يلاحظ في السنوات الأخيرة أن حركة حقوق المرأة عربيا تعرضت لبعض المطبات التي شنتها أكثر جبهة فيما يخص حقوق وتطور مكانة المرأة في مجتمعها الذي تغلب عليه نوازع السلطة الأبوية.
وبما أن مصر تعتبر الرائدة في نطاق حركة حقوق المرأة على المستوى العربي، إذ عملت على مدى عقود طويلة في سبيل إلغاء القوانين التمييزية والارتقاء بمكانة المرأة في مصر، إلا أن وضعها اليوم تغير، بل أصبح مختلفا... وقد تكون دولا مثل البحرين قد تأثرت بالنهج المصري في سنواته الأخيرة تحديدا.
فعلى رغم أن العام 1951 شهد اقتحام 1500 سيدة مصرية إلى البرلمان للمطالبة بالحقوق السياسية الكاملة، إلى إصلاح قوانين الأحوال الشخصية، وهو ما أدى فيما بعد إلى ظهور نحو 16000 منظمة غير حكومية، تعمل اليوم في مجال قضايا تمكين المرأة، فإن حصيلة هذه الجهود انتهت بتعرض الحركة للكثير من النكسات على امتداد السنوات العشرين الماضية، وذلك بسبب اشتداد المناخ العام للاتجاه الديني المحافظ والمعادي لحقوق المرأة، إضافة إلى القيود التي فرضتها الحكومة المصرية على مؤسسات المجتمع المدني، ونجاحها في استقطاب برنامج عمل الحركة النسائية وضمه إلى برامجها، وهو ما حدا ببعض المراقبين إلى اعتبار فترتي الثمانينات والتسعينات بداية "تعرض حقوق المرأة المصرية لخطر الانقراض"، بسبب ما دأبـت عليه الحكومات المصرية المتعاقبة على التفريط في هذه الحقوق إرضاء للأوساط الدينية المحافظة في المجتمع المصري، إذ قررت حكومة الرئيـس الراحل أنور السادات تعديل الدستور في العام 1980 حتى ينص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" في مصر.
وفي هذا الجو المثقل بالقيود، أصبح أي اختلاف عن التفسيرات المحافظة لأي نص ديني من جانب دعاة حقوق المرأة يؤدي إلى رد فعل عكسي، بل أصبحن المصريات اللاتي يعربن عن القلـق بشأن مكانة المرأة، وخصوصا في نطاق الأسرة بسبب قوانين الأحوال الشخصية القائمة على الشريعة في مصر يتهمن بأنهن "مناصرات للغرب "أي نسويات أو متحررات أو علمانيات" ومعاديات للإسلام وخاضعات لتأثير الأيديولوجيات اليسارية.
كما ازداد تقليص المساحة المتاحة للنشاط المستقل في مجال حقوق المرأة نتيجة الجهود التي بذلتها الحكومة لاحتكار برنامج عمل حقوق المرأة من خلال إنشاء المجلس القومي للمرأة في العام 2000 باعتباره "هيئة مستقلة مسئولة عن تمكين المرأة المصرية"!
وقد عبرت غالبية المنظمات النسائية في مصر عن قلقها إزاء إنشاء هذا المجلس وذلك من خلال تحويل موارد الجهات الدولية المانحة له وبالتالي سيطرته على برامج المرأة عموما. لكن ما يقوض من استقلال هذا المجلس واستعداده لتوجيه الانتقادات علنا للقوانين أو السياسات المناهضة لحقوق المرأة، وجود مقره في مبنى المقر الرئيسي للحزب الحاكم في القاهرة...
قد نجد من التجربة المصرية الشيء الكثير من تجربتنا البحرينية الحالية على المستويين الرسمي والأهلي... فهم السابقون ونحن اللاحقون
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1019 - الإثنين 20 يونيو 2005م الموافق 13 جمادى الأولى 1426هـ