أثبت الشعب الإيراني مجددا أنه يمتلك زمام المبادرة في أية معضلات وتحديات تواجهه سواء كانت داخلية أو خارجية وذلك حينما انتصر الأسبوع الجاري لأبناء ثورته وانتخب منهم فتى ظل مقاتلا ومتمسكا بالمبادئ لنحو أكثر من عقدين.
لقد فشلت كل المراهنات التي عقدتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بأن إيران لن تعطي صوتا متماسكا وقويا وفعالا في الانتخابات. ولذلك نجدها أرجأت حتى المفاوضات عن الملف النووي الإيراني إلى ما بعد هذه العملية السياسية عسى أن يأتي رئيس يساوم في مكتسبات الشعب الإيراني.
إن كثافة الإقبال على صناديق الاقتراع تؤكد على تصميم الشعب الإيراني على الاستقلال والوقوف بوجه أعدائه وخصوصا المشروعات الأميركية الهادفة إلى زعزعة الوضع الداخلي للجمهورية الإسلامية. كما أن اختيار طهران لشخصية محافظة يعتبر ردا مناسبا على الشعبين الأميركي والبريطاني اللذين أعادا انتخاب الرجلين المتطرفين " بوش وبلير" اللذين أزهقا أرواح مئات الآلاف من العراقيين الأبرياء في حرب سقطت كل مبرراتها.
فلماذا يتقبل اختيار الشعوب الغربية لمتشدديها ومحافظيها الجدد بينما يستنكر تمسك الشعوب الإسلامية على مبادئها؟ أليس من الأجدى احترام خيار الشعوب؟ أما إقليميا فماذا يضير انتخاب رئيس يدعو إلى علاقات وطيدة مع دول الجوار الإيراني والى أن تفرض الدول الإسلامية نفسها كقطب في عالم متعدد الأقطاب، في وقت تنزلق فيه كثير من دولنا في فلك قطب عالمي واحد متمثل في الولايات المتحدة.
لقد أكد نجاد أن "علاقات إيران بالدول الإسلامية عميقة وودية وستظل كذلك" متمنيا أن "تفرض الهوية الإسلامية وعظمة العالم الإسلامي نفسها في المعادلات الدولية".
إن من يثيرون المخاوف مما حدث في إيران يلعبون فعلا في الماء العكر وهم يهدفون في الواقع إلى إحداث وقيعة بين الأخوة الإسلامية. لذلك يبعث فوز نجاد برئاسة إيران رسالة واحدة إلى الآخرين "الغربيين" بأن الغلبة ستكون دائما للمحافظين عندما تقول الشعوب كلمتها إلى أن تعود أميركا وأوروبا إلى رشدها وتتوقفا عن انحيازهما لصالح "إسرائيل" وتثبتا سياسة أكثر توازنا في الشرق الأوسط
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1027 - الثلثاء 28 يونيو 2005م الموافق 21 جمادى الأولى 1426هـ