العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ

إقامة مفتوحة!

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

من جديد رفض الرئيس الأميركي تحديد جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال من العراق. وجاء رفض جورج بوش ردا على ضغوط أخذت تتصاعد على إدارة واشنطن من جهات إعلامية وفكرية وأعضاء في الكونغرس.

ذرائع بوش أيضا ليست جديدة. فهو أعاد تكرار ما سبق وذكره في تصريحات تناولت هذا الموضوع. فالرئيس الأميركي يعتبر ان وجود قوات الاحتلال في العراق وأفغانستان مسألة أمنية تتصل بالاستراتيجية الدفاعية التي تتلخص بفكرة مركزية وهي "منع الارهابيين من تنفيذ هجمات على الأراضي الأميركية كما حصل في 11 سبتمبر/ ايلول 2001". وحتى لا تتكرر الهجمات لابد برأي بوش ان تنتشر القوات الأميركية في المناطق التي تشكل خطرا على الأمن القومي. وبالتالي فإن وجود القوات الاميركية في العراق برأيه مسألة دفاعية لا هجومية وهي تستخدم تكتيك الضربات الاستباقية لمنع "اعداء الحرية" من القيام بهجماتهم.

هذا التبرير الذي كرره بوش في خطابه الأخير بدأ يفقد زخمه السياسي ولم يعد يشكل ذريعة كافية لاقناع الناخب الأميركي بجدوى تلك الحروب التي شنتها الإدارة في الخارج دفاعا عن الداخل. فالداخل على رغم انه انخدع بالشعارات التحريضية واعطى أصواته للرئيس بوش وجدد له ولاية ثانية بدأ يستفيق على مشكلة حقيقية وهي: ازدياد عزلة الولايات المتحدة الدولية وارتفاع موجة الكراهية لسياستها في دول كثيرة إسلامية وأوروبية وافريقية وآسيوية ولاتينية.

الداخل الآن بدأ يمر في فترة قلق تتصل بسمعة الولايات المتحدة ودورها العدواني في الخارج وما ستكون عليه حالها في حال تواصل فشلها في تحقيق تلك الاهداف المعلنة من وراء حروبها.

القلق على تداعيات السياسة الاميركية أسبابه كثيرة ولكنه في معظمه يتصل بالعوامل الداخلية وتحديدا تلك المتعلقة بالانفاق المالي وازدياد الضحايا وتراجع شعبية "الحروب الدائمة". فدافع الضرائب بدأ يتساءل عن المدى الزمني الذي تحتاجه إدارة بوش للانتهاء من تلك المهمات العسكرية، مضافا اليها الجدوى الاقتصادية التي حصدتها واشنطن من تلك التضحيات المتضخمة يوما بعد يوم.

القلق إذا شكل الغطاء الداخلي لبدء الهجوم المعاكس على سياسة بوش الخارجية. وانتشار القلق يمثل خطوة مهمة لطرح تلك الأسئلة التي أخذت تصدر بحياء عن تلك المعسكرات المؤيدة تقليديا لنهج القوة والحروب ضد الآخرين. فالانتقادات لم تعد تصدر عن جهات الحزب الديمقراطي وجمهوره الذي يشكل نسبة 48 في المئة من الكتلة التصويتية في الولايات المتحدة، بل اخذت تنتشر في صفوف الحزب الجمهوري وصولا إلى أعضاء متطرفين في مجلسي النواب والشيوخ.

انتقال المعارضة وانتشارها في قواعد الجمهوريين وضع إدارة بوش تحت ضغط شديد ظهر في تلك التصريحات المتعارضة التي صدرت عن جهات مختلفة في البيت الأبيض. وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قال إنه قدم استقالته ورفض بوش قبولها خوفا من ان تعتبر نقطة ضعف للإدارة. ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس طالبت بانهاء المهمة في العراق من دون ان توضح كلامها أو تحدد موعدا لتلك النهاية.

إلى هؤلاء صدرت تعليقات من أعضاء في الكونغرس تشدد على أهمية تحديد موعد للانسحاب والتعامل بشفافية أكثر مع الموضوع وكشف الحقائق للشعب الأميركي. وأهم ما صدر من ملاحظات بشأن الحرب تلك الانتقادات التي وضعها مستشار الرئيس السابق جيمي كارتر "بريجنسكي" عدد فيها الاخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها الإدارة وتعاملها السلبي مع نتائج تلك الحرب.

المعركة إذا بدأت بالانتقال الى الداخل الاميركي وعنوانها الآن هو تركيز الضغط على الرئيس لتحديد جدول زمني للانسحاب. فمسألة التوقيت والمدى المطلوب لتحديد الجدول كلها تصب في اتجاه واحد وهو: إلى متى تبقى القوات الاميركية في العراق وما جدوى استمرارها هناك.

هذه الأسئلة الغاضبة فتحت جبهة جديدة لانها ستكون عنوان الفترة المقبلة وهي دفعت الرئيس بوش الى توجيه خطاب للأمة بشأن ما يدور من ملاحظات... والمفاجأة انه كرر ما كان يقوله سابقا رافضا تحديد موعد للانسحاب "حتى لا يستفيد منه الاعداء ويعطي اشارة سلبية للارهابيين". فالقوات برأي بوش باقية والاقامة مفتوحة حتى تنتهي مهمتها التي يبدو انها تزداد صعوبة.

<4

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً