نقلت وكالة أنباء "الاسوشيتدبرس" قبل أربعة أيام "آخر الأنباء" عن طاغية العراق صدام حسين، نقلا عن جنود من كتيبة تابعة للحرس الوطني في بنسلفانيا، أرسلوا لأداء الخدمة في العراق، وكان حظهم أسعد من غيرهم، إذ عينوا حراسا للرئيس المخلوع بدل المشاركة في العمليات العسكرية.
الجنود الثلاثة ظلوا يحرسون صدام لتسعة أشهر، وهي مدة كانت كافية لتقديم وصف دقيق لحياته وراء القضبان. وعزز من صدقية ما رواه الجنود انه جاء متوافقا مع مضمون الصور التي نشرت لصدام في سجنه بملابسه الداخلية.
المعلومات الجديدة تستوقف المرء، ليفكر في مصير رجل قبض على أعناق العراقيين 35 عاما، يسوقهم من حرب إلى غزو إلى دمار وانهيار واحتلال أجنبي، لينتهي به الأمر إلى زنزانة لا يسمح له فيها بالاستحمام غير مرتين في الأسبوع.
ولأن الإقامة طالت، صار الرئيس الرفيق يعرف أسماء حراسه، وأخذ يبدى اهتماما بمعرفة تفاصيل حياتهم، ولم يتوان عن تقديم نصائحه الأبوية لبعضهم. عندما عرف أن الجندي "شون" غير متزوج، نصحه بالبحث عن "امرأة جيدة، ليست ذكية جدا وليست غبية جدا، ليست كبيرة جدا وليست صغيرة جدا، امرأة تستطيع أن تطبخ وتنظف". فهذه هي المواصفات المطلوبة في الزوجة المثالية عند من حكم 30 مليون عراقي لثلاثة عقود!
الرئيس المخلوع أصر في حديثه إلى الجنود الأميركيين على ان كل ما فعله كان لخير العراقيين، بما في ذلك حرب إيران وغزو الكويت، واستطرادا يمكن ان تتخيلوا قصف حلبجة بالكيماوي وعمليات الأنفال التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف، وتجفيف الأهوار وحرق المزارع بمن فيها من أبناء شعب العراق.
الرئيس الذي كان من هواة بناء القصور على ضفاف الرافدين، كان يعتزم الفرار كالغزال من قصر إلى آخر أثناء اشتداد القصف على بغداد، ولكن الأميركيين الأغبياء - على حد تعبيره - قصفوا القصر الخطأ، وجرح بعض حراسه، ما اضطر الرئيس الداهية إلى اللجوء إلى الجحر الذي تعرفونه. هناك دلهم عليه الشخص الوحيد الذي كان يعرف مكانه، فكل ما حصل كان "نتيجة خيانة شخص واحد" ليس إلا، وليس نتاج جبروت وطغيان وفساد كبير في الأرض!
ولأن عقلية الطغاة لا تتغير، ولأنهم أحلامهم لا تتبدل حتى لو ماجت الأرض بمن فيها، مازال صدام يحلم بالعودة إلى القصر. فمع انه مازال أسيرا، يطل على العالم بين فترة وأخرى في قاعة المحكمة في ثياب غير مكوية، وشعر منفوش، ولحية غير مشذبة، ووجه تعلوه الصفرة... ومع ذلك لايزال يمني نفسه بالعودة إلى الكرسي... بل ويدعو حراسه الأميركيين للعودة إلى العراق والاقامة في قصره عندما يعود إلى الحكم. وصدق عز من قائل: "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه". فبعد 35 عاما من الاستبداد والطغيان الذي فاق الحدود، حول خلالها العراق إلى مزرعة خاصة له ولولديه وأزلامه... مازال يحلم بعودة المزرعة...!
بعد كل هذه المحنة والاحتلال، الجنود الاميركيون موعودون بالبقاء في مزرعته، ولم يعد يكن شعورا بالمرارة للرئيس بوش بل يريد فقط أن يتكلم معه ويصير صديقه كما قال... ترى لو عاد، ماذا سيلقى العراقيون على يدي هذا الطاغية الأحمق هذه المرة؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1022 - الخميس 23 يونيو 2005م الموافق 16 جمادى الأولى 1426هـ