تتمثل ظاهرة المتاجرة بالبطاقات السكانية بقيام بعض البحرينيين بتحويل وجهات العمل في بطاقاتهم والزعم بأنهم يعملون لدى مؤسسات محددة لقاء الحصول على مبلغ مادي. المشهور أن المبلغ في حدود 50 دينارا تدفع مرة واحدة للأفراد المستعدين لتغيير بيانات بطاقاتهم السكانية. كما يطلب من البحريني والذي غير بيانات بطاقته التوقيع على ورقة الاستقالة من الشركة. توفر هذه الخدمة فرصة للمؤسسات التجارية للادعاء بالتزامها بمبدأ تطبيق التوظيف المحلي وبالتالي الحصول على تراخيص لجلب عمال أجانب.
يعكس استعداد بعض المواطنين القيام بهذه الخدمة مقابل مبلغ محدود نسبيا حال الوضع الاقتصادي للبلاد "يبلغ متوسط الراتب للبحريني العامل في القطاع الخاص 214 دينارا". فالمفروض ألا يكون هذا الرقم كبيرا لمواطني بلد فضلا عن كون البحرين تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية على مؤشر التنمية البشرية للعام 2004 الصادر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. إضافة لذلك تعكس هذه الظاهرة استهتار بعض المواطنين بالقوانين المعمول بها في البلاد.
من جهة أخرى، تكشف المسألة برمتها مدى استعداد بعض الشركات للقيام ببعض الأمور المخالفة لقوانين العمل في البحرين. بل يمكن الادعاء بأن بعض المؤسسات على استعداد تام لضرب القوانين عرض الحائط غير آبهين بالنتائج.
زيادة البطالة الحقيقية
تستنتج من ظاهرة المتاجرة بالبطاقات السكانية بأن العدد الحقيقي للعاطلين ربما يكون أعلى من الأرقام المعلنة لأن بعض البحرينيين مسجلون على أنهم يعملون لكن في واقع الحال هم ليسوا كذلك. وهذا بلا شك يعقد من حل معضلة البطالة في البحرين بسبب الاعتماد على أرقام غير دقيقة. ظهرت مشكلة التعرف على العدد الحقيقي للعاطلين للعلن قبل عدة سنوات بعد تخصيص جلالة الملك مبلغا قدره 25 مليون دينار لتدريب ومساعدة العاطلين إذ تبين أن بعض "العاطلين" مسجلون على أنهم يعملون لدى مؤسسات معينة.
لا يعرف على وجه الدقة عدد الأفراد المتورطين في مسألة تغيير بيانات البطاقات السكانية لكن ربما نتمكن من الوقوف عند الرقم بملاحظة الإحصاءات المتعلقة بمشروع إصلاح سوق العمل. يلاحظ أن شركة ماكينزي الأميركية والتي قامت بإجراء الدراسات أشارت إلى رقمين مختلفين لعدد العاطلين. فقد ألمحت بأن عدد العاطلين يتراوح ما بين 16 ألفا و20 ألفا أي أن الفرق 4 آلاف فرد. حقيقة لا يمكن لشركة عتيدة مثل ماكينزي أن تسمح لهامش من الخطأ يمتد لحد 20 في المئة. لكن ماذا بوسع الشركة أن تعمل إذا كان هذا هو واقع الحال في البحرين. حقيقة لا يمكن إلقاء اللوم على ماكينزي لأن المشكلة مرتبطة بسلوكيات بعض البحرينيين سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات.
الدور المرتقب لمشروع إصلاح سوق العمل
كما هو الحال مع "الفري فيزا بخصوص جلب العمال الأجانب للبلاد للقيام بأي أعمال" السؤال الذي يتكرر دائما ماذا أعدت وزارة العمل للحد من مسألة المتاجرة بالبطاقات السكانية؟ هل تصر الوزارة أن تقف مكتوفة الأيدي في الوقت الذي يقوم البعض بالطعن في القوانين. الغريب في الأمر أن خدمة تغيير بيانات البطاقات السكانية تحدث بشكل علني أمام مكاتب السجل السكاني.
نرى بأن بمقدور مشروع إصلاح سوق العمل المساهمة الفعالة في القضاء على هذه الظاهرة. ومرد ذلك أن المشروع وبعد دخوله حيز التنفيذ سيمنح الشركات حرية جلب وتوظيف العمالة الأجنبية من دون الحاجة للف والدوران. كل المطلوب من المؤسسات التي تقوم بتوظيف الأجانب دفع الرسوم المزمع تطبيقها.
ختاما أنه لأمر حزين أن نرى استعداد بعض المواطنين لتغيير بيانات بطاقتهم السكانية لقاء الحصول على مبلغ زهيد نسبيا. مقال يوم الخميس يناقش حركة تصاريح العمالة الأجنبية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1025 - الأحد 26 يونيو 2005م الموافق 19 جمادى الأولى 1426هـ