أداء النائب عادل المعاودة في جلسة النواب التي أثير فيها موضوع المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو كان أداء رائعا، يسيل لوعة ممزوجة بدموع الحرقة على أبناء البحرين الستة المغيبين في غياهب السجون البعيدة عن الوطن، وكنت حاضرا تلك الجلسة الملتهبة التي وقف فيها المعاودة خطيبا ينثر الكلمات سهاما صائبة للأفئدة، تقشعر من وقعها الجلود والأبدان. حاول المعاودة أن يطعم خطابه بصور تبين أحوال المعتقلين هناك، من بينها صور لمعتقلين مكممي الأعين والأفواه، ومقيدي الأيدي والأرجل، وصور أخرى لا تترك في العيون دمعة إلا أراقتها، فما كان من النواب إلا طأطأة الرؤوس وكفكفة الدموع، ألما لما يشاهدون من صور القمع، وحزنا على ما ينظرون من مشاهد الإذلال.
بينما كنت أراقب الجلسة "المأتمية" التي سكبت من الدموع ما سكبت، كنت حزينا على مصير البحرينيين الستة في غوانتنامو، ولكنني أيضا تذكرت بشاعة جلادي قانون أمن الدولة هنا في داخل الوطن، وبأيد بحرينية وليست أميركية، وكيف كان المعتقل السياسي في البحرين يعلق كالذبيحة التي تنتظر سكين القصاب، وتذكرت كيف كان المعتقل يفضل الموت على الدخول إلى مبنى أمن الدولة. ولعل أقل ما يمكن أن يتعرض إليه ضحايا أمن الدولة آنذاك هو تكميم الفم والعينين، وتقييد اليدين والرجلين في زنزانة انفرادية لأيام وأسابيع بل لأشهر إذا تطلب الأمر.
بقدر ما أثلج صدري الحزن على وجوه النواب عندما عرضت عليهم مأساة البحرينيين الستة، بقدر ما تساءلت عن هذه الدموع التي لم يحظ بها أولئك البحرينيون "أيضا" في حقبة أمن الدولة السوداء التي أشعل جلالة الملك فيها فتيل النار فأحرقها إيذانا بمسيرة الإصلاح التي يأمل المتضررون فيها ملاحقة الجلادين الذين نهشوا لحم الوطن بأنياب لا تزال ملطخة بالدماء
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ