بدأنا يوم أمس بوابل من الأخبار السياسية المتلاحقة بعد الإعلان عن الأمر الملكي بالإفراج عن الناشط السياسي حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد ضمن 178 محتجزا لأسباب أمنية - سياسية. الشوارع المحيطة بمنازل المفرج عنهم تعطلت بسبب ازدحام المرور وكثرة المتجمهرين للاستماع إلى خطب سياسية، وكان الوضع مؤهلا لأن يتحرك في أي اتجاه، وأن تطول فترة التجمعات الجماهيرية...
لكن وابل الأمطار العاصفة فاجأ الجميع نحو التاسعة والنصف مساء أمس، وتحركت النخيل والأشجار وبدا وكأن بعض السيارات ستطير من على الشارع بسبب قوة الرياح... ومن ثم تعطلت الشوارع مرة أخرى، ولكن هذه المرة بسبب كثرة الأمطار.
الأرصاد الجوية لم تعلم بالتحديد كيف كانت ستتحرك العاصفة أمس، ولكن من المفارقات اجتماع عواصف السياسة بعواصف الطقس، وتأثير بعضها على الآخر. البرق والرعد سرق رعد الخطابات والهتافات وأبواق السيارات التي كانت تزداد بشكل ملحوظ ومتواصل حتى هبوب عاصفة المطر الرعدية.
لعل البرق والرعد اللذين نزلا من السماء مساء أمس أرادا للألسن أن تصمت قليلا وتفكر قبل أن تنطق، ولعل المصادفة لم تكن مصادفة، وإنما فرصة من رب العالمين لكي يعود كل منا إلى نفسه ويفكر في كيفية معالجة الأمور من دون ضجيج يعكس الموجة الإيجابية الحالية إلى موجة سلبية تفقدنا فرصة لسد الثغرات وإعادة مد الجسور ورصّ الصفوف وتحقيق التلاحم الوطني وتقريب وجهات النظر والاستفادة بشكل حقيقي من كل ما حدث لنا خلال الفترة الماضية.
أمطار الطقس الطبيعية التي هطلت مساء أمس ذكّرتنا بضعف بنيتنا التحتية؛ إذ غرقت الطرقات، ولربما نعلم اليوم مقدار الأضرار المادية في المنازل والمناطق السكنية... وهذه الآثار ربما لا تختلف كثيرا عن أمطار الطقس السياسي التي هطلت علينا أمس. ماحدث أمس فرصة لنتحرك إيجابيا لمعالجة الأمور التي تحتاج الى العقل وسداد الرأي، ذلك لأن بنيتنا التحتية من الناحية السياسية لا تختلف كثيرا عن البنية التحتية المادية التي نكتشف ضعفها عندما تفاجئنا عواصف الطقس.
إننا بحاجة إلى أن نفسح المجال للحوارات الهادئة لفتح القنوات بين الشخصيات المؤثرة في المجتمع لكي تتواصل فيما بينها من دون أن نضغط عليها ونفرض عليها واقعا لا تستطيع أن تتحمله، فالصعوبة لا تكمن في إطلاق الكلمات والتصريحات، وإنما الصعوبة في ضبط التوقعات وإيقاع الشارع المتحرك للتأكد من سلامة السبل المتخذة لتحقيق المطالب العادلة. إننا بحاجة إلى الإمساك بالمشاعر وعدم التعجل في الأمور... فنحن بحاجة إلى أن نفكر في واقع الناس وكيف نصعد بمستوى السياسة من التنابز بالألقاب إلى تثبيت آليات ناجعة تدافع عن مصالح المواطنين وحقوقهم، وتعالج حالات العجز فيما يتعلق بالمشاركة الشاملة للمجتمع في عملية صنع القرار.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2411 - الأحد 12 أبريل 2009م الموافق 16 ربيع الثاني 1430هـ