الحديث مع الأسيرة الفلسطينية المحررة سعاد غزال، التي غادرت أرض المملكة يوم أمس، كان حديثا ممتعا. .. حديثا يأخذ بروح سامعه إلى أرض القداسات والديانات، حيث تسمع آهات الفلسطينيين وتمزق جراحاتهم في نبرات صوت سعاد.
هي لم تتجاوز الحادية والعشرين عاما، إلا أن ثقافتها العالية جدا بكل شئون قضيتها الوطنية أمر ملفت، هذا على رغم أنها لم تكمل الثانوية بسبب القبض عليها وهي في الخامسة عشرة من العمر، بعد أن طعنت مستوطنة صهيونية بسكين العام 1998م، بعدما شاهدت مصــادرة الاحتلال لأراض شاســـــعة. قضت ست سنوات وبضعة أشهر في سجون العدو، ولم تذق طعم الحرية إلا قبل أشهر قلائل، وها هي تسعى مع آخرين إلى تأسيس جمعية الأسرى المحررين.
للوهلة الأولى تشعر أن هذه الفتاة لم تفقد طموحها ولم تستكن على رغم ما عانته في سن مبكرة، كما تلحظ أنها تبحث عن مكانة فلسطين في عيون من رأتهم، غزال تعجبت حينما علمت بالكم الهائل من التعاطف الذي ساد الشارع البحريني مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وخصوصا ما حدث عند السفارة الأميركية، ملامحها تغيرت حينما علمت عن سقوط الشهيد محمد جمعة في ذلك اليوم، ربما شعر الكثيرون ممن التقتهم غزال أنها يجب أن تبقى في البحرين لمدة أطول، فمن الواضح أن لديها حديثا طويلا عن فلسطين، ربما تمنى كل من التقاها أن تصبح فتياتنا بجديتها وثقافتها وقوتها. قالت سعاد قبل أن تغادر " إذا رفع أحدهم ضدك السلاح، فيجب أن تعرف كيف تجعل السلاح المصوب نحوك يدافع عنك". وفي هذا القول إشارة واضحة إلى قدرة الضحية على جعل نقطة قوة خصمه لصالحه، كلمة تحوي عمقا، وتجعل المرء يتأمل كيف تصنع الصعاب من فتاة صغيرة السن، مشعلا حقيقيا للوطن وللإنسانية، بينما تنشغل الكثير من مثيلاتها العربيات بالمكياج والموضة، والبلوتوث
العدد 1013 - الثلثاء 14 يونيو 2005م الموافق 07 جمادى الأولى 1426هـ