تناولت الصحف العبرية جملة هواجس إسرائيلية يتقدمها اقتراب موعد تنفيذ خطة الانسحاب عن غزة. وكشفت إحداها أن قيادات فلسطينية ومن حركة "حماس" المقيمين في لبنان وسورية يتهيأون للانتقال إلى قطاع غزة فور انسحاب قوات الاحتلال. فيما لفت أحد المعلقين إلى أن الإسرائيليين بدأوا "يترحمون" على أيام الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حين يجتمع الضغط الإسرائيلي مع الضعف الفلسطيني تسود "الفوضى" في الأراضي الفلسطينية.
وأثارت الصحف أيضا تراجع الحكومة الإسرائيلية عن صفقة الأسلحة مع الصين، التي كانت قد أبرمتها من دون علم أميركا، فحملت المسئولية إلى "جنرالات وزارة الدفاع المتقاعدين الذين يرسمون علاقات "إسرائيل" بدول العالم متجاهلين الاعتبارات السياسية الشاملة".
"جيروزاليم بوست": "حماس" ستعود لغزة
وكشفت "جيروزاليم بوست" في خبر افتتاحي نقلا عن مصادر فلسطينية تأكيدها أن قادة حركة "حماس" في لبنان وسورية يخططون للانتقال إلى قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي. وأكدت المصادر أن مسئولين في السلطة الفلسطينية حثوا رئيس المكتب السياسي لـحركة "حماس" في دمشق خالد مشعل على النظر في نقل مكتبه إلى غزة. وذكرت هنا بأن صحيفة "الوطن" السعودية كانت أوردت أن وزير الشئون الأمنية الفلسطيني محمد دحلان دعا قادة "حماس" للانتقال إلى غزة. وكشفت أيضا" أن رئيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالد عبدالمجيد يخططان للانتقال إلى غزة. ونقلت عن مسئول رفيع المستوى في حركة "فتح" انه ليس هناك أي سبب لمنع هؤلاء القادة من العيش في غزة، وانه ليس لدى "إسرائيل" أي حق في منعهم من الدخول.
"هآرتس": ارتفاع في نسبة الهجمات
من جهة أخرى، تساءل داني روبنشتاين في "هآرتس" ما إذا كان من المفترض اليوم أن يترحم الإسرائيليون على أيام عرفات؟ وحاول الإجابة من خلال مقارنة الأوضاع أيام عرفات والحالة التي تسيطر على الأراضي المحتلة في ظل حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فلاحظ أن عدد الهجمات على الأهداف الإسرائيلية تراجع غير أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعتبر ذلك نتيجة جهودها وليس للجانب الفلسطيني دور.
غير انه لاحظ أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت ارتفاعا في الهجمات على رغم النوايا الحسنة لأبو مازن. فرأى أن هذا الجانب شبيه بما كان يحصل في ظل عرفات. فالأول كان قادرا على وقف "الإرهاب" لكنه كان يرفض ذلك، أما الثاني فيرغب في القضاء عليه لكنه غير قادر. من ناحية أخرى، وفي ما يتعلق بالوضع داخل الأراضي الفلسطينية والذي اختصره بأربعة "فاءات" هي الفساد والفوضى والفلتان والفتنة، فلاحظ انه على رغم الاعتقالات التي نفذتها الشرطة الفلسطينية بحق عدد من عناصر الفصائل إلا انه لم يحدث أي تغيير على المزاج العام الذي يسود الأراضي الفلسطينية. لكنه اعتبر أن ثمة فرقا كبيرا بين عرفات وعباس من حيث "الكاريزما" والزعامة السياسية.
تباين بين كاريزما عرفات وعباس
الرئيس عباس ليس رمزا كما كان عرفات وهو لا يعمل على تحقيق رؤية ما بل يقوم بتنفيذ مهمة. مشيرا إلى أن القائد الذي يتميز بهذه السمات قادر على تحويل ضعفه إلى نفوذ سياسي أي انه يستطيع أن يكون براغماتيا وعقلانيا. فهو لا يحمل الوزر نفسه الذي يحمله الزعيم الذي يشغله هم وحيد هو عدم المس برمزيته. وأعطى روبنشتاين مثالا على ذلك موقف عرفات وعباس من زيارة القدس، فلاحظ أن الرئيس الراحل لم يزر المدينة أبدا ليس لأن الحكومة الإسرائيلية منعته فحسب بل لأنه كان يعتبر انه ليس من حقه زيارة مدينة يعتبر أنها يجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية في الوقت الذي هي واقعة تحت الاحتلال.
أما أبومازن فلم يكن لديه مشكلة في زيارة القدس للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون لأنه اعتبر أن مضمون اللقاء هو المهم وليس مكانه. غير أن روبنتشاين، استدرك آسفا لأن مضمون اللقاء جلب الذل لأبو مازن فضلا عن أن حركة "حماس" اعتبرت أن لقاءه بشارون في القدس اعتراف بأن هذه المدينة هي عاصمة لـ "إسرائيل". وإذ لم يتوصل روبنشتاين، إلى إجابة شافية على السؤال الذي طرحه في مستهل مقالته، رأى انه بالنسبة للوضع في الأراضي الفلسطينية على الأقل، فإن أيام عرفات تعتبر أفضل مقارنة بما تشهده الآن. والنتيجة التي توصل إليها انه عندما يترافق الضغط الإسرائيلي مع ضعف القيادة الفلسطينية، تسود الفوضى الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة. يختم روبنشتاين مقالته
العدد 1027 - الثلثاء 28 يونيو 2005م الموافق 21 جمادى الأولى 1426هـ