العدد 1026 - الإثنين 27 يونيو 2005م الموافق 20 جمادى الأولى 1426هـ

"غاليري كولبير"... معابر بين عالم البحوث وعالم الحفظ

باريس - كلودين كانتي 

تحديث: 12 مايو 2017

دشن حديثا حيز مخصص بكامله لتاريخ الفن والتراث في وسط باريس، وفي مجمع مبان يعود إلى القرن التاسع عشر جرى ترميمه بشكل رائع هو غاليري كولبير، يقع مقابل مربع المباني التاريخية لمكتبة فرنسا الوطنية وبجوار باليه رويال، والكوميديا الفرنسية واللوفر. يضم هذا المجمع الراقي على مساحة تبلغ 16 ألف م2 تمتد على طوابقه الخمسة التي أضاءتها مستديرة زجاجية: المعهد الوطني لتاريخ الفن والمعهد الوطني للتراث، لإعداد الراغبين في دراسة حفظ التراث وترميمه.

ينحو هذا التقارب الجغرافي إلى إقامة معابر بين عالم البحوث وعالم الحفظ، بين عالم المتاحف وعالم الجامعة وقبل التدشين الرسمي للغاليري التي وضعت تحت وصاية وزارة التربية الوطنية ووزارة الثقافة والاتصالات، كان الطلبة والباحثون والمدرسون والموثقون منخرطين في نشاط جاد ويعملون في القاعات المجهزة بالتكنولوجيا أو يستقون من نحو 400 ألف مرجع وضعت تحت تصرفهم في المكتبة العامة.

شيدت غاليري كولبير العام ،1826 وعانت من منافسة معبر آخر مجاور لها هو غاليري فيفيان التي حوت منذ البداية محلات الموضة والعطور وصالات المطالعة ودور نشر الكتب والموسيقى. هجرت في نهاية القرن التاسع عشر وتم تهديم مستديرتها العام ،1910 لكن المبنى ظل قائما بفضل بروز اهتمام بمعمارية القرن التاسع عشر وأدى إلى تسجيله على قائمة المباني التاريخية العام 1974 وتملكته المكتبة الوطنية لايداع احتياطها من المؤلفات. ونظمت حملة أولى لترميمه تبعها اعادة تنظيم عامة لمعماريته، سمحت هذه الأخيرة بوضع المعهدين فيه.

تأسس المعهد الوطني لتاريخ الفنون العام 2001 بعد أكثر من عشرين عاما من الاستشارات بين السلطات العامة والهيئات العلمية، وهو اليوم مؤسسة حكومية ذات طابع علمي وثقافي ومهني، ومعهد تكوين وأبحاث يضم مجموعة كبيرة من الشركاء الجامعيين ومراكز البحوث المتخصصة وجمعيات العلماء. يقوم بتشجيع التبادل بين مختلف الوحدات المكرسة لتاريخ الفنون ويساهم في إعداد الأدوات الجماعية الضرورية للبحوث وللمساعدة على النشر "عبر موقعه على الانترنت" وتقويم الأعمال "عبر نشر الأطروحات". تشمل حقول الدراسة فيه تاريخ علوم الآثار والهندسة المعمارية والذوق. كما تاريخ الفنون، ومحفوظات الفنون في الفترة المعاصرة والصلات بين الفنون الجميلة والموسيقى، والمسرح والسينما كما موضوعة ما بعد الاستعمار والعولمة.

يعتبر إنشاء مكتبة كبيرة لتاريخ الفن والهندسة المعمارية الحدث المهم في المعهد الوطني لتاريخ الفنون، وتحوي مؤلفات خاصة تضم نحو مليون وأربعمئه ألف وثيقة بينها 250 ألفا ستوضع في الفترة الأولى في متناول الباحثين. هذا المشروع هو مدعاة سرور لمن أنشا هذا المبنى لتاريخ الفنون أي الخياط والمحسن جاك دوسي "1853 - 1929"، أحد هواة الاقتناء وانسان سخي وهب محتويات مكتبته الفنية ومجموعته لجامعة باريس. تضيء اليوم النقوش والليتوغرافيا والصور والملصقات، جدران غاليري كولبير.

يضاف في المستقبل القريب إلى هذه المجموعات، كنوز المكتبة المركزية للمتاحف الوطنية التي تحوي أغنى مجموعة كتالوغات متاحف ومؤلفات متخصصة، كما مكتبة المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وفيما بعد، مكتبة المدرسة الوطنية للصكوك. وستوضع كل هذه المجموعات في مبنى ريشليو الرباعي الذي يضم المجموعات المتخصصة لمكتبة فرنسا الوطنية من "مخطوطات، ونقود، وميداليات، وبطاقات قديمة وخرائط ونقوش وصور وفنون استعراضية".

المعهد الوطني للتراث هو حيز لتكوين أمناء التراث والمرممين من ذوي المستوى المرتفع، - استقر الأمناء في غاليري كولبير والمرممون في موقع خاص في سان دني. يتم دخول قسم الأمناء بعد النجاح في مباراة تنظم كل عام في مجالات التكوين العلمي والإداري وتستمر مدة 18 شهرا "يقبل عادة نحو 30 طالبا من أصل 1000 مرشح" وفي اختصاصات ستة هي: علم الآثار، المحفوظات، جرد الآثار، المباني التاريخية، المتاحف، التراث العلمي، التقنيات والأمور الطبيعية. يتابع المتمرنون في المعهد بعد اعداد علمي رفيع المستوى أبحاثهم الشخصية، ويشاركون في دورات تدريبية في فرنسا وفي الخارج كما يستقبلون في باريس متدربين من خارج فرنسا.

تستمر دراسة الترميم خمس سنوات لمجموعة من نحو عشرين طالبا "من أصل 150 إلى 200 مرشح" يقبلون كل عام في سان دني "قرب باريس" في الاختصاصات السبعة المعروضة: فنون النار "معدن، زجاج، خزفيات، طلاء"، فنون الخط والكتاب، فنون النسيج، الأثاث، الرسم "الجداري أو لوحات" النحت، التصوير. كما هناك محترفات لتعلم تقنيات الترميم بعد دراسة معمقة للأعمال في مختبر تحليل علمي في قمة الحداثة.

يمارس أكثر من 80 في المئة من خريجي المعهد الوطني للتراث مهنا حرة لزبائن من القطاعين العام والخاص، كما يمكن للآخرين الالتحاق بمؤسسات التراث.

التزم هذا المعهد الفريد من نوعه في العالم ومنذ العام 2002 بمشروعات تعاون دولية مهمة خصوصا من الصين والمغرب كما مع مدرسة التراث الإفريقي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً