العدد 1021 - الأربعاء 22 يونيو 2005م الموافق 15 جمادى الأولى 1426هـ

الساعة الطويلة التي قضاها الفنان أمام المقصلة أو قميص يوسف

المنامة - محمد الصفار 

تحديث: 12 مايو 2017

قهوة الصباح

لعلنا ندرك أن البلاد قد تراجعت سنوات طويلة بفضل البرامج الممتازة التي قدمها الرسميون الأفاضل.

أهم التراجعات ... الحرية

لقد فقدت الحرية تماما، تحقيقا للوعود الإصلاحية، حيث كانت كلمات رنانة، استطاع الرسميون الأكارم الاتجاه صوبها بدقة، فحققوا لنا تخلفا رائعا، فصرنا نتكلم في واد - بحرية - والمسئولون في واد آخر - أيضا بحرية.

كان هناك أمن دولة واحد معروف، عدو الشعب، أما الآن فكل الرسميين هم أمن دولة. وغاية ما يهتمون به هو سجل الحضور والانصراف، ليس مهما البرامج الحيوية التنموية، مشروعات جديدة، أنظمة متطورة حديثة، عمران، تخطيط للسنوات المقبلة، إعطاء الموظفين أعمالا جديدة، الكشف عن إمكاناتهم، طاقاتهم، صدقية وجود وزاراتهم - ليس ذنبهم كون الرسمي فاشلا، توظيف عادل - إلا إن كان هو من الجماعة أو الطائفة فهناك عدل مقسط.

إن الاستماع فضيلة رفيعة، لا يعرفها رسميونا المحترمون، لذلك لا يتطور شيء في هذه البلاد، ولن يحدث هذا أبدا.

من الأمور المهمة التي تدلل على انخفاض وضياع الحرية في بلدنا العزيز، هو تدهور حال الفن والآداب والثقافة ولا داعي للإشارة لأحد!

إن المستوى العقلي و المحتوى الإنساني في بلد ما دائما ما يعكس و يعكسهما المستوى الأدبي و الثقافي والفني.

لنحاول الاقتراب قليلا من أنفاس الفنانين، أو شيء مما لم يتحقق لهم وهو الاعتراف بآدميتهم ومواطنتهم في هذه البلد، فهم لم يشر لهم أي تصريح أو أية خطبة من أحد، هم ببساطة غير موجودين.

هذا هو السبب الرئيسي لمعظم مشكلات بلادنا، المهندسون ليسوا مهمين، الأطباء، الخزافون، الفلاحون، الصحافيون، سواق الشاحنات، المعلمون، المسرحيون، العمال، الموظفون وأصحاب المهن والحرف في أي مكان على تراب الوطن، كلهم لا قيمة لهم. لذلك يسهل على الرسمي التصريح بأي شيء، وافتعال أو اختراع أي مشروع وهمي، يماطل به تقاعده. هؤلاء الذين في الساحة رعاع يستأهلون الوطء بالأقدام.

الظلام الجديد

مما لاشك فيه أن هناك شعبا على هذه الأرض، لكننا لا نعرف هويته أو أفكاره أو آلامه، ولا حتى نعرفه هو. هنا على الأرض يعيش تراث غير محترم، تاريخ غير مهم امتد خمسة آلاف سنة على الأقل، حتى قبورهم سكنت من جديد.

إننا لا نكتشف العالم و لا نجعل العالم يكتشفنا، إننا الآن في اللحظة التي سبقت الطوفان العظيم.

الموازنة

إن التسرب الدائم لخزان الموازنة أمر غريب، فقد جربت - وذلك ظاهر القول - كل الوسائل الممكنة لمكافحة الفساد. والغريب أنه مع كل "دم جديد" يظهر فساد جديد، ثم تتقلص الموازنة، وتنكفئ الدولة على نفسها وتعيش سباتا جديدا.

الفاسد لا يحارب فسادا، بل يغير مجراه إلى مريديه.

قميص يوسف

سنوات من التدهور الثقافي، وسنوات من المعالجات الموضعية التي لم تحل أية عقدة، وصلت الآن إلى مرحلة المستحيل.

من المستحيل حل مشكلات الفنانين، من المستحيل الاعتراف بهم كمواطنين أولا وكمبدعين ثانيا، من المستحيل توفير أماكن عمل لهم ولنتاجاتهم، صالات، معارض، مكتبات، أرشيف، مكنة إعلام، وظائف، مكنة إنتاج، دعم، وكل القائمة الطويلة التي كرهت الزبالة تكرار رميها فيها.

هل يريد شعبنا العزيز منا أن نستمر في إضحاكه؟ هل نستطيع أن نبتسم له ونبشره بإنسانيته؟

هو ونحن غير موجودين على لائحة ترابنا الوطني، حتى هذه السطور، وربما يجدها القضاة تسلية جديدة من تسالي محاكمة الصحافة والصحافيين.

المقصلة جاهزة ولن أهتم برأسي وهو يقطع، فلم يتبق من جسدي غيره.

أيعجبكم هذا يا ...؟





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً