الاجتماع الذي عقد قبل ثلاثة أيام بين وفد أهالي المالكية والمواطن الذي شيد جدارا عزل فيه القرية عن البحر، يعتبر بادرة حميدة في السياسة البحرينية، كما أنها تؤكد حكمة جلالة الملك الذي لولاه لما تحركت المياه الراكدة منذ أن بدأ المشروع الإصلاحي العام . 2001 ولقد تعودنا من جلالته أن يكون رائدا في حماية مكتسبات الوطن الإصلاحية، وتدخل الديوان الملكي في أزمة جدار عزل المالكية هو الذي حرك المعادلة باتجاه حقوق الناس.
ومنذ الصباح الباكر يوم أمس بدأت رافعات ومعدات ثقيلة تزيل الصخر الكبير المحيط بالجدار، وهي تمتد نحو مئتي متر داخل البحر وحول الجدار العازل. وإزالة الصخر الكبير هي الخطوة الأولى لإزالة القسم المخالف للقانون في جدار العزل البالغ طوله نحو سبعمئة متر من حدود المزرعة إلى داخل البحر.
اللجنة الأهلية التي تابعت الموضوع منذ البداية تعقد اجتماعاتها الطارئة حتى بعد منتصف الليل، وذهبت أمس لمراقبة إزالة الدفن والصخر المحيط بالجدار، وهي تشعر بالفرحة بأن أوامر جلالة الملك باحترام سيادة القانون قد بدأ تنفيذها فعلا. واللجنة الأهلية ستواصل مراقبتها للوضع - كما أخبروني بذلك - حتى إزالة آخر صخرة وآخر قطعة حديد وآخر قطعة طابوق وضعت بعد حدود المزرعة وامتدت إلى الساحل وإلى داخل البحر.
اللجنة الأهلية تتكون من عضو مجلس الشورى سيدحبيب مكي هاشم وعضو مجلس النواب جاسم عبدالعال وعضو المجلس البلدي سيدأمير سلمان والشيخ حسن المالكي وكبار أهالي قرية المالكية الذين تضامنوا فيما بينهم وأعلنوا نهجهم السلمي وإصرارهم على تنفيذ حكم القانون وحفظ هيبة الدولة وسيادتها، وأدانوا أية محاولة لحرف المطالبة السلمية لإزالة الجدار نحو أعمال مخلة بالقانون.
إننا إذا أمام أنموذج راق من العمل المدني السلمي الملتزم بالقانون والمطالب بالحقوق المشروعة، وهذا هو الأسلوب المتحضر الذي يمكن لمن يتمسك به أن يصل إلى نتيجة تصب في صالح المواطنين وترفع سمعة الوطن عاليا.
البحرين هي المستفيدة الأولى من تنفيذ حكم القانون على الجميع بصورة متساوية، ومؤسسات حقوق الإنسان والمراقبون الدوليون سينظرون بعين التقدير إلى انفاذ القانون على الجميع. وكانت ورشة مجلس التنمية الاقتصادية التي عقدت في 24 فبراير/ شباط الماضي قد أشارت إلى أن أحد المعوقات أمام تنشيط المشروعات التنموية هو حكم القانون وإنفاذه على الجميع وتسهيل معاملات الناس، وإزالة ممارسة الفساد والتعدي على المال العام في جميع جوانب الحياة العامة. كما أشار تقرير التنافسية العربية الذي صدر عن منتدى دافوس في مطلع أبريل/ نيسان الماضي إلى أن أحد معوقات التنمية هو تنفيذ القوانين في البحرين، وأن على البحرينيين إزالة هذا المعوق لكي تستعيد البحرين ريادتها الخليجية كما كانت في الماضي.
لقد كانت - ولاتزال - حكمة جلالة الملك هي المنقذ للكثير من الأمور التي واجهتنا إلى حد الآن، ونأمل من أصحاب النفوذ أن يكونوا عونا للإصلاح، وأن يمارسوا نفوذهم بطريقة يذكرهم الناس بعد ذلك بالخير، وفي ذلك صلاح وإصلاح للجميع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1014 - الأربعاء 15 يونيو 2005م الموافق 08 جمادى الأولى 1426هـ