بح صوت المواطنين، ممن لا يزالون يؤمنون بضرورة وجود شكل من أشكال التنسيق، ولو في حدوده الدنيا (ليس قائماً اليوم) بين أطراف التيار الوطني الديمقراطي، وهم يناشدون أطرافه كافة بضرورة الخروج من دائرة الصراعات المبطنة، التي تغلب التعارضات الثانوية في العلاقات القائمة بينها، وتضخم من طبيعتها كي تضعها في مصاف التناقضات الرئيسية، وتجعلها مسالة حسمها تتبوأ رأس قائمة أولويات عملها السياسي. وكل الشواهد تؤكد على أن الأمور قد وصلت اليوم إلى ما هو أسوأ بذلك بكثير. فما يقرأه هذا المواطن من أخبار صباح كل يوم في الآونة الأخيرة يدفعه إلى الاستمرار في تشاؤمه المشوب بإصراره في دعوته قوى هذا التيار إلى رص صفوفها. فاليوم، تلوح في الأفق مجموعة من التوقعات المرعبة التي تحذر من خطر متربص بمجمل فصائل هذا التيار دون استثناء لأي منها، بغض النظر عن أكثر القراءات تفاؤلاً. البعض مما تحذر منه تلك التوقعات سيبرز على السطح خلال مرحلة «مارثون» الانتخابات، والبعض سيطفو، في مراحل لاحقة بعد ان تطوى صفحة الانتخابات، وتعلن نتائجها.
أما في مرحلة التحشيد للانتخابات فيمكن حصر أهم تلك المخاطر في الظواهر التالية:
1. مظهر مخاتل لموقف السلطة من فصائل التيار الديمقراطي، بحيث يبدو الأمر وكأن هناك تفاوتاً في أطوال المسافات التي تفصل السلطة عن كل فصيل منها على حدة. مثل هذا التفاوت الخارجي يغلف سياسة مدروسة تهدف إلى زرع الشك، وهو ما تصبو له بعض الجهات في السلطة، ومعها بعض القوى المعارضة الأخرى، وليس جميعها، في صفوف تلك الفصائل، وتأجيج نار الخلافات غير المنطقية فيما بينها. موقف السلطة هذا، ونمط ومستوى العلاقات التي سوف تنسجها، أو ستبدو وكأنها تقيمها مع فصيل من التيار دون آخر، سوف ينجح، دون أي شك، في إشاعة الفرقة بين تلك الفصائل، يعزز من ذلك الإيحاءات، المرافقة لتلك السياسة، التي ستروج لها السلطة.
2. اضطرار فصيل من ذلك التيار إلى تغليب تحالفاته التي تربطه مع قوى سياسية أخرى، معارضة كانت أم من خارج إطار المعارضة، على تلك التي يفترض أن يكون قد نسجها مع فصائل التيار، او أحدها، الأمر الذي من شأنه وضع الفصيلين، وربما الفصائل كافة، في مواجهة بعضها البعض، مما قد يثير بلبلة لن تقف حدودها في الأطر السياسية المنظمة، بل ربما تتسع دائرتها كي تمس الأصدقاء، والجماهير العفوية أيضا. أخطر ما في هذه الحالة أن تداعياتها ستنعكس على العلاقات بين الفصائل، حتى في مراحل لاحقة تعقب الانتهاء من صولات المعارك الانتخابية.
تلك كانت الأخطار التي يتوقع لها أن تتمظهر خلال عملية الانتخابات، لكن الأخطر منها، تلك التي ينتظر لها أن تبرز في المرحلة اللاحقة لها، والتي يمكن حصر أهمها في النقاط التالية:
1. تصاعد حدة الخلاف بين الفصائل، نظراً لفوز ممثلي أحدها أو أكثر منها إلى البرلمان، وفشل آخرين في ذلك، مما يتطلب إعادة استراتيجية للبرامج السياسية، وخلط أوراق جديدة لوسائل تنفيذها، وطريق الترويج لها. هنا سيجد من هم تحت قبة البرلمان، وأولئك الذي ما يزالون خارجها أنفسهم، بغض النظر عن حسن النوايا، وصفاء النفوس، في مواجهة تكاد تقترب من أشكال صدام سياسي، يهدر الطاقات ويشتت الجهود، ويحقق في آن أهداف السلطة التنفيذية وأطراف المعارضة التي لها مصلحة حقيقية في تمزيق أواصر ذلك التيار. أسوأ ما في الأمر هنا، أن من وصل إلى البرلمان سيكتشفون أن ظهورهم مكشوفة، وليس هناك من غطاء يوفر لها الحماية، وبالمقابل سيجد من لا يزالون خارج البرلمان أنفسهم أمام خيارات صعبة عند تحديد وجهة سهام معارضتهم إلى صدور السلطة أم نحو رقاب رفاق التيار.
2. إرباك حركة الشارع، حيث سيجد المواطن العادي نفسه وقد انشطرت إلى نصفين، وأمام برنامجين مختلفين، إن لم يكونا متضاربين. والأخطر من ذلك كله، دون التقليل من سلبياته، هو الشلل الذي سيلم بأجسام منظمات المجتمع المدني، حيث يوجد لممثلي التيار رموزاً في مجالس إدارات البعض منها، والذي سيفقدها هذا التمزق الكثير من ديناميتها المطلوبة في المرحلة القادمة. حينها لن يكون من السهل على تلك المنظمات أن تواصل السير على الطريق الذي يفترض ان يقودها نحو الأهداف التي تصبو إلى تحقيقها. مرة أخرى هنا ستجد هذه الفصائل، بغض النظر عن طوايا نفوس قياداتها، أنها تضع نفسها ومعها منظمات المجتمع المدني أمام طريق مسدودة، وتجردها من أقوى أسلحتها، والتي هي قواها السياسي التي تتكئ عليها. المحصلة النهائية لكل ذلك منظمات مجتمع مدني واهنة ومرهقة، أمام سلطة تنفيذية متجبرة.
ليس القصد من وراء رسم معالم المرحلة القادمة بهذه القتامة، إشاعة اليأس في صفوف فصائل التيار الوطني الديمقراطي، ونفخ نار التشاؤم في صدورها، إذ لا يزال هناك متسع من الوقت، فيما لو خلصت نوايا كل الأطراف، وانطلقت جميعها من رؤية تحالفية استراتيجية كي تخرج، بشكل ما من أشكال العمل الجبهوي، بغض النظر عن «هشاشته»، لكنه، دون أدنى شك، يقيها من المخاطر المتربصة بها، والتي جئنا على ذكرها أعلاه، سواءً في المستقبل القريب، او ذلك المنظور.
إن لم يكن في الوسع اليوم، وفي الفترة القصيرة المتبقية والمتاحة أمامنا، والتي تفصلنا جميعاً عن تاريخ الذهاب إلى صناديق الاقتراع، والإدلاء بأصواتنا لمن نرى فيهم أفضل من يمثلنا، فأضعف الإيمان يزرع في نفوسنا بعض الأمل الذي، ربما يمدنا به البرنامج الوطني الديمقراطي الذي نتطلع إليه بكل صدق. حينها سيزودنا ذلك البرنامج المتفق عليه، ببوصلة الطريق التي تحصننا ضد ما من شأنه إرغامنا على إعطاء أصواتنا لمن لا نريد، او الاضطرار إلى إلقاء أوراق بيضاء في تلك الصناديق، فتأتي النتائج مخيبة لآمال الجميع، بمن فيهم، ممثلو التيار، ممن ساعدتهم عوامل استثنائية، على تجاوز العقبات والوصول إلى قبة البرلمان.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2917 - الثلثاء 31 أغسطس 2010م الموافق 21 رمضان 1431هـ
انا غير متفائل
اصلا يمكن المعارضه في 2010 ما تحصل على 10 كراسي وتضيق اكثر واكثر اشلون بيكون في حل
البرلمان
البرلمان يعني في كل الاعراف حكم الشعب وتغيير فاعل في الواقع لكن في بلداننا فقط صورة ورواتب تدفع للأعضاء وخلافات تافهة تتناولها المقاهي الشعبية وتحلها بشكل ودي وسريع , والبرلمان يردح ليل نها لا يحرك حتى نملة على الطريق .
نتمنى على الجميع الرجوع للحوار
لا تغلق أبواب الحوار فالكل يطالب بذلك البلد على كف عفريت ونحن احوج ما نكون للهدوء الإقتصاد يمرّ بحالة متعثرة ولكن الله يهدي الجميع التصلب والتعنت لا ينفع الطرفين وليس في صالح احد الكل خاسر
مقالاتك في الصميم
دائما ما تضع يدك على الجرح إستاذنا الكريم العبيدلي ... نحن متجهين نحو الهاوية
أخذ حاله دراسية وبناء عليها التوصيات والاستنتاجات
يمكن أخذ حالة دراسية من البحوث التي أعدت من قبل حملة الدكتوراه ودراسة الاستنتاجات وصياغة التوصيات ليس الغرض فقط ذلك ولكن من رؤية للمستقبل حيث أصاب بعض زغلله \\\\ مع تحيات Nadaly Ahmed
ماذا قدم البرلمان على مدى 8 سنوات
برلماني حتى الموت ... تكاد وجوه المعارضة تتكرر والواضح بأن قيادات بعض الجمعيات لا تتغير فإذا كان هؤلاء ينتقدون ويريدون التغيير ومصلحة المواطن لماذا بعض الجمعيات احتكرت وجوه وكأن هؤلاء الأشخاص هم أشخاص مقدسين على مدى سنين من الزمن أم أن هناك أجندات خاصة للجمعيات لا تريد أن تبرز كوادر أخرى .. عجبى \\ لا تنه عن فعل وتأته بمثله