العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ

رفع الراية البيضاء

جاسم رضي حسين comments [at] alwasatnews.com

-

لم تكد المجالس البلدية تتجاوز نصف دورتها الأولى بعد انقطاع دام ثلاثين عاما عن العمل البلدي حتى بدت آثار الإرهاق والتعب ظاهرة على حركات وسكنات الأعضاء، وبدأت سلسلة التصريحات الانسحابية تتصدر الصحف اليومية وعلى ألسن النخبة والعامة.

إن تصور العمل البلدي كنزهة حدائقية تبين بأنه رحلة جبلية شاقة، وقد أفاق حجم العمل المهول الأعضاء من حلمهم الجميل وبدت المسئوليات بثقلها الطبيعي ظاهرا جليا مع إشراف دور الانعقاد الثالث على الانتهاء، فما حدا مما بدا أيها الأخوة؟

لقد مر المجلس البلدي بظروف صعبة وقاسية من فراغ قانوني وضيق ذات اليد ونقص الكوادر وتهميش من كل جانب وتعد من غير مؤسسة على الصلاحيات، إلا أنه صمد بمعية باقي المجالس، وتجاوز بجدارة الكثير من هذه العقبات حتى أمسى رقما في ساحة صنع القرار المحلي، وأصبح سقف العمل فيه طافيا مثل أسقف خزانات البترول... فهي تهبط متى ما فرغت وترتفع متى ما امتلأت، وهذا هو حال المجالس، فعندما تمتلئ بالمشروعات والاتصالات والعلاقات والحماس يرتفع السقف ويضطر الآخرون إلى الاعتراف بهذا الحجم من الارتفاع، وعندما يعتكف وتتراجع المشروعات والمقترحات وتفرغ جداول الأعمال من المبادرات... يتراجع السقف وترتسم ضحكة ماكرة على وجوه من لا يرجون الخير لهذه المجالس.

لا يختلف اثنان بأن الأدوار النهائية للمجالس المنتخبة هي فترة العودة إلى العمل المناطقي والاهتمام بالدائرة الانتخابية أكثر من الحرص على العمل الجماعي المؤسساتي، إلا أنه وفي الوقت ذاته فترة حصاد نتائج الأدوار الثلاثة الأولى، فالكثير من المشروعات والبرامج والقوانين التي درست وخططت ستظهر للعيان في الدور الرابع، وينبغي وضع خطة واضحة للاستفادة من هذه المكتسبات على مستوى المجلس والدائرة... وأن يترجم بشكل واضح للمواطن وتنعكس على حياته اليومية.

ويصعب على الناخب الثقة في استمرار العضو في العطاء وهو قد رفع الراية البيضاء في منتصف المعركة، ومهما كانت الأسباب والمبررات فالناخب يتوقع صمود العضو ودفاعه عن حقه في الخدمات البلدية، بل وكسب المزيد من الصلاحيات التي تعود بالنفع عليه.

إن التريث في الإعلان عن عدم الترشح لا يتنافى مع التخطيط والإعداد، بل إن إعداد الكوادر البلدية ينبغي أن يكون برنامجا دائما للجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وإنما تأتي ضرورة التريث لصعوبة التكهن بما قد يحدث خلال المدة المتبقية، والتي هي طويلة نسبيا، ومن الممكن أن تكون حبلى بالمفاجآت على المستوى البلدي أو على المستوى السياسي للمملكة. وفي المقابل تتطلب المرحلة المقبلة تكثيف الجهود لإبراز إيجابية مشروع المجالس الانتخابية لدفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع ودعم كل فكرة مهما كانت بسيطة بهذا الاتجاه وتجنب أية بادرة مهما كانت صغيرة في عكس هذا الهدف

العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً