يكاد المسرح السياسي اللبناني يصبح متخصصا بذلك الفن الذي يمكن تجاوزا أن نطلق عليه فن "التراجيكوميديا"، إذ تتواتر الحوادث وبتقلب غريب بين المضحك والمبكي. فمع كل منعطف لإحداث تغيير إيجابي في لبنان، يغلب الإحباط على التفاؤل، على رغم وضوح الطريق الذي يفضي إلى تحول يبشر بمغادرة واقع غير سار، تضيع الفرصة الذهبية وسط ضباب غالبا ما يكون مفتعلا أو انفعاليا. ومع تكرر مسلسل الاغتيالات في البلاد، يبدو أن لبنان أصبح مدمنا على إضاءة الشموع، لا بل هو مؤمن بالحكمة القائلة "أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام".
فقبل أشهر ودع اللبنانيون رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وقبل 25 يوما شيعوا الصحافي سمير قصير، وبالأمس رفرفت الأعلام اللبنانية وأعلام الحزب الشيوعي مودعة الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي. وبعد اغتيال حاوي، لم يعد السؤال الذي يتردد في بيروت: من يقف وراء عمليات الاغتيال؟ بل: من هو التالي؟
بدم حاوي والشهداء السابقين نكتب... وللشعب نتوجه... وللرؤساء نقول: "وحدها الحقيقة ترهب، فليس من المسموح معرفة الحقيقة، كما أن نشوة الحرية تتزامن مع الحرقة دائما، فإذا الشعب يوما أراد الحياة... لا بد أن يضيء الشموع، أما الحقيقة فتكاد تضيع مع تشتت الاهتمامات ونشوء الكثير من القضايا التي تتطلب كل واحدة منها حقيقتها الخاصة بها، فتختلط الحقائق بالشائعات، ويذهب لصالح الضارب دائما". فيا ترى من ضارب لبنان؟!
مخطط "الفوضى البناءة" الذي وضعه "الضارب" ربما بدأ يشق طريقه في لبنان فعلا، بعد أن قطع شوطا بعيدا في العراق، من أجل إغراق الدول العربية في الفوضى التي تحصد نتيجتها "إسرائيل" وأميركا. من هنا يصبح السؤال: "من التالي... مشروعا"
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ