القدرة والسلطة والعنف والتسلط، كلمات لم يعط لها أي معنى صحيح في لغتنا الدارجة، بل ونلاحظ أن أكبر المفكرين لا يستنكفون عن استخدامها أحيانا كيفما جرى الحال، لكن هذا لا يمنعنا من الافتراض بأن كلا من هذه الكلمات انما يميل الى خصوصيات متمايزة، ومنها يجب دراسة وتفحص معانيها بعناية فائقة. وذلك لأن الاستخدام الصحيح لهذه الكلمات ليس مجرد قضية قواعد منطقية بل هي قضية منظور تاريخي.
ان القراءات التحليلية للظواهر والحوادث التاريخية باعتماد ترادف هذه الكلمات تحمل اشكالا كبيرا، قد تكون محورية الالتقاء بينها جميعا هي محورية انها جميعا وسيلة لحكم الانسان للانسان الآخر، وهي بذلك ليست ذريعة لاستخدامها بترادف موضوعي كامل في أي نص وصفي أو تحليلي أو حتى نقدي يهتم فيما يهتم بتحليل ظاهرة العنف عموما.
في ارتباط السلطة بالعنف فهم خاطئ، ان ارتباط السلطة والعنف ليس تلازميا بالضرورة، فما من حكومة استطاعت بآلة العنف وحدها ان تحقق كيانها كحكومة فاعلة ذات سيادة، وتلك الديكتاتوريات العالمية وان كانت آلة العنف والتعذيب ذات أولوية استراتيجية في تثبيت حكمها إلا انها كانت قائمة على أجهزة أخرى ولربما كانت أكثر أهمية كأجهزة الاستخبارات العامة أو البوليس السري، السلطة ليست وحدها من تمارس العنف في المجتمع إلا انها تتفوق بطابع التنظيمية في استخدام العنف وهذه الخاصية هي التي قادتها لاطباق سيطرتها وتثبيت كيانها، يطلق على هذا العنف بالعنف المنظم، ومن هنا عرفت الحكومة بأنها الفئة المجاز لها أو القادرة على استخدام العنف.
في استخدام العنف على صعيد السلطة القانونية هناك مصطلحان متداخلان مرة أخرى في اشكال أهم وأكثر خطورة، بين التبرير أو المشروعية في استخدام العنف، والعنف قد يبرر إلا انه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يحصل على مشروعية ما. إن أية منظومة انسانية تنظيمية سواء كانت ذات طابع ديني أو انساني لا تخلو بطبيعة الحال من نظم لممارسة العنف، تجيز العنف وتنظمه، فالمسيحية التي كانت تدعى بدين السلام، الذي خرج عن اطار السلمية وأدخلت الى تشريعاته قراءات حديثة تدعو الى العنف صراحة حين قارب البحر الأبيض المتوسط أن يكون بحيرة اسلامية فظهر مصطلح الحرب المقدسة
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1019 - الإثنين 20 يونيو 2005م الموافق 13 جمادى الأولى 1426هـ