اليوم هنا في البحرين تفجرت قضية مهمة وهي ما طرح تحت قبة البرلمان من ان أرباح شركة ألبا لم تكن تدرج ضمن الموازنة العامة. .. طبعا هذا الخبر خطير جدا. تلقاه الناس باندهاش. الحكومة تنفي ذلك والنواب يصرون على صحتة... الآن نحن امام قضية - كما يقول أهل المنطق - قابلة لأن تكون صحيحة أو غير صحيحة والحل لا يكون بالنفي أو الاثبات وانما بالتعاطي العلمي المعرفي الرقمي الوثائقي الدقيق مع الموضوع وليس بالتراشق في الصحافة أو ابداء الاسف أو النفي أو الاثبات هكذا في الهواء.
تعودنا دائما عندما نطرق ملفا ان يخرج علينا المزايدون وكي نكون علميين نتكلم بلغة العصر والمعرفة لابد أن نتكلم بالتوثيق. وخيرا فعل النواب بعزمهم تشكيل لجنة تحقيق، وأتمنى ألا تثقل اللجنة بقيود تعمل على موتها قبل ولادتها كما تم في لجنة التجنيس هذا أولا، وثانيا كي ننصف الحكومة والنواب بحياد يجب ان يقدم كل منهما الأدلة والبراهين وان تعرض الاستشارات من خبراء اقتصاديين وان يستعان أيضا بجمعية الشفافية في الموضوع وان تتم الاستعانة بالخبراء البحرينيين النزيهين وان يكون هناك أيضا خط ساخن مع الصحافة كي لا تضيع القضية كما ضيعت كثير من القضايا. بالنسبة لي لست في حالة تعجب من ردود الحكومة لانني الى الآن لم اجد تفسيرا واحدا لموقف الحكومة الداعم - أو على أقل التقادير الصامت - كما حدث في ملف الأوقاف الجعفرية وكأن شيئا لم يكن على رغم ان هناك تقريرا رسميا من ديوان الرقابة المالية يعزز ما قلناه. لا اريد ان يتم التعاطي مع ملف ألبا بالحكم على النوايا فهذا ظلم للحكومة وللنواب. ما نريده أكثر من التصاريح... نريد معلومات دقيقة، أرقاما، وثائق. ولأجل سير الأمور بأسلوب متوازن يجب على النواب والمجتمع ان يضعوا لهم قلبا حديديا في مواجهة حملات التشكيك في الوطنية التي تتحرك عند طرق اي موضوع حساس... فأسلحة التشهير ورشق الأقلام والمقابلات المفبركة - كما حدث لملف بحر المالكية - لا تتحرك الا في هذه الأوقات الحرجة وذلك من أجل حرف أية خطة وطنية لانجاح أي ملف.
في الولايات المتحدة الأميركية يوجد قانون باسم "قانون حرية المعلومات" وهو قانون صدر العام 1966 يمكن الأميركيين من طلب الحصول على نسخ من سجلات ووثائق تحتفظ بها الوزارات والدوائر الرسمية الفيدرالية، ولهذا فإن المواطنين الأميركيين - صحافة ونوابا ومثقفين - استفادوا من معرفة كثير من التفاصيل عن حادث اغتيال الرئيس جون كنيدي العام ،1963 والانفجار الذي تم في سفينة الفضاء الأميركية "تشالنجر" العام 1986م. وكثير من وثائق الوزارات توضع عبر الانترنت.
فلماذا لا يتم تشريع قانون حرية المعلومات، ويعطى المواطن والصحافة كل المعلومات. أعضاء المجلس البلدي يلحون على الجهاز المركزي للمعلومات كي يعطيهم بعض المعلومات فهل يلبى طلبهم؟ بالأمس نشر في الصحافة ان الحكومة تطالب الوزارات والمسئولين بالتعاطي بشفافية مع الصحافة وهذا أمر حسن، ولكن هل تعلم الحكومة ان ديوان الخدمة المدنية الى الآن يرفض نشر اسماء المرشحين للوظائف.
السؤال: لماذا الحكومة لا تفرض قرارا يلزم كل المؤسسات بنشر الوظائف مع اسماء المرشحين عبر ديوان الخدمة المدنية ومن ثم في الصحافة؟ هناك عشرات الوظائف الحكومية التي تتم في الخفاء.
والسؤال: عندما يتقاعد الموظفون فمن يحل محلهم سواء في الداخلية أو المطار أو التربية...؟ اذا كنا على هذا المستوى البسيط مثل نشر اسماء مرشحين فكيف بقضية خطيرة كملف ألبا؟ سؤال آخر: ماذا فعلنا لوزارة الكهرباء بعد تعاطي بعض الموظفين مع اللجنة المشكلة من قبل ديوان الرقابة المالية؟
وانتظروا الأيام المقبلة فسيخرج علينا نواب وكتبة يتباكون على أمور تافهة لشغل الناس عن ملف ألبا تماما كما حدث لبحر المالكية وملف التأمينات والتقاعد وهكذا. لست هنا في مورد اثبات أو نفي خبر موضوع ألبا ولكني في مورد المطالبة بالأرقام والوثائق وذلك لا يكون إلا بتشكيل لجنة قوية بلا قيود مع دعم المجتمع المدني والصحافة والخبراء الاقتصاديين
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1026 - الإثنين 27 يونيو 2005م الموافق 20 جمادى الأولى 1426هـ