هل تعاني مجتمعاتنا الشرقية من اجترار سوداوي يصفه عالم النفس الكبير ميلاني كلاين بطغيان مشاعر الذنب الشديد على المريض.
أمراضنا الشرقية متشابهة ابتداء من المنزل، مرورا بالمدرسة وانتهاء بالوزارة. لا أحد يقبل النقد وكما يقول نزار قباني "لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية". التوظيف يكون بحسب معيار العرق والقبيلة والنسب، ولا تتعجب ان ترى أميا يتقلد منصبا رفيعا، وليس من الغريب عندما ترى خطيبا تلفزيونيا يقدم دروسا في التفسير وهو فاقد لابجديات قواعد اللغة فالمنصوب مرفوع والمفعول به فاعل. إذا كيف نحلم بديمقراطية قوية وبحكومة شعبية وبقضاء عادل وجامعة مزدهرة وصحافة حرة، ونحن إلى الآن لا نريد الاعتراف باخطائنا.
المشكلة أن كل واحد منا يحاول أن يعطي لنفسه أو لافكاره بعدا كونيا، إذا الديمقراطية ممارسة وليست شعارات على طريقة ما حدث في الكويت فهم مؤمنون بديمقراطية الرجال ويرفضون تأنيث الديمقراطية وبحجج واهية غير مقبولة. وخيرا فعلت الحكومة الكويتية حين راحت تصر على إعطاء المرأة حقها. عودا على بدء أقول: هناك معوقات كثيرة تؤخر تحديث أية دولة، منها الخيانة الاقتصادية فالنموذج ليس النهب المنظم للمال العام وكما قال جون آدامز "حكومة قوانين".
إلى الآن نعاني في عالمنا العربي من اقامة الحد على العبد الحبشي والغائه عن السيد القرشي. نحن بحاجة في مجتمعاتنا إلى اصطياد الخبرات كلها على جميع المستويات، ولنسأل انفسنا: لماذا ارتفع دخل الفرد في سنغافورة من 5000 دولار إلى 25000 في عقدين من الزمن؟
يجب علينا عدم إغلاق منافذ الفهم... يجب أن نفهم العالم بطريقة صحيحة، يجب أن نقلل من جرعات الشعارات. فالحديث يقول: "إذا غضب الله على أمة غلت أسعارها".
هناك حالة رجوع في العالم العربي حتى على مستوى الثقافة والإعلام في المحطات الفضائية عندما يشرف المطربون فيها على صناعة الثقافة حتى مطلع الفجر فيوم "الأخ الأكبر" ويوم "ستار أكاديمي".... الخ.
المناخ الفكري موجه نحو إيجاد مناخ ثقافي لتدمير القيم في نفوس هذا الجيل، لتدمير المناعة الأخلاقية ثم تدمير الارادة السياسية من مقال إلى إعلانات... الخ. حتى برامجنا أصبحت برامج سطحية تسطح الفكر.
إذا كيف سنكون قوة فاعلة في هذا العالم؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1016 - الجمعة 17 يونيو 2005م الموافق 10 جمادى الأولى 1426هـ