في الجواب على رد وزارة الشئون الاجتماعية المتمثل في مدير إدارة الرعاية والتأهيل الاجتماعي، الذي نشرته "الوسط"، أود تأكيد عدة نقاط: الكاتب الصحافي بطبيعة الحال قلمه يتجول من مكان إلى مكان، فيتناول قضايا جميع المؤسسات والوزارات، بحثا عن الحقائق وليس بحثا عن العناء والشقاء، وبالتالي لا شيء يعادل الوقوف على قضايا المجتمع. وكعادتي في طرح القضايا أحاول أن أحلل جوانبها وأقدم الحلول والمقترحات، أو أعهد إلى إيصال رسالة إلى المختصين وأصحاب القرار، ملتزمة في ذلك الصدق والدقة والموضوعية قدر الإمكان، وبحسب المعلومات المتوافرة. وهذا ما أكدت عليه عند طرحي لهذا الموضوع تحديدا، وتوجد لدي الوثائق والحقائق التي تؤكد صدق ما كتبت.
إن ديننا الإسلامي الحنيف أكد جملة من المبادئ الأخلاقية ومن بينها الصدق، والكثير من الناس يدعي الالتزام الديني ولكنه لا يلتزم بقول الحقيقة والصدق في القول والفعل، وهذا ليس غريبا علينا، ومن خلال ممارساتنا الحياتية يتكشف لنا الكثير من الأمثلة وبالتالي لا يعد ذلك مسوغا مبررا لنفي السلوك.
وأعجب كثيرا لغلبة لغة الانفعال على رد وزارة الشئون الاجتماعية، إذ وصف الكاتبة بالافتراء، مع لهجة التأكيد أن الغرض من المقال التشهير والتهجم الجارح على العاملين بالمركز! أتعجب من ذلك كثيرا فكيف يصف مقالي بكل تلك الأوصاف، وهو يستخدم المعاني نفسها! "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟".
ثم إنني لا أشعر بالذنب لكوني استمعت إلى طرف واحد في الموضوع لكوني كاتبة صحافية، ويمكن الاستماع إلى الأطراف الأخرى لتقول كلمتها، ثانيا أنا لست قاضيا لكي أستمع إلى الأطراف مجتمعة في القاعة نفسها، ولا ضير في ذلك، ثم ان الأمر الآخر والأهم، إنني لا أعرف الأخ سلمان درباس ولا الأخ محمود الظاعن ولم أتعرف عليهما إلا بعد الحديث الذي دار بيني وبينهما على الهاتف بعد قراءتهما للمقال، وبالتالي لا مواقف شخصية في الموضوع حتى يتحدث أحد عن "التصيد بالماء العكر". فالروابط محكومة بالاحترام والتقدير، ولدي بعض الملاحظات أسوقها للقاريء، إذ دار حديث مع الأخ سلمان درباس لم يتسم بالحوار مطلقا، إذ كان يغلب عليه لغة الانفعال وعدم الاتزان تماما كما كان في رده الرسمي.
ورد وزارة الشئون الاجتماعية جاء بلغة منفعلة جدا، وفيها اتهامات كعدم الدقة وعدم الموضوعية وعدم الصدقية في الطرح وعدم الالتزام بالأعراف الصحافية! وبدوري أقول: "هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، ودليلي على صدق ما أدعي سيكون مرفقا مع رد والدي الطفل، إذ أصروا على الرد على رد وزارة الشئون الاجتماعية باعتبارهم طرفا أساسيا في القضية. والمؤسف أن الوزارة تكرمت في الرد على المقال ولكنها انصرفت عن النقطة الجوهرية في الموضوع، وبالتالي لا فائدة ترجى من ذلك الرد، إذ إن أهم نقطة وردت في المقال أن الطفل قد تعرض إلى وضع مرتب من قبل الوزارة بقصد إبعاده عن المركز، ولم يطرحوا هذا الأمر بشفافية مع والديه، بحجة أنهم استحدثوا نظاما جديدا للعقاب وبالتالي وجب أن يكون بعد فترة العقاب التي ستستمر إلى يومين أو ثلاثة أيام لابد أن يكون هناك عودة لمعرفة مدى استفادة الطفل من العقاب وحصد النتائج لا تركه معلقا لفترة ما بعد الإجازة الصيفية، وهو ما يوضح أن هناك تخبطا واضحا في سياسة المركز.
اتهمني رد الوزارة بأنني وقعت في مطب المغالطات والمساس بالشخوص، وأنا أتفهم جيدا دوافع هؤلاء فهم في موقع لا يحسد عليه، ولابد لهم أن يبرروا موقفهم، على أن يبتعدوا عن المغالطات.
في النهاية لا أشكك في الجهود التي تبذل في سبيل خدمة هذه الفئات عموما وفي الإجراءات التي تبذل في سبيل مساعدة الحال التي تحدثت عنها، ولكن أشهد بأنه يفتقر لوجود برنامج زمني واضح للتعامل مع هذه الحال والحالات الأخرى. وبطبيعة الحال لابد أن يكون جميع العاملين في المركز تحت خدمة هؤلاء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعد ذلك تكليفا وطنيا لا تفضلا عليهم، ويجب أن يتسم بالإخلاص والصدق. ولا تنسوا أن لوالدي الطفل ردا عليكم ان تقرأوه... فاسمعوا والدة الطفل ماذا تقول عن ردكم.
تعقيبا على رد وزارة الشئون... أود أن أعقب بالنقاط الآتية:
أولا: أشكر التجاوب السريع من طرف وزارة الشئون الاجتماعية، إلا أنني أؤكد لمدير إدارة التأهيل أن ما ذكر من حقائق ووقائع في مقال الكاتبة سكينة العكري صحيحة ومطابقة تماما للواقع، وأنني أخبرتها بكل تلك الحقائق والوقائع المرة التي حدثت لي ولطفلي في وزارة الشئون وتحديدا في مركز التأهيل. كما أؤكد وجود كل ما يثبت تلك المعلومات من وثائق ومستندات تثبت تلكؤ الوزارة - ممثلة في مركز التأهيل - عن استيعاب ابني. كما أن هناك عددا من الشهود ممن عايش حال ابني قبل وحين التحاقه بالمركز. من هنا، فإنني استغرب هذا النفي القاطع والجازم من أولئك الذين كانوا في محور الحدث وهم يعرفون متى وكيف حصل كل شيء.
ثانيا: مع كل الاحترام والتقدير لجهود العاملين والمسئولين في مركز التأهيل ومن يشرف عليه في الوزارة، إلا انه وبعد تاريخ 11 مايو / أيار 2005 تبين لي العكس، وذلك بسبب الكذب الذي مارسوه علي كولي أمر، حينما أخبروني بعدم ضرورة حضور ابني إلى المركز بعد ذلك التاريخ، بادعائهم توقف الدراسة، في حين أن الدراسة استمرت إلى ما بعد هذا التاريخ قرابة الشهر تقريبا، ما يعني بقاء ابني في البيت كل تلك المدة! وعجيب أن ينكر مدير الادارة ذلك وهو الذي يصر على إشراف وزارة الشئون الاجتماعية المباشر والدقيق على كل ما يدور في المركز ومتابعتهم له! فأين هو مما حصل؟ ألا يعلم بأن هذا يعتبر جريمة تربوية وأخلاقية بحق طفل ليس له ذنب سوى أنه وضع بين أناس ليسوا أهلا لتلك الأمانة التي أودعهم الله وولي الأمر عليها! إنني لأستغرب فعلا تسطيح مدير الادارة لتلك الحيثية التي تعتبر نقطة جوهرية تعبر بجلاء عن واقع الممارسة الاجتماعية والمهنية التي يتعامل بها مع رواد ذلك المركز.
ثالثا: ورد في رد الوزارة بأن تعامل أسرة الطفل معه كان متناقضا بين التدليل حينا والشدة حينا آخر، ولنا هنا تعليق على ذلك بأنه لا يحق لمدير الادارة أن يصادر أسلوب وطريقة معاملتنا لابننا مثلما فعلوها في مركز التأهيل، إذ ان هذا الموضوع أولا وأخيرا لا يخصهم في شيء، كما أننا كتربويين نعرف أن التوازن في المعاملة هي خير وسيلة للتعامل مع الصغار. كما أن ديننا الحنيف يأمر بذلك من حيث الشدة حينا واللين حينا آخر. وهذا دليل آخر على جهل بعض العاملين في الوزارة بكيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في تلك المراكز.
رابعا: أود أن اطمئن مدير الإدارة بأن رسالتي جاهزة لتقديمها إلى وزيرة الشئون الاجتماعية فاطمة البلوشي، وكان ذلك منذ مدة إلا أنني تريثت في الأمر لحين تدارك الموضوع وتصحيح الوضع، والتأكد من صحة المعلومات التي تم توثيقها واستيضاحها، إلى جانب جس نبض هؤلاء المعنيين بالأمر ومعرفة حقيقة مواقفهم، والذي اتضح مع الأسف من خلال ردهم على المقال المذكور آنفا.
وختاما، فإنني إذ استقبل هذه الردود بكل حزن واستغراب، فإنني أؤكد أنني ماضية في سبيل حصول ابني على ما يستحقه من عدالة اجتماعية يكفلها القانون والدستور في هذه المملكة الحبيبة. وهو ما سيحدث بفضل الله وتوفيقه على رغم محاولات التحريف من مسئول هنا والتزييف من مدير هناك.
وإذ أشكر كاتبة المقال على تعاطفها وأمانتها في سرد جميع الحقائق التي وردت في المقال، فإنني أشهد بما لها من أمانة وموضوعية في تناولها للموضوع.
أم يعقوب
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1013 - الثلثاء 14 يونيو 2005م الموافق 07 جمادى الأولى 1426هـ