العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ

المصالح المادية... وأسس المصالحة

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

سيادة القانون والعمل القائم على المؤسساتية بين أجهزة الدولة والمواطنين، يتطلبان مصارحة تكسر واقع المجاملات الاجتماعية السائدة وقيود العلائق المضرة ضررا فادحا بمصالح الوطن والمواطنين. هذه القيود تعتبر المعوق الرئيسي في تحقيق دولة تقوم على المواطنة؛ من المساواة بين مواطنيها وتحقيق العدالة الاجتماعية والمحافظة على الصالح العام.

إن الخوف من فقدان بعض الامتيازات التي تم سلبها من المال العام من غير وجه حق وبلا مسوغ قانوني، إلا غفلة من الزمن، وبالتالي فإن المرء الذي يدافع بكل ما أوتي من قوة عن تلك الامتيازات مستخدما شتى الأساليب من أجل التمسك بتلك المكتسبات غير القانونية، تارة بالقانون وأخرى بالدندنة حول العادات والتقاليد السائدة وأن مجتمعنا البحريني "غير وغير" كما هو صيفنا!... استمرار حصول هؤلاء على الامتيازات غير الشرعية سيجعل مجتمعنا البحريني في قعر العالم المتخلف، والمسئولية الملقاة على كاهل مؤسسات المجتمع المدني، بمختلف تموجاتها ثقيلة، وواجب الدولة العصرية من إعلام رسمي وتعليم وغيره... تثقيف المجتمع كواجب كبير. ذلك، إذا أردناها مملكة دستورية عصرية، فإن المهمة عظيمة في تغيير نمط تفكير المواطن وتغيير عقلية "الدقة القديمة" أو "الجزمة القديمة" لا فرق إذ كلاهما قديم!

والمحافظون الجدد "الذين يحافظون على مصالحهم المادية" لا يختلفون كثيرا عن أولئك الذين حرموا الناس حقوقهم بسبب من عرق أو انتماء ديني/مذهبي أو قبلي، وحرموا المرأة من حق التعليم وحق العمل المناسب لطبيعتها، وقسموا المجتمع إلى مراتب، كما هي أوروبا في عصور ظلامها، فالناس عبيد وخدم وسادة نبلاء.

كان نصيبنا من أوروبا في عصور ظلامها تطبيق الإقطاع في عصرنا الحالي، الإقطاع الذي استبدل ثوبه من "..." إلى "...". هذه القيم ورثناها كابرا عن كابر، ورحنا نطبقها. ففي مطلع القرن الماضي، والعالم المتحضر يتجه إلى منح الإنسان كامل حقوقه، وسيادة العدالة الاجتماعية بين المواطنين، حتى في الدول الإلحادية، كانت البحرين، هذه البقعة الصغيرة، تتجه نحو تكريس الظلم الاجتماعي في نظام التقسيم والسخرة... ومجتمع السادة والعبيد!

وبعد تأسيس الدولة الحديثة في البحرين، في بدايات القرن الماضي، تم منح البعض امتيازات منها تسنم المراكز القضائية أو الرتب العسكرية المختلفة ليس بناء على الكفاءة، بقدر ما كانت تعتمد تلك المعايير على نسب القبيلة وقربها من الحكم وخدماتها الجليلة للاستعمار!

إذا كنا نريد مجتمعا خاليا من "التمييز" و"الظلم الاجتماعي" بمختلف أشكاله وألوانه؛ فعلينا أن نتنازل عن الكثير من العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، وعلينا التخلي عن "التورية" في طرح ما نؤمن به، وعلينا الهجوم على مسببي الفساد مباشرة وليس الأرنب الوديع الذي لا حول له ولا قوة والذي تقدم لفمه الجزرة وترفع على غيره العصا التي لا ذنب له في رفعها!

إن الأنظمة التي تريد أن تتصالح مع شعوبها يجب عليها أولا الاعتراف بالظلم الذي وقع على فئات وجماعات مختلفة، من نفي وسجن وإبعاد، بمعنى آخر: المصارحة والمكاشفة. وثانيا، عليها وضع معايير وأسس للتعويض العادل للضحايا. وثالثا، عليها التأسيس لصفحة جديدة في علاقة قائمة على الرحمة والتآلف ومبادئ حقوق الإنسان ومواثيق الشرعة الدولية. فمتى ما وجد المواطن ان حضن الوطن يسعه فلن يلجأ إلى الغرباء، و"لا تسألني عن جنسية رجل المطافئ والحريق يلتهم بيتي"

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً