العدد 2911 - الأربعاء 25 أغسطس 2010م الموافق 15 رمضان 1431هـ

من أجل لجنة إنقاذ وطنية مستقلة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خلال زيارته أحد المجالس الرمضانية، أكد ولي العهد نائب القائد الأعلى سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة على «أن الذين يرومون الفتنة لا يريدون الإساءة للوطن فحسب، بل إنهم يأتون بأشياء مخالفة لما تنص عليه القوانين، وواجب الدولة أن تحمي مواطنيها وتطبق قوانينها»، منوهاً إلى أن أي حوار يهدف إلى حل الأزمة القائمة لابد أن يمر عبر المؤسسات الدستورية والقانون ومن خلالهما، وبشرط مسبق لكل الأطراف «بقبول فكرة ودستورية حل الأزمة وألا أحد فوق القانون، وأن الحوار الذي نطرحه ونرنو إليه هو الذي يستجيب لإرادة حضرة صاحب الجلالة الملك الوالد القاضية بفرض هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار، وأن أية صيغة بديلة لهذا تعتبر مرفوضة رفضاً مطلقاً».

من جانب آخر، وعلى نحو مواز أكد عالم الدين السيد عبدالله الغريفي، هو الآخر، على أنّ، «رهانات العنف الأمني هي رهاناتٌ مدمّرة للبلد، سواء راهنت عليها السلطة أو أي طرف آخر، وأنّ الخيارات الأمنيّة القاسية لن تسهّل الوضع، وستؤدي إلى نتائج أخرى»، مشيراً في الوقت ذاته إلى «أهميّة الاتفاق على أسلوب الحوار الذي يُعيد الأمور إلى نصابها، فخيار المشاركة في العملية السياسية يبقى قائماً رغم كل المطبّات والمنزلقات والمعوقات، مبدياً تخوفه من أن تلقي التداعيات الأمنية بظلالها على الانتخابات المقبلة».

إذاً فالتحذيرات من تدهور الأوضاع الأمنية، وضرورة الوصول إلى وضع حد لها عبر قنوات حوارية تخضع لمواد الدستور والقوانين المتفرعة منه، باتت قاسماً مشتركاً بين كل من له علاقة من قريب، كما تشهد على ذلك دعوات ولي العهد، والسيد الغريفي، أو بعيد كما تعكسها نداءات المواطنين التي تكتظ بها الصحف المحلية ومواقع الإنترنت البحرينية، في عملية الحراك السياسي التي تسود البلاد. هذه الحالة تجعل من الوصول إلى حل جذري جريء، يتبناه الجميع، ويكون قادراً على أن يعيد الأمور إلى نصابها، مهمة وطنية عليا تتطلب من جميع القوى، المشاركة في عمليات التصدي لها.

في خضم كل ذلك، يقف المواطن العادي البسيط الباحث عن حل أمني يضع حداً لمخاوفه، عارياً مجرداً من أي شيء يحميه من رياح عواصف ذلك الحراك التي باتت تقض مضجعه في مسكنه وتهدده في لقمة عيشه، الأمر الذي يدفعه للاستعانة بقوى أخرى جديدة خارج دائرة ذلك الحراك المباشرة، مرغم على ذلك بفضل مجموعة من العوامل، من بين أهمها:

1. شعور المواطن باستمرار، وربما اضطرار المعارضة المنظمة الشرعية، في «الإمساك بالعصا من وسطها» فيما يتعلق بضبط العنف. إذ يرى المواطن، أن معارضته، التي يضع ثقته فيها، لا تزال، حتى الآن غير قادرة على ضبط الشارع من جهة. ليس المقصود هنا توجيه المواطن لومه إلى المعارضة المنظمة، بقدر ما هو لفت نظرها إلى تشخيصه لسلوكها إزاء العنف، والإطار السياسي الذي رسمه لها.

2. رؤية المواطن لاستمرار السلطة هي الأخرى في، وإصرارها على، عدم اتخاذ الإجراءات التي توقف تلك الدوامة من دون الدخول في دوامة من نوع آخر. ولكي لا تفهم قراءة تصور هذا المواطن لسلوك السلطة فهماً خاطئاً، لا بد من التأكيد، على أن ليس القصد هنا دعوة السلطة إلى التصعيد من إجراءاتها الأمنية في اتجاه تضييق الخناق على المواطن، أو تصعيد أي شكل من أشكال القمع ضده، بقدر ما هو دعوة صادقة لها كي تستعين بحقوقها التي تبيحها لها قوانين البلاد وأنظمتها وبأفضل السبل الحكيمة في التصدي لموجة العنف التي تسود البلاد.

المطلوب اليوم من أجهزة الأمن، أن تمارس دورها الصحيح الذي يطرد المخاوف التي تسيطر على المواطن، ويزرع مكانه الأمان الذي يحتاجه قلب كل مواطن.

ما يراه المواطن اليوم هو خلط مربك للأوراق، ورؤية غير واضحة للأوضاع. هذه الضبابية تولد حالة من عدم الثقة بين الطرفين، هما سوية في أمَسِّ الحاجة إليها، في المرحلة الراهنة. ومن الضرورة بمكان هنا التأكيد مرة أخرى على ضرورة أن تحسن السلطة، وهي قادرة على ذلك، استخدام كل ما تبيحها لها الأنظمة كي تضمن استتباب الأمن، دون أن يقود ذلك إلى ممارسات قمعية غير ضرورية، وغير مجدية، وربما تكون نتائجها سلبية.

3. خوف المواطن من استمرار من هم خارج الدائرتين (السلطة والمعارضة المسجلة قانونياً)، ومن لديهم خبرة سياسية غنية، وعلاقات تأثير قوية مع أطراف ذينك الدائرتين، على الجلوس في مقاعد المتفرجين، وإصرارهم على نفي ذاتي لدورهم المهم في انتشال البلاد من طريق الهاوية الذي تسير عليه.

بات المواطن واثقاً من عدم جدوى شغل هذه الكوادر السياسية المخضرمة مقاعد المتفرجين تلك، داعياً إياها، وهي تشكل شريحة واسعة لها ثقلها في المجتمع، إلى العودة إلى مضمار العمل السياسي، من نافذة الوساطة بين الطرفين، علهما يسمعانها ويصغيان لمشورتها. لذلك ربما آن الأوان كي يسمي كل طرف أسماء من يرشحهم لتشكيل لجنة وطنية من «الخبرات السياسية»، تكون مهمتها الأساسية، إعادة اللحمة الوطنية إلى جسم البلاد السياسي، تماماً كما كان عليه الأمر خلال مرحلة نقاش مواد «ميثاق العمل الوطني»، على أن لا تكون مهمتها آنية ومؤقتة.

يدرك المواطن أكثر من سواه صعوبة تشكيل هذه اللجنة، بل ويرى ما هو أصعب من ذلك، والذي هو قبول الدائرتين بما ستقدمه اللجنة من حلول، أو اقتراحات. لكنه اليوم، وهو يرى كرة ثلج العنف تندفع بقوة نحوه، لا يملك إلا البحث عن حلول عملية، من واجبها أن تضع تصورات واقعية تمارس دورها في درء سلبيات معاول الهدم التي تحملها تلك الكرة معها، وتعمل في آن على انتشال البلاد من دوامة العنف التي تمسك بزمام رقاب جميع أهلها.

وإذا ما وافقت الدائرتان المواطن على إيمانه باستحالة بدء حوار جاد ومثمر أثناء مراحل العنف، فمن الطبيعي أن أول خطوة على طريق تسهيل عمل هذه اللجنة هو الوقف السريع لكل أشكال العنف.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2911 - الأربعاء 25 أغسطس 2010م الموافق 15 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:15 ص

      احسنت

      المواطن يشعر بالخوف من رجال الامن اكثر من الخوف من الاحداث الاخرى.
      المصالحة الوطنية ضرورة لخروج الوطن من دوامة العنف و لكن ارى انه من الصعب تكوين لجنة مصلحة وطنية لوجود الطائفية التي استشرت داخل هذا الوطن الحبيب
      اتمنى من ملك البلاد تكوين لجة عدالة انتقالية رغم الصعوبة
      للقضاء على الانفلات الامني نقل البحرين الى التنمية و بناء الوطن
      ويجب اغلاق ملف التجنيس

    • زائر 7 | 4:12 ص

      نتائج لتخطيط مسبق

      مايدور في البحرين هو نتيجة لتخطيط مسبق سري يتزعمة المتنفذون في السلطة وضعفاء النفوس لاستقصاء شريحة كبيرة من الشعب من حقها الدستوري كما جردت من حقوقها الاخرى لمعرفة ان الحق الدستوري هو المدخل القانوني لمحاسبة السلطة التنفيدية ومراقبتها وتصيحح المسار الى طريق الاصلاح الذى دعا له جلالة الملك والذى لايخذم مصلحة المتسلطين على الشعب من غير وجه حق ويعتبرونه من حقوقهم المكتسبة التي لايمكن التخلي عنه مهما كانت النتائج وما العبث بالانتخابات الا اذات لمصادرات الحقوق الدستورية للمواطنين من محتواها وتعطيله

    • زائر 6 | 3:56 ص

      قنوات الحوار

      لا بد أن يكون هناك قنوات حوار مفتوحة في جميع الاوقات وليس وقت الضرورة - وقت وقوع الفاس على الرأس.

    • زائر 4 | 1:15 ص

      لجنة محايدة من خارج التجاذبات السياسية الموجودة على الساحة.

      يوجد في جميع الأنظمة السياسية الديمقراطية جماعة مؤثرة تجيد فنون الحوار والتفاوض تلعب دور الوسيط بين مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل الشعب والحكومة والبرلمان ، وتسمى عالميا اللوبي Lobby فحين ينعدم اللوبي او يضعف يؤدي ذلك الى ضعف في العلاقة بين الشعب والحكومة. مع خالص التحية د. نجاح حميد صنقور

    • زائر 3 | 1:05 ص

      ابن المصلى

      صباح الفل أستاد نحن في هذا الوطن وفي هذا الوقت نحتاج الى كتاب صحافة هدفهم الوحيد هو النصيحة للحاكم والمحكوم لاالتئجيج والمزايدة على الوطنية والنفخ في الفتنة همهم الوحيد الأقصاء للآخر نصبوا انفسهم هم الوطنيين فقط وغيرهم ليس لهم وطنية البحرين امانة في اعناقنا جميعا فالدين النصيحة كلنا نركب في هذا المركب والذي يتسع للجميع في منطقةمن اكثر المناطق سخونة دعونا ان نقضي على هذه الفتنة كفانه الله شرها ونبادر جميعا الجلوس على طاولة الحوار بالمحبة والألفة والتعاون وذلك لحلحلة جميع الأمور عندها سيعم الخير

    • زائر 2 | 11:34 م

      لمااذا هذه المبادرات الآن ولماذا لا نتطرق الى المشاكل إلا عند استفحالاها

      الطبخ على نار هادئة والاهداف الخاصة كلها أمور موجوده ومخطط لها مسبقا ولقد نبه بعض من الرواد من الكتاب والمفكرين على عدم تكرار تجربة في بلد ما ولماذا يتم التطرق الى المشاكل الا عند استفحالها... مع تحيات Nadaly Ahmd

    • زائر 1 | 9:57 م

      امريكا استخدمت العنف في الفغانستان ولم تصل الى نتيجة

      العنف لا يحل المشاكل بل يؤزمها
      لذلك نحن نضم صوتنا مع الكاتب ونطالب بتشكيل هذه اللجنة لحل مشاكل البلد وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.

اقرأ ايضاً