الأرقام الإحصائية التي تم إعلانها مؤخراً عن استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية تدعو إلى التروي في التفكير والدعوة إلى التعمق في قراءة المستقبل. الولايات المتحدة تمثل الزعامة العالمية في العديد من المجالات العلمية وتعتبر سياساتها في هذا الجانب قدوة ومجال منافسة من الدول الكبرى.
الأرقام المعلنة مؤخراً توضح أولاً أن إجمالي استخدام الطاقة في العام 2009 يقدر بـ 94.6 كوادريليون وحدة حرارة بريطانية مقارنة بـ 99.2 كوادريليون وحدة حرارة بريطانية (BTU) في العام 2008 أي أن الانخفاض في استهلاك الطاقة يقدر بـ 4.5 في المئة. في الولايات المتحدة، الكوادريليون هو عدد مؤلف من واحد وعلى يساره 15 صفراً، أما وحدة الحرارة البريطانية فهي وحدة للطاقة تقدر تقريباً بألف جول (الوحدة المترية). أما الملاحظة الثانية فإن نسبة استخدام الطاقات البديلة، وخاصة طاقة الرياح والشمس قد ارتفعت بنسب ملحوظة، فقد ارتفع إنتاج طاقة الرياح من 0.5 كوادريليون إلى 0.7 كوادريليون وحدة حرارة بريطانية.
لاشك أن انخفاض استهلاك الطاقة الكهربائية في جميع القطاعات من صناعية وتجارية وسكنية وبنسب ملحوظة مرده الرئيسي انخفاض النشاط الاقتصادي بسبب أزمة الائتمان العالمي، ومن ثم بسبب استخدام الأجهزة الكهربية الحديثة ذات المواصفات الحافظة لاستخدام الطاقة، وزيادة الوعي الاستهلاكي من قبل المجتمع وضرورة خفض الفاتورة الشهرية للأسرة.
على الرغم من إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقات البديلة في الولايات المتحدة لا يقارن بطموحات نظيراتها في أوروبا، خاصة ألمانيا الاتحادية فإنه عندما تتحرك عجلة التطور فمن الصعب توقيفها وبالتالي فرغم ضآلة النسبة المئوية الحالية فإن الطموح والاستثمار في الطاقات البديلة مستمر رغم المصاعب المالية للاقتصاد العالمي. الأهداف الرئيسة لهذا التوجه هي خفض البصمة الكربونية للمواطنين، وتقليل الاعتماد على الفحم الحجري لإنتاج الطاقة الكهربية، والمحافظة على البيئة، وخفض الملوثات المنبعثة، وخفض مسببات ظاهرة الاحتباس الحراري، تشجيع الاستثمار في مجال التعليم في الطاقات البديلة.
هل أثرت الأزمة الاقتصادية سلبياً على الاستثمار في مجال الطاقات البديلة وتجارة الكربون؟ من الممكن أن سقوط العديد من الشركات في فخ الكساد والإفلاس قد لا يوضح الصورة لأن أساسيات الحضارة الغربية تعتمد على بناء الخبرات العلمية المتراكمة ومن ثم التوجه نحو استغلال العلم تجارياً. الفشل هو شرارة النجاح وبالتالي فمن المتوقع استمرار نهج الاستثمار المالي والعلمي ولعقود قادمة ضمن معادلة الدورات الاقتصادية.
بالنسبة لمملكة البحرين فهناك تصاعد في استهلاك الطاقة أكدته تقارير هيئة الكهرباء والماء حيث وصل استهلاك الكهرباء في المملكة نحو 95 في المئة من إجمالي الطاقة المنتجة («الوسط»، 16 يونيو/ حزيران 2010). في سياق آخر، مجلس التنمية الاقتصادي أعلن بتاريخ 19 يوليو/ تموز 2010 أن الاقتصاد البحريني سيتجاوز معدل نمو يقدر بـ 4 في المئة ولم يتأثر بالتالي بالأزمة العالمية. لاشك أن هذين الخبرين سيجعلان صيف 2011 لاهباً في حال استمرار النمو الاقتصادي على الوتيرة نفسها وحصول تأخير في تشغيل المحطات الكهربية الجديدة أو استغلال الطاقات خطط تطبيق الطاقات المتجددة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2913 - الجمعة 27 أغسطس 2010م الموافق 17 رمضان 1431هـ