العدد 2909 - الإثنين 23 أغسطس 2010م الموافق 13 رمضان 1431هـ

هم لا يبالغون حين يتألمون

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هم لا يبالغون حين يعلو صراخهم، وتتساقط دموعهم؛ لأنهم يتألمون، والألم قاسٍ لا يرحم، والجفاء والتجاهل ظلم لا يغفر، هم دون غيرهم يعيشون في ظل معاناة ولدت معهم وستبقى طيلة العمر ترافقهم أينما كانوا وكل ما كبروا، كانت الجدة كثيرا ما تقول «لو كان مرض السكلر رجلاً لقتلته»، إذ كابدت ألمها وألم ابنتها ثم حفيدتها، فأية حياة مؤلمة عاشتها؟

حين تنظر في وجوههم تعرف معنى القهر، وحين تسمع عن بعد صراخهم تعي مر الألم، وحين تقرأ ما يكتبون تقف باهتاً لا تدري ما تقوله، قرأت لأحدهم في مدونته تحت عنوان «نحن نتألم فلا تتجاهلونا» يقول فيها «مؤلمٌ جداً حين تقف إلى جانب مخلوق آدمي متجرد من الرحمة يصرخ في وجهك، ويوبّخك بسبب أنك مريض بمرض لا ذنب لك فيه. هكذا يتعامل المسئولون في كل مكان مع مرضى السكلر... الجميع يعاملون مرضى السكلر على أنهم أشخاص عاجزون، من دون أن يدخلوا لعالمنا...

إنهم بهذا الأسلوب غير الإنساني يجعلوننا نتعثر قبل أن نتقدم خطوة واحدة في الطريق، فكيف لنا أن نكون أشخاصاً منتجين مادام هناك من يتعمد تثبيط طموحاتنا وكسر آمالنا؟»... ويستطرد في معاناته قائلا آخر نكتة أن أحد رؤساء الأقسام في إحدى الجهات التعليمية قال: «لا شيء يستدعي الطالب للغياب عن الامتحان سوى موت الطالب نفسه»...

ترى هل يريدوننا أن نحمل معنا المغذي حيثما نذهب؟

أم ماذا نفعل ليصدقوا أننا نتألم؟

ويقول مسئول آخر إن مرضى السكلر يتجهون إلى الصحافة حتى يكسبوا تعاطف الناس وكأنه لا يعلم أن عدد مرضى السكلر في البحرين يكاد يتجاوز 18000 مريض.

قصص موجعة لا تنتهي، ومعاناة مستمرة تحتاج إلى منقذ، ففي يوم واحد وهو الثالث من شهر أغسطس/ آب الجاري توفي أربعة من مرضى السكلر، والضحايا في ازدياد ففي العام 2008م كانت ضحايا السكلر تقدر بحوالي 23 ضحية، وفي العام 2009م تزايد العدد إلى 25 ونحن الآن في 2010م، وخلال ثمانية أشهر فقط أعلنت الحالة 24، فهي مأساة وكارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهي معاناة صحية واجتماعية لا ينبغي لأحد أن يزايد عليها، فالموت والألم لا يعرفان السياسة ولا الطائفية.

تعتبر مشكلة أمراض الدم الوراثية مشكلة إقليمية، إذ تم التطرق إلى طرق مكافحة أمراض الدم الوراثية في الكثير من المؤتمرات الخاصة بمجلس وزراء الصحة للدول الخليج العربية وأثير هذا الموضوع في مؤتمر أبوظبي (يناير/ كانون الثاني 1997م)، في مسقط (مارس/ آذار 1997م)، في الكويت (أكتوبر/ تشرين الأول 1998)، (أبريل/ نيسان 2000م).

هنا في البحرين هناك توجيهات وتوصيات من أجل تحسين الخدمات الصحية ولكنها لم تزل في طي التصريحات، وعلى الرغم أنها من أكثر دول الخليج إصابة بالمرض، إلا أن الخدمات الصحية فيها مازالت غير موفقة في الحد من تزايد عدد الوفيات، وان المركز الذي وعدت الصحة بإنشائه والذي تم تخصيص موازنة له منذ ما يقارب الثلاث السنوات، لم يجد طريقه الى النور، بل خلال تلك الفترة فقدت البحرين ما يزيد عن الستين شخصاً من أبنائها من مرضى السكلر بسبب عدم وجود هذا المركز المتخصص لعلاجهم. ومازالت وزارة الصحة تتعثر في بناء خطة واضحة المعالم من اجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في مجال هذا المرض ومنعا لسقوط مزيد من الضحايا، بينما نجدها تفاخر بإنجازاتها بانخفاض نسبة المواليد الجدد من مرضى السكلر من دون النظر في التزايد المتصاعد في عدد وفيات هذا المرض.

الوضع بحاجة إلى قرار سياسي عاجل، ولا مجال لانتظار المزيد من الوقت، فلابد من تخصيص وحدة عناية قصوى خاصة بمرضى السكلر إلى حين استكمال المركز، مع توفير أجهزة ومعدات في المرافق الصحية تقدم خدمات لمرضى السكلر وبصورة تتناسب مع أعدادهم، وتفعيل دور مكتب شكاوى المرضى ومحاسبة المقصرين في حق مرضى السكلر، وتوحيد بروتوكول العلاج المقدم لمرضى السكلر خاصة بعد تعرض بعض المصابين إلى انتكاسات بسبب اختلاف العلاج والمضادات المقدمة، كما انه من الإجحاف التهاون في مسألة لجان التحقيق الخاصة بالوفيات ومحاسبة من له اليد في ذلك، فالمطالبات مستمرة وستستمر لان ذلك من حقهم، فالتطمينات والتصريحات لا تكفي، فاحذروا النار التي تحت الرماد، إذ ستكون ثورتهم بمقدار آلامهم.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 2909 - الإثنين 23 أغسطس 2010م الموافق 13 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:57 ص

      الله لا يراوي احد

      انا ممن عايش احد المصابين بهذا المرض العضال والذي لا يمكن تحمل آلامه والتي هي بذاته أي شدة الألم أحيانا تقضي على صاحبها لعدم القدرة على تحمل مثل هذه الآلام التي غالبا ما تكون قاسية جدا ولا يمكن تحملها بحال من الأحوال ليست المسألة مسألة تصنع فغالبية هؤلاء المرضى
      يتمنون لو يعيشوا حياة هانئة مثل غيرهم

    • زائر 4 | 4:04 ص

      ياإمةً ضحكت من جهلها الإمم ...!!!

      كل شئ يحتاج إلي ثوره ...!!! حتي الألم والمرض والمعاناة يحتاج أصحابها إلي ثوره ... انا ماادري يالمسئول المعني وش قاعد تسوي وش دورك بديرتك وش دورك بالحياة .. الحين الوزير والمسئول الواحد بماليزيا أو باليابان أو .. أو ... يقوم بإنجازات 100 بشت و 200 كرافته مع إنه مايوصله واحد بالمليون من المدح والتمجيد اللي عندنا ومع ذلك الفرق كبير وبعيــــــــــــد ومخجل .. متي تصحي يامواطن ولا خلاص صرت مسئول ونسيت إنك مواطن تري الدار دارك واللي يسكنونها أهلك ...!!!!

    • زائر 3 | 3:48 ص

      ابن المصلى

      المرضى يتضورون الما وغصة بعد غصة لا ياأختي الكريمة كذاب من يقول انهم يتجهون الى الصحافة ليكسبوا تعاطف الناس هم مواطنيين لهم مالهم وعليهم ماعليهم ابتلاهم الله بهذا المرض وعلينا ان نسلم لقضاء الله وقدره وندعوا الله العلي القدير ان يفرج عنهم جميعا ونحمد الله على نعمة الصحة والعافية وعلى المسئولين القيمين على الصحة في وطننا الغالي ان يرعوهم ببناء مركز متخصص مزود بتقنيات طبية متطورة في مجال الأمراض الوراثية وذلك للقضاء على هذا المرض فما من داء الاوله دواء حديث للنبي الأكرم ص

    • زائر 2 | 3:24 ص

      علياء

      كانت الجدة كثيرا ما تقول «لو كان مرض السكلر رجلاً لقتلته»، إذ كابدت ألمها وألم ابنتها ثم حفيدتها، فأية حياة مؤلمة عاشتها؟
      علمي ياالموقولة للإمام علي عليه السلام
      (لو الفقر رجلا لقتلته)
      !

    • زائر 1 | 2:09 ص

      جفت الاقلام وطويت الصحف

      الحل هو إجتثاث المتخاذل والمتهاون نطالب بأقالة وزير الصحة من عملة .. هل أصبحنا عاجزيزن لسنوات بتصحيح وحدة لمرضى السكلر ؟؟؟ عحبي .

اقرأ ايضاً