

    • زائر 5 | 6:31 ص

      مجرمان

      الفرق ان هتلر اصبح في التاريخ اكبر الاشرار لانه انتحر وانهزم، اما بلير للاسف فسوف يكتب تاريخه كما يريد وسيعتبر بطل. لكنهما في الاجرام سواء.

    • زائر 4 | 3:28 ص

      لكل حصان كبوة

      تلك هي سنة الحياة الله يمد للمجرمين ويعطيهم حتى يظنوا أنهم لا شيء فوقهم ولا قوة أقوى منهم ثم يأخذهم على حين غرة فلا ينفع مال ولا بنون
      عندما تأتي سكرة الموت بالحق فأين سيحيد منها هذا وأمثاله من المجرمين والذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. هؤلاء الزعماء ما إن يتسلموا هذه المناصب حتى يأتيهم جنون العظم فلا يفيقوا من غيهم إلا بعد فوات الأوان وبعد يحرقوا الأخضر واليابس.وكما قال الحديث الشريف بالمعنى(ظلم ساعة يعادل معاصي 70سنة) فما بالك بظلم سنين وقتل الملايين

    • زائر 1 | 11:06 م

      لابد من محاكمة امريكا و تغريمها

      لابد من محاكمة امريكا لتدخلها في بلد في الأمم المتحدة دون مبرر و دون ثبوت وجود اسلحة كيماوية و عليها تعويض العراق كل ما خسرته من ارواح و ممتلكات . نعم لقد اطاحت بحكم صدام من المكاسب . و لكن تتحمل كل تبعات الخسائر بعد ذلك و تقسيم العراق و نشر الطائفية و التسهيل لدخول دول اخرى في الخصوصية العراقية .

اقرأ ايضاً