ورشة العمل عن "مجالس التنافسية الوطنية" التي نظمها مجلس الأعمال العربي والمجلس الوطني للتنافسية في 21 من الشهر الجاري حضرتها وفود نوعية من سويسرا، مصر، الأردن، الكويت، السعودية، الإمارات وقطر، واستمع المشاركون إلى النهج الذي يتبعه المنتدى الاقتصادي العالمي "منتدى دافوس" لقياس قوة أو ضعف الاقتصاد في هذا البلد أو ذاك، والعوامل الواجب الالتفات إليها لدعم الإصلاحات بعيدة المدى.
واستمع المشاركون إلى عرضين عن تجربتين عربيتين، الأولى من مصر والثانية من الأردن. بالنسبة إلى الأردن فقد أنشأت وزارة التخطيط في 1996 فريقا متخصصا لقياس القدرة التنافسية، وأرسلت عددا من الأردنيين للتدرب على يد الخبير الأميركي مايكل بورتر في جامعة هارفر الشهيرة. وطرح الأردنيون فكرة ربط هذا النوع من النشاط بالجهاز التنفيذي للدولة كواحدة من الضمانات التي من خلالها يمكن التأثير على القرار باتجاه دعم الإصلاحات الاقتصادية.
أما التجربة المصرية فكانت هي الأفضل، بحسب تقييم الخبراء من منتدى دافوس. فقبل عامين أنشأ عدد من الخبراء وأصحاب الأعمال المصريين مجلسا للتنافسية، وأصدروا تقريرا مستقلا عن نقاط القوة والضعف في الاقتصاد المصري. الخبراء المصريون استعانوا بإمكانات منتدى دافوس على أساس طوعي، وعملوا على أساس حرفي مستقل، وأصدروا تقريرا مهما اعتمدته الأوساط الدولية والجهات المعنية. وكانت المفاجأة بالنسبة إلى اخواننا المصريين أن الحكومة استقبلت التقرير بصدر رحب، وهو أمر لم يتوقعوه، ولم تعتد عليه السياسة المصرية، بل إن الحكومة المصرية نشرت تقرير المجلس الوطني "المصري" للتنافسية وقالت إنها ستعتمد على ما جاء فيه لتحديد الأولويات. وعلى أساس ذلك، فإن المراقبين الدوليين ينظرون إلى الحكومة المصرية الحالية نظرة مختلفة ويعتقدون بجديتها في السعى لإصلاح الأوضاع على الجانب الاقتصادي.
المصريون كانوا في مقدمة البلدان العربية في أكثر الأشياء حتى السبعينات من القرن الماضي، ولكن مصر بدأت تتراجع كثيرا على مدى العقدين الماضيين، ونفوذها اضمحل كثيرا مقارنة بما كان عليه في الماضي. ولكن فجأة، وإذا بالقدرة المصرية تعود لتتحدث عن نفسها من جديد محاولة نفض الغبار الذي رماه الزمن عليها. وهناك من يدعو إلى ثورة حقيقية في الإعلام المصري، مثلا، بعد أن انحدر مستواه. فبعد أن كانت مصر "هوليوود العرب" أصبحت برامجها ضعيفة جدا وغير جذابة، وهو أمر يؤسف له.
المصريون الذين حضروا إلى البحرين الأسبوع الماضي ليسوا غافلين عن وضعهم الحالي، وهم أيضا لا يعدمون السبل للعودة إلى مجد مصر وقوتها، وهو ما شعرته شخصيا عندما شاركت في الحوارات مع الخبراء الذين يقدمون الكثير من جهدهم لمصر وللآخرين على أساس تطوعي وغير ربحي. وإذا كانت هناك دروس نتعلمها من إخواننا المصريين الذين شاركوا في ورشة التنافسية، فهي أن العزم والرؤية الاستراتيجية والخبرة النوعية وإنسانية التوجه بإمكانها تحريك الأوضاع نحو الإيجابية مهما بدت الأمور صعبة ومعقدة، ومهما تراكمت المحبطات. والأمل في أن يتعلم البحرينيون من المجلس الوطني "المصري" للتنافسية وأن يبذلوا جهودهم النوعية بصورة طوعية من أجل وطنهم أولا وأخيرا، وأن يستفيدوا مما عرض عليهم الأسبوع الماضي من تجارب عملية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ