انعقدت يوم الخميس في بروكسل قمة الاتحاد الأوروبي التي ينتظر منها أن تعالج جملة من المشكلات المتعلقة بقضية الاستفتاء على الدستور الأوروبي بعد الهزيمة التي تعرض لها هذا الدستور في فرنسا وهولندا، إضافة إلى موازنة الاتحاد للأعوام 2007 - 2013 وقضايا أخرى.
وتبدو أن مشكلة الموازنة مازالت تشكل اختلافا عميقا بين رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير من جهة وكل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني شرويدر من جهة أخرى.
وأبدى الرئيس الحالي لهذه الدورة جان كلود يونكر "لوكسمبورغ" تشاؤمه من عدم التوصل إلى اتفاق بسبب موقف بلير الداعي إلى الإبقاء على الخفض في مساهمة بريطانيا في هذه الموازنة.
لكن أطرافا أوروبية أخرى أبدت تفاؤلها المتحفظ بأن القادة الأوروبيين سيتغلبون على المشكلات التي يواجهها الاتحاد.
وتقول أوساط بريطانية إن التنازلات المتبادلة بين أطراف الخلاف ممكنة فيما إذا غير الاتحاد الأوروبي من سياسة تمويل المزارعين. وكان وزير الخارجية البريطاني سترو أشار إلى هذه القضية من قبل، معربا عن رأي الحكومة البريطانية التي ترى أن السياسة الحالية التي تتبناها فرنسا في الإبقاء على المستوى الحالي لتمويل المزارعين، سياسة غير عادلة، لأن البريطانيين يفقدون في مثل هذا الخيار نحو 42 في المئة من الموازنة الزراعية، علما بأن القطاع الزراعي البريطاني لا يضم سوى 5 في المئة من القوى العاملة البريطانية.
وأشارت المصادر البريطانية إلى أن انضمام الدول الأوروبية الفقيرة إلى الاتحاد الأوروبي سيكلف الدول الأصلية الصناعية ومنها بريطانيا أثمانا باهظة في المستقبل.
لكن بعض المنتقدين لموقف بريطانيا يشيرون إلى أنها تستحصل أموالا ضخمة على حساب أسواق البلدان الأوروبية الفقيرة التي انضمت حديثا إلى الاتحاد، وكانت بريطانيا رصدت العام 2007 - 2020 مبلغ مليار يورو لمساعدة البلدان الأوروبية الفقيرة، وهذا المبلغ بحسب بعض المعنيين بشئون الاتحاد مبلغ ضئيل للغاية. وتشير بعض المصادر إلى أن القمة الأوروبية قد تسعى إلى إيجاد حل وسط بين أطراف الخلاف، ولكن إذا تعذر الأمر، فإن الحل سيسلك واحدا من الاحتمالات الآتية:
- قد يلتقي قادة الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في نهاية يوليو/ تموز في اجتماع استثنائي لحل القضية عبر تنازلات جديدة متبادلة.
- قد يستمر التباحث بشأن الموازنة إلى نهاية العام الجاري وبإدارة بريطانيا التي ستتسلم قيادة الاتحاد في الأول من يوليو المقبل.
- إن فشل المباحثات في العام الجاري، سيقود إلى تأخير دفع الأموال المرصودة إلى الأعضاء الجدد من صناديق الاتحاد.
أما المشكلة المتعلقة بالاستفتاء على الدستور الأوروبي، فإنها يبدو أحدثت هي الأخرى خلافات جديدة في وسط القادة الأوروبيين، فرئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الذي أبدى عدم ارتياحه لنتائج الاستفتاء في فرنسا وهولندا، أشار إلى أن أوروبا تحتاج إلى بضعة أشهر للراحة والتفكير بعد رفض الفرنسيين والهولنديين الدستور، وبحسب رأيه فإن على الاتحاد أن يتوجه إلى حل القضايا الشاملة بروح التأني. وقد جمدت بريطانيا حاليا نيتها لإجراء الاستفتاء خوفا من رفض البريطانيين له.
ومن المؤمل أن يجرى الاستفتاء في لوكسمبورغ في العاشر من الشهر المقبل، لكن أصوات التحذير من إجرائه بدأت تتصاعد، في حين نشرت صحيفة "آيرش تايمز" الإيرلندية نتائج استطلاع للرأي أجرته بشأن الدستور الأوروبي، واتضح أن 45 في المئة من الإيرلنديين يرفضونه في حين يقبله نحو 34 في المئة. بينما 9 في المئة وقفوا على الحياد.
أما صحيفة "دير شبيغل" فقد أجرت هي الأخرى استطلاعا جديدا للرأي وتوصلت إلى أن 43 في المئة يقفون ضده بينما يؤيده 40 في المئة. لكن البرلمان الألماني سبق أن صدق على الدستور في 27 مايو/ أيار الماضي، أي قبل استفتاء فرنسا عليه بيومين، ورفضه الهولنديون بعد ثلاثة أيام من الاستفتاء الفرنسي.
ويبدو أن الأمور تجري بصعوبة لإقناع الشعوب الأوروبية بأهمية الدستور، فهناك ردة شاملة تجاه الاتحاد الأوروبي عموما، لأن معظم هذه الشعوب لم تلمس ثمة تغييرات جدية في واقعها الاقتصادي طوال عمر الاتحاد إلا بنزر يسير، لذلك فإن ردة الفعل ربما تتضاعف بعد انخراط المزيد من الدول الأوروبية الفقيرة في هذا الاتحاد
العدد 1016 - الجمعة 17 يونيو 2005م الموافق 10 جمادى الأولى 1426هـ