العلاقات البحرينية - السعودية علاقات مميزة وتاريخية، وقائمة على روابط كثيرة أهمها المصالح المشتركة. ولكن نظرا إلى تطور النظام الدولي، وبروز تحديات إقليمية ودولية فإنه من المحتمل أن تتأثر هذه العلاقات خلال الفترة المقبلة إذا ما أقر الكونغرس الأميركي قانون محاسبة السعودية الذي يهدف إلى فرض عقوبات على الرياض بسبب عدم قيامها بالمطلوب للحد من تصاعد قدرات التنظيمات الإرهابية، والسيطرة على الأفراد والمؤسسات الممولة للإرهاب.
وبالتالي فإنه إذا تم إقرار وتنفيذ هذا القانون فمن شأن ذلك أن يؤثر بشكل كبير على النظام السياسي السعودي، وعلى العلاقات الإقليمية للرياض. وطبيعة هذه التأثيرات لا يمكن رصدها بوضوح الآن في ظل عدم وجود تفاصيل كاملة عن العقوبات التي يتضمنها القانون. ولكن في ظل المتوافر يمكن استشراف عدة تداعيات محتملة على العلاقات البحرينية - السعودية نتيجة تنفيذ قانون محاسبة السعودية من قبل الإدارة الأميركية، وفيما يأتي أبرزها:
أولا: توليد ظروف اقتصادية صعبة لدى المنامة والرياض نتيجة أية عقوبات اقتصادية قد يتضمنها القانون. وعلى رغم أنه من غير المعلن وجود هذه العقوبات فإن وجود هذا القانون بحد ذاته من شأنه أن يقلل من نسب الاستثمار الأجنبي في السعودية وكذلك البحرين. ويؤدي أيضا إلى تراجع حركة الصادرات والواردات، فإذا كانت البحرين تصدر للسعودية سنويا ما لا يقل عن 137 مليون دينار من البضائع فإنها بلاشك ستتراجع بشكل كبير لاحقا.
ثانيا: تراجع القدرات السعودية على تقديم المساعدات الاقتصادية للبحرين، فقد تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة التي ستمر بها الرياض بعد فترة من تنفيذ العقوبات إلى الحد من قدراتها الاقتصادية لتقديم مساعدات مادية لحكومة البحرين كما هو الحال في السابق.
ثالثا: تراجع القدرات السعودية على توفير الحماية الأمنية والدعم السياسي للبحرين نتيجة الضغوط الأميركية على الرياض، ولحظر تصدير التكنولوجيا العسكرية الأميركية إليها. وفي الوقت نفسه فإن فرض عقوبات على الرياض سيجعل دبلوماسيتها تتحرك من أجل رفع هذه العقوبات، وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة ما لن يتيح لها المجال للتدخل في العلاقات الإقليمية أو المشكلات الإقليمية التي قد تطرأ بين وقت وآخر.
رابعا: احتمال بروز حال من عدم الاستقرار في عدة أقاليم من السعودية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وبروز شريحة عريضة من العاطلين الشباب الذين لن تتمكن الحكومة من توفير فرص عمل لهم، ما سيدفعهم للمطالبة بالمزيد من الإصلاح أو الاحتجاج السياسي الذي قد يكون مصحوبا بالعنف. الأمر الذي قد يدفع المئات من المواطنين السعوديين إلى الهجرة نحو بلدان الجوار ومن ضمنها البحرين، والإشارة إلى تأثيرات حركة عدم الاستقرار تكفي لمعرفة تداعياتها على البلاد.
خامسا: قد تتجاوب السلطات السعودية مع الدعوات الأميركية لحظر النشاط الدعوي والخيري الذي تقوم به مؤسسات التيار السلفي في مختلف أرجاء المملكة، ومثل هذه الخطوة قد تكون تاريخية على مستوى النظام، وتدفع قيادات التيار السلفي إلى البحث عن مناطق أخرى مجاورة أكثر استقرارا لمواصلة أنشطتها. وبالتالي فإن البحرين قد تكون أوفر البلدان الخليجية حظا بسبب وجود تيار سلفي قوي ومؤثر فيها يمارس نشاطه في ظل أجواء الحرية المكفولة وفقا للتغيرات التي شهدها النظام السياسي البحريني.
التأثيرات المتوقعة السابقة هي مجرد تصورات لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بعد إقرار وتنفيذ قانون محاسبة السعودية. وعلى بلدان مجلس التعاون الانتباه من الآن لمثل هذه التطورات، وبحث كيفية اتخاذ المواقف إزاء الولايات المتحدة ومساعيها لفرض عقوبات على الرياض، قبل أن تظهر قوانين محاسبة أخرى قد تشملها لاحقا
العدد 1020 - الثلثاء 21 يونيو 2005م الموافق 14 جمادى الأولى 1426هـ