العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ

جمعية المعلمين ... بين التربية وإبداعات المعلم!

في الآونة الأخيرة بدأت جمعية المعلمين البحرينية في تغيير أسلوبها في العمل واتجهت نحو إعادة تشكيل اللجان من جديد وكأنها نجحت بنسبة معينة في هذا الاتجاه، وحدثت إثر هذا التحرك زيادة في الأنشطة النوعية للجمعية، وهذا لم يتأت إلا باشتراك المعلمين بفاعلية كبيرة. تقدم أو تراجع الفعاليات في النوع والكم يرجع إلى مدى تفاعل المعلم مع الكيان الذي يمثله في داخل المملكة وخارجها، وخصوصا إذا علمنا أن الجمعية بطاقاتها المحدودة وبموازنتها القليلة استطاعت أن تحصل على مقاعد مهمة في مؤتمرات تربوية شاركت فيها بفاعلية كبيرة وجعلت منظمة اليونسكو تختارها لتكون المنسق الإقليمي لمحور التعليم والتنمية "التعليم للجميع" للمؤسسات غير الحكومية، وكان حضورها ومشاركتها بارزا ومميزا في أعمال المؤتمر التربوي الذي عقد في دولة الكويت حديثا، وأخذت موقعا رائدا ولفتت انتباه المؤتمرين في المؤتمر الذي حضرته في جمهورية مصر العربية الشقيقة من خلال طرحها لورقتها التربوية... بالتأكيد أن هذا الإنجاز لم يأت من فراغ وإنما نتيجة جهد كبير بذله رئيس الجمعية لإيصال صوت المعلم البحريني التربوي والتعليمي إلى أعلى المستويات العربية والعالمية، واستطاع أن يقول للعالم في مواقع مختلفة إن المعلم في مملكة البحرين يحمل وعيا تربويا وإبداعا راقيا يتناغم مع التطلعات التربوية العالمية بكل معانيها، وتسلمت المنظمات العالمية المعنية بالشئون التربوية الرسالة واضحة جلية لا لبس فيها، ما دفعها إلى إعطاء ثقتها لها وحملتها مسئولية كبيرة وهي على علم أكيد وثقة راسخة أنها قادرة على تحمل المسئولية بكل اقتدار، كل هذا أنجزته الجمعية بالعدد المحدود من المعلمين والمعلمات، فكيف لو تحركت بكل الكوادر التعليمية في اتجاه الهدف المنشود؟ من المؤكد ستحقق الطموح الكبير الذي تطور من خلاله مهنة التعليم في كل مفاصلها، وأتصور أن المعلم باستطاعته تحقيق هذا المطلب بكل سهولة حتى لو أحبط من هذه الإدارة أو تلك، وهناك من الأمثلة التي لا حصر لها ما يثبت أن المعلم طاقة خلاقة على رغم كل الظروف. في حديث مع أحد المعلمين من إحدى المدارس الصناعية وهو يتحدث بحسرة عن الكفاءات التي لا تجد من يحترم جهودها ويقدر إبداعاتها، في الحقيقة دهشت من الأعمال الراقية التي يقوم بها والأفلام التي أعدها والتي امتازت بالدقة والإتقان الفني بكل ما تحمله الكلمة من معنى هو وأقرانه من المعلمين، ومن يريد الاطلاع على إنجازاته الراقية فهو على استعداد بأن يطلعها على أية جهة تريد معرفة الحقيقة، الأمر الذي أدهشني حقا أن هذا المعلم لم يقدر عمله الجبار من قبل إدارته حتى برسالة شكر وتقدير توزع مجانا في أبسط المناسبات التربوية والتعليمية، والأكثر دهشة أن إدارته لم تكلف نفسها حتى الاطلاع عليه... فعلى رغم كل الاحباطات النفسية والمعنوية التي تمارسها مثل هذه الإدارات المدرسية فإن المعلم يزداد عطاء، فكيف لو اعترف به من قبل الجهات المسئولة؟ من المؤكد أنه سيخلق المعجزات في عالم التربية والتعليم، والأمثلة كثيرة لا حصر لها والمجال لا يتسع لسردها سواء كان في مدارس البنين أو البنات.

نقول إن الجمعية من أجل إبراز هذه الطاقات إلى العالم التربوي والتعليمي الرحب الذي يتسع ليستوعب ويقدر الكفاءات والقدرات المبدعة ويضعها في المكان اللائق بها، هناك من المعلمين والمعلمات من انخرطوا في لجان الجمعية المختلفة طواعية قاصدين العمل لخلق نظرة إيجابية للمعلم ولمهنة التعليم لدى كل الأطراف المعنية بالتعليم ومؤسسات المجتمع المدني... لا أحد ينكر أن في أوساط المعلمين والمعلمات من يحمل الكفاءات والإبداعات الخلاقة والمذهلة، والجمعية في خطتها الحالية والمستقبلية إبراز ما يمكن إبرازه عن طريق الفعاليات المتميزة في مجالات متعددة كالفن والشعر والأدب والتخصصات العلمية و في مجال الكمبيوتر وغيره، وهي تؤكد في أدبياتها أن الركيزة الأساسية في إنجاح هذا المشروع الرائد تعتمد أولا وأخيرا على المعلم، ومبادراته بالتأكيد ستدفع بمشروعات الجمعية إلى مواقع متقدمة وتدفع به إلى التطور والرقي في إطار المهنة، ما ينعكس تلقائيا على وضعه في موقع العمل حتما، وسيكون بارزا في عطاءاته التي تمكنه من تبوء الموقع اللائق بمهنته وبه.

الجمعية لم تؤسس من أجل اللجوء إليها وقت تقديم تظلم أو شكوى فحسب وإن كان هذا الأمر من ضمن الواجبات الأخلاقية التي ألزمت الجمعية بها نفسها، ولكن اعتبرته محطة من أجل العبور إلى محطات أوسع وأرحب يحقق المعلم طموحاته من خلالها، وأهداف الجمعية كثيرة ومتنوعة من ضمنها الارتقاء بالمعلم مهنيا وتربويا من جوانبه المختلفة، والجمعية عليها واجبات أدبية وأخلاقية تجاه المعلم أحدها رفع مشكلاته إلى وزارة التربية والتعليم والمطالبة بحلها بحسب اللوائح القانونية لرفع الغبن عنه، والجمعية تطلب من المعلم ألا يكون سلبيا في حال بخس حقه في جانب معين، عليه أن يتحرك تجاه الجمعية لتساعده في نقله إلى وزارة التربية والتعليم والمساهمة في حل المشكلة بالطرق القانونية، وعليه أن يتفاعل مع كل القضايا التي تهم المهنة بإيجابية وهذا حتما سيقلل المشكلات، وعليه أن يبتعد عن الأنانية في حل المشكلات، لأن النظرة الأنانية والقاصرة تدفع بها إلى التفاقم والتعقيد، وقبل أن يقول المعلم ماذا ستفعل الجمعية لحل مشكلتي؟ يجب أن يقول كيف أساعد الجمعية في حل مشكلاتنا؟ لابد للمعلم أن يكون شريكا في حل مشكلات المهنة، وعليه أن ينظر إلى المسألة بموضوعية وبرؤية شاملة وليس للمعلم الحق في أن يفصل نفسه عن كيانه ويتعامل معه وكأنه جهة لا تربطه بها أية علاقة.

والحمد لله وكما سمعنا حديثا إن اللجنة المشتركة التي شكلت بين وزارة التربية والتعليم وجمعية المعلمين البحرينية كفيلة بأن تذلل كل العقبات إذا ما هي فعلت بالصورة التي تم الاتفاق عليها، والجميل في المسألة سعي الجمعية المتواصل والإصرار على تشكل لجنة مشتركة لما فيها من ايجابيات كثيرة، والأجمل من ذلك استجابة الوزارة لهذا المطلب التربوي الراقي، فتحية إلى الجمعية والوزارة معا اللتين حققتا هذا الطموح الذي يخلق نوعا من الطمأنينة في أوساط المعلمين، تحياتي للكوادر العاملة في الجمعية من المعلمات الفاضلات والمعلمين الأفاضل الذين يتفانون في خدمة المهنة لدرجة الذوبان بكل كيانهم ويبذلون في هذا الاتجاه الجهود الكبيرة ولا ينتظرون جزاء ولا شكورا من أحد، جنود يعملون في الظل وخلف الستار ولا يرى عملهم إلا من نظر إلى الأمور ببصره وبصيرته، راجين من المولى العلي القدير أن يعين المعلم على تحقيق كل طموحاته التربوية والتعليمية وأن يفتح عليه أبواب الخير والصلاح لما فيه مصلحة المهنة.

سلمان سالم

العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً