العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ

غالبية شعوبنا تعيش تحت خط الفقر

فضل الله في خطبة الجمعة:

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

قال السيد محمد حسين فضل الله في خطبة يوم الجمعة ان في العالم الإسلامي والعربي - لاتزال الغالبية الساحقة من شعوبنا تعيش تحت خط الفقر، في الوقت الذي يعيش فيه أكثر القائمين على الأنظمة أو المتحركين في دائرة امتيازاتهم في أعلى درجات الترف والغنى، على مستوى المليارات التي وضعت في خزائن ومصارف الدول الكبرى لتستثمرها في مشروعاتها الاحتكارية التي تضغط على الشعوب الفقيرة الباحثة عن فرص الاستدانة التي تفرض الشروط المذلة على تلك الشعوب.

ـوأضاف ان "في العالم العربي والإسلامي، يسيطر الاحتلال الوحشي على أكثر من بلد، وفي مقدمته فلسطين التي صادر اليهود أكثر أراضيها بطريقة رسمية، ولاتزال الأجزاء المتبقية منها في قبضة الاحتلال الذي يحاول تمزيقها ومصادرتها من أجل ألا تتحول الى دولة قوية منتجة فاعلة قادرة على الحياة، ولاسيما التخطيط لتهويد القدس وتشريد أهلها من المسلمين والمسيحيين، وتحويل المسجد الأقصى الى موقع يهودي بمختلف الوسائل... وذلك في خطة صهيونية لإيجاد سياسة فكرية لإقناع العالم بالشرعية التاريخية لليهود في فلسطين كوطن قومي على صعيد الأسطورة التي خضع الغرب لها، ولم يسمح لـه بمناقشتها علميا تحت تأثير اعتبار ذلك لونا من "معاداة السامية".

وقال: "إننا نواجه مخططا صهيونيا لإسقاط كل العناوين العربية والإسلامية في فلسطين، ولإنجاح الخطة اليهودية في مواجهة حركة التحرير الشعبي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال واعتبارها "عملا إرهابيا". ولعل الخطورة في هذه القضية أن الغرب الأميركي والأوروبي تحول الى فريق يحارب تطلع الفلسطينيين للاستقلال، ويمنع عنهم حقهم في تقرير المصير، ويتنكر لحقوق الإنسان عندما يعتبر فصائل الانتفاضة منظمات إرهابية.

وإذا كان هذا الغرب يطرح بعض الحلول كخريطة الطريق، فإنه يقدمها بطريقة سلحفاتية نفاقية خادعة تمارس الضغط على الفلسطينيين في خضوعهم للشروط الصهيونية في اعتبار المسألة أمنية لا سياسية، ولذلك فلم يتقدم الغرب السياسي خطوة واحدة نحو فرض الانسحاب على العدو".

وأكد فضل الله أن هناك أكثر من مشكلة داخلية فلسطينية في الفوضى الأمنية مما لايزال يربك الواقع الفلسطيني، مع بعض الأوضاع المعقدة في علاقة السلطة بالفصائل المجاهدة، ودخول أكثر من فريق دولي وعربي على خط المشكلات العالقة هناك، الأمر الذي يدفعنا الى توجيه النداء الى الشعب الفلسطيني إلى أن يكونوا الواعين لخطورة المرحلة على جميع المستويات، وأن يقلعوا أشواكهم المزروعة في ساحاتهم بأيديهم، وذلك في ظل صمت عربي مهين، وسكون إسلامي مخيف، وتآمر دولي خطير.

أما في العراق، فإن الدماء لاتزال تسيل أنهارا من خلال جنود الاحتلال من جهة، وإرهاب التكفيريين من جهة أخرى، وفوضى المسألة السياسية التي تتحرك في عملية إثارة طائفية في حصص التمثيل على صعيد سياسي أو قانوني في عملية صوغ الدستور، وخطة فيدرالية قد تتحول الى لون من ألوان الانفصال العرقي كما في المسألة الكردية.

إن الاحتلال الأميركي بدأ يقض مضاجع الرأي العام الأميركي الذي بدأ يطالب - ومن داخل الكونغرس - بتحديد جدول زمني للانسحاب، بفعل الخسائر الأميركية لجنودها بين قتلى وجرحى، بالإضافة الى الفشل السياسي للإدارة الأميركية التي زعمت أنها تقدم العراق كنموذج حضاري ديمقراطي، فتحول الى نموذج للفوضى الأمنية المدمرة للشعب كله.

وهذا ما نريد للشعب العراقي الجريح أن يدركه، ليبقى في وحدته الداخلية، وفي وعيه لخطورة الاحتلال على حاضره ومستقبله، ولينطلق الصوت واحدا في المطالبة بخروجه من العراق ليقرر العراقيون مصيرهم بأنفسهم، لأنهم قد بلغوا سنا الرشد وليسوا بحاجة الى من يدير لهم أمورهم، وليعلموا أن تماسكهم الداخلي لا يشكل ضمانة للعراقيين فقط بل للمنطقة العربية والإسلامية كلها، ليثبتوا أن الاحتلال لن ينجح في خطته الاستراتيجية للسيطرة على المنطقة باحتلاله السياسي والعسكري والاقتصادي. أما في لبنان، فإننا نلاحظ أن الدول الخارجية تخطط لمستقبله بعد انتهاء الانتخابات، لتفرض عليه إدارة مجلسه النيابي الجديد وحكومته المقبلة، ولتستكمل تنفيذ القرار 1559 في نزع سلاح المقاومة والمخيمات، تحت تأثير الضغط بربط المساعدات الدولية وغيرها بذلك، الأمر الذي قد يحول البلد الى ما يشبه الفوضى السياسية التي بشر بها الرئيس الأميركي الذي تحدث في مشروعه للمنطقة عن "الفوضى البناءة" التي تحولت في أكثر من موقع الى فوضى هدامة.

وهذا ما نلاحظه في الملاحقة اليومية لسورية في اتهامات لا تستند الى وقائع حقيقية ميدانية، بل الى تقارير صحافية لا تملك الكثير من التوثيق، لأن المطلوب - أميركيا - هو الضغط على هذا البلد العربي الذي أربك خطتها في انسحابه من لبنان.

إننا نطالب الذين انطلقت تحالفاتهم تحت عناوين وطنية أو عربية في المسألة السياسية أن يتحملوا مسئولياتهم في حماية بلدهم، وفي منع أية وصاية دولية جديدة، وفي الإخلاص لالتزاماتهم حيال الشعب اللبناني، وفي تحويل مواقعهم البرلمانية الى مراكز لدراسة البرامج التي تحل مشكلة الاقتصاد في المديونية وفي توفير الخدمات الحياتية، وفي التخطيط للمشروعات التي يشعر فيها اللبناني بالاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي يمنعه من الهجرة، وأخيرا أن يفكروا - من خلال ذلك - بدراسة الآليات الواقعية التي تحول العناوين الكبرى في بياناتهم الانتخابية الى واقع لبناء المستقبل

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً