العدد 1021 - الأربعاء 22 يونيو 2005م الموافق 15 جمادى الأولى 1426هـ

ليبيا... انفتاح محسوب وسيطرة كاملة

سمير صبح comments [at] alwasatnews.com

.

جفي الوقت الذي يتم فيه فتح أبواب الجماهيرية الليبية وقطاعاتها المختلفة أمام الشركات الأنجلو - ساكسون 

فباسم تحرير الاقتصاد المعلن منذ فترة والمنفذ وفق خطة مدروسة بل محكمة، يعمد النظام الى الامساك بجميع المفاتيح على الصعيد الداخلي، ويذهب به الأمر للتغاضي عن تصفية الصحافي الليبي الجنسية، المصري الأصل، ضيف الغزال، الذي بحسب جمعية "مراسلون بلا حدود" قد قتل كونه انتقد النظام على صفحات صحيفة "الزحف الأخضر" الناطقة باسم "اللجان الثورية". في هذا السياق، تستغرب هذه الجمعية عدم تحرك الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لعدم توجيهها أي طلب للاستفسار عن خلفيات هذه الجريمة كونها قد حصلت فوق الأرض الليبية، لم يطلب هذان البلدان من الأمم المتحدة ارسال لجنة تحقيق لطرابلس الغرب واثارة مسألة حقوق الانسان على غرار ما حصل مع الصحافي اللبناني سمير قصير!

على ذلك يعلق مسئول في اللجنة الأوروبية ببروكسل قائلا: "عندما يتعلق الأمر بالدول الأنكو - ساكسونية، فإنه لا الديمقراطية ولا قضية حق التعبير وحريته، تؤخذان في الاعتبار". ويتابع هذا المسئول: "ان العقيد القذافي يدرك هذا الواقع تماما ويعمل على أساسه".

باسم المصالح

يمكن القول إن الضوء الأخضر الذي اعطته واشنطن للجماهيرية الليبية قد آتى ثماره سريعا. اذ لم تعد الزيارات التي يقوم بها الرسميون الاميركيون، كذلك اصحاب كبريات الشركات لهذا البلد منذ منتصف العام ،2004 تحصى. الأكثر من ذلك أن صندوق النقد الدولي وخبراءه قد باتوا من المعتادين عليه... ولقد سارع هؤلاء في الاشهر القليلة الماضية لمساعدته على البدء باعادة صوغ النظام الضرائبي فيه، ايضا، اعداد قطاعه المصرفي على الانفتاح التدريجي وصولا الى خوصصة جزء منه.

في هذا السياق يؤكد المقربون من رئيس الوزراء شكري غانم أن فتح مكاتب تمثيل لبعض المصارف الاميركية في طرابلس الغرب قد بات واردا في المرحلة المقبلة. فباسم هذا التحرر الاقتصادي المتسارع يقوم النظام الليبي بشكل مواز بعملية اعادة "تطهير" سياسية. وبحسب أحد كبار المسئولين الامنيين الليبيين، فإنه من غير الممكن ترك قنابل موقوتة في البلاد، مضيفا أنه لا يجوز انتظار نشوء تيارات دينية متطرفة تعمل تحت غطاء الانفتاح السياسي. بمعنى آخر، فإن النظام الليبي في غير وارد رؤية تيار "كفاية" ثان يرى النور على أرض الجماهيرية بعد مصر.

فباسم هذه المصالح المتبادلة ايضا بين ليبيا والدولتين الأنجلو - ساكسونيتين، تستخدم الأولى بذكاء ورقة النفط. مطلب استدارج العروض الذي اطلقته أخيرا "مؤسسة النفط الوطنية الليبية" والمتعلق بالتنقيب والانتاج على مستوى 26 قطعة 124 من أصلها موجودة في حوضي سرت ومرزوق، والذي من المتوقع البت فيه مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، سيظهر من دون ادنى شك ملامح التحالف الاميركي - الليبي بشكله النهائي. في هذا الاطار تفيد المعلومات أن هنالك مناخا من القلق والارباك يسيطر حاليا على عدد من الشركات النفطية العالمية المهتمة بهذه الفرصة المتاحة، اذ تتساءل هذه الأخيرة ما اذا كان خيار اصحاب القرار في ليبيا قد حسم سلفا لصالح الشركات الأنجلو - ساكسونية وأن عملية استدارج العروض، وبالتالي فض المظاريف ليست سوى مسألة شكلية فالاتفاق الذي تم توقيعه منذ أكثر من شهرين بين شركة "النفط الوطنية" و"رويال دويتش - شل" في مجال الغاز يضاعف من مخاوف الشركات غير الأنجلو - ساكسونية التي تنوي دخول باب المنافسة القادمة. انطلاقا من التشخيص القائل إن الجهة التي تشرف على القطاع النفطي الليبي والتي هي ليست بالضرورة الحكومة، ارادت من وراء الاعلان عن توقيع الاتفاق الغازي المذكور اعلاه عشية اطلاق عملية استدارج العروض الثانية، افهام المعنيين بالامر نظرية "تنويع الشركات" وخصوصا في ميدان النفط، لم تعد سارية المفعول منذ رفع العقوبات الاقتصادية وتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، ذلك كما كان الحال طوال فترة الحظر. ومما يذكر في هذا الشأن أنه في هذه الفترة قامت القيادة الليبية، باغداق اتفاقات كثيرة على الشركات النفطية الأوروبية مثل الفرنسية "توتال" والاسبانية "ريبسول" والايطالية "أجيب" على حساب الشركات الاميركية التي كان محظورا عليها الاقتراب من الجماهيرية، واليوم لقد ثأرت هذه الأخيرة من منافسيها بمساعدة من السلطات الليبية

العدد 1021 - الأربعاء 22 يونيو 2005م الموافق 15 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً